أفادت تقارير متواترة بأن عشرات القتلى والجرحى سقطوا بالرصاص في الاحتجاجات غير المسبوقة التي وقعت أمس في عدد من المدن الليبية خاصة في شرقي البلاد في إطار ما سمي "يوم غضب", بينما استؤنفت المظاهرات في بنغازي اليوم الجمعة.
وكانت تلك الاحتجاجات قد بدأت قبل ثلاثة أيام, ورُددت فيها لأول مرة هتافات تنادي برحيل الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يحكم ليبيا منذ 42 عاما, وبإقرار دستور للبلاد.
وانطلقت الاحتجاجات من شرقي ليبيا وتحديدا من بنغازي (ألف كيلومتر شرق طرابلس), وقابلتها مظاهرات مؤيدة للقذافي خاصة في العاصمة طرابلس.
وتطورت الاحتجاجات -التي بادر بالدعوة إليها ناشطون على المواقع الاجتماعية مثل فيس بوك ضد الفساد وسوء الأحوال المعيشية- إلى مواجهات دامية بدأت في بنغازي, وانتقلت شرارتها إلى مدن البيضاء وأجدابيا ودرنة حيث أحرقت مقار أمنية وأخرى تابعة لأجهزة مؤيدة للنظام مثل اللجان الثورية.
حصيلة ثقيلة
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد أوردت أن 11 شخصا قتلوا في شرقي ليبيا، بيد أن مصادر أكدت للجزيرة نت أن حصيلة الضحايا أكبر بكثير, فيما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن ما لا يقل عن 24 شخصا قتلوا حتى الآن.
وأوردت منظمات حقوقية ليبية ومواقع ليبية معارضة منها موقع ليبيا اليوم أن ما لا يقل عن 14 شخصا قتلوا في مدينة البيضاء القريبة من بنغازي, في حين تحدثت مصادر أخرى للجزيرة نت عن سقوط ما لا يقل عن 35 قتيلا بالإضافة إلى مائتي جريح غصت بهم أروقة المستشفى المحلي.
وسقط الضحايا الجدد في البيضاء أمس عقب مسيرة تشييع جنازتي قتيلين سقطوا برصاص الأمن في المدينة مساء الأربعاء، بعد حرق مقار حكومية وأمنية بالمدينة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر طبي في بنغازي أن سبعة قتلى سقطوا أمس بالرصاص في المدينة الساحلية التي شهدت وقفات احتجاجية بينها وقفة للمحامين والقضاة رفعت مطالب منها وضع دستور للبلاد.
وتواترت أنباء عن إرسال السلطات الليبية كتائب أمنية تضم في صفوفها عددا كبيرا من ذوي الملامح الأفريقية إلى بنغازي وأجدابيا والبيضاء في محاولة لإخماد الاحتجاجات.
وقالت مصادر للجزيرة نت إن تلك الكتائب أطلقت النار بشكل عشوائي على المتظاهرين في البيضاء، مما أدى إلى إصابة المئات, مشيرة إلى أن من بين القتلى الذين سقطوا أمس طفلا يدعى صفوان عطية صالح قتل بالرصاص عندما دهمت عناصر أمنية أحد المساجد.
وكان شهود أبلغوا الجزيرة نت بأن عشرت القتلى والمصابين سقطوا في بنغازي خاصة في شارع جمال عبد الناصر. وقالوا إن من بين القتلى سيدة أصيبت بالرصاص في منزلها.
وأذيعت على الإنترنت مقاطع مصورة لعدد من الشباب الذين قتلوا في بنغازي وأجدابيا والبيضاء, كما نشرت قائمة بأسماء الضحايا.
وفي أجدابيا بضواحي غرب بنغازي, قال الصحفي منصور عاطي للجزيرة نت إن أربعة قتلى وجريحا سقطوا في اشتباكات بين المتظاهرين ورجال الحرس الثوري بعدما تمكن المحتجون من إحراق مبان حكومية.
ووفقا لمقاطع مصورة أخرى أذيعت أيضا على الإنترنت, أضرم متظاهرون النار في مقار أمنية وأخرى للجان الثورية وأجهزة أخرى تابعة للنظام بالمدن التي تشهد الاحتجاجات.
رقعة الاحتجاجات تتوسع
ووفقا لمصادر ليبية, فإن وحدات من الأمن المركزي في شرقي ليبيا رفضت إطلاق النار على المتظاهرين بل وساعدتهم على طرد الفرق الأمنية "الأفريقية" التي قيل إنها استقدمت مع "بلطجية" مسلحين.
وأمضى مئات المحتجين الليلة الماضية في ساحات أجدابيا والبيضاء وبنغازي استعدادا لمظاهرات جديدة. وقد استؤنفت المظاهرات بالفعل اليوم قبل صلاة الجمعة في بنغازي.
وقال الصحفي عاطف الأطرش للجزيرة إن السلطات تفرض تعتيما على الأحداث بعدما اعتقلت عددا من الصحفيين في مدينة بنغازي.
وذكرت أنباء أن الاحتجاجات امتدت إلى مدن أخرى منها الكفرة والزنتان التي شهدت مواجهات أحرق خلالها محتجون مركز للشرطة ومحكمة. وتستمر الاحتجاجات رغم ما تردد عن إرسال القذافي مبعوثين إلى مناطق التوتر.
دعوات دولية
وبينما يتوقع أن تستمر الاحتجاجات اليوم, دعت عواصم غربية ليبيا إلى الكف عن استخدام القوة ضد المتظاهرين.
وقالت الولايات المتحدة إنه يتعين على السلطات الليبية الاستجابة إلى مطالب المحتجين بالإصلاح السياسي.
وحثت فرنسا من جهتها طرابلس على وقف الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين.
من جهتها, طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش ليبيا بوضع حد لاستهداف المتظاهرين, وفتح تحقيق مستقل في عمليات القتل.