10 عوامل لسقوط مبكر
منى صفوان
النظام في صنعاء، لا يتمتع بتماسك سياسي، كما كان النظام المصري ، الذي انهار بشكل تدريجي، و كان هناك انتظار و توقع لتوقيت سقوطه، و السقوط الدراماتيكي المتدرج، ليس من نصيب النظام اليمني.
ففي صنعاء، الأمر يخرج عن المسار المتوقع، وحجم المفاجآت سيكون اكبر. فالنظام لا يعتمد هيكل سياسي منظم، يمكن من خلاله التنبؤ بمراحل سقوطه.
لذا يؤهل لانهيار سريع ، و سقوط مفاجئ، في وقت سنعتقد فيه أن الثورة عليها أن تأخذ زمنا أطول، ومن العوامل التي قد تؤدي لهذا السقوط بحسب التصاعد الزمني:
1- الإعلان الرسمي عن الثورة:
الإعلان الرسمي للثورة التي بدأت شبابية ، كان الشرارة التي بادرت برفع سقف المطالب، وزادت من إرباك النظام.
فالاحتجاجات السلمية و المظاهرات كانت اليمن و عاصمتها تعرفها منذ سنوات، و ساهمت في نضوج هذه الثورة، و الجديد الآن، أنها لأول مره ترفع سقف المطالب، لتطالب بإسقاط النظام، و جرأتها هذه المرة بعد ثورتي مصر و تونس، يعني أن الهيبة الرئاسية سقطت، و سقوط الهيبة الرئاسية بيد الشعب، يعني سقوط النظام.
2- حنكة اللقاء المشترك
المشترك ليس متخاذل و لديه موقف لكنه يعمل من خلف ستار، واستخدم الضغط السياسي، من خلال الحوار، ورقة مهمة سياسيا الى جانب الضغط الشعبي، و بذلك يزيد من كان الآن إرباك النظام، و لأنه أيضا، يسمح للثورة بالتحرك بحرية مستمدة شرعيتها من الشعب. فلو كان المشترك هو من بارد بالهبة الشعبية، كما أعلن سابقا، لما كان هذا في مصلحة الثورة، كونه القوة السياسية المعارضة ، التي لها مصلحة سياسية في إسقاط النظام، ولا تعبر عن كل القوى الشعبية، ولن تلتف ورائها القوى الدينية و السياسية و القبيلة، كما يحدث الآن خلف الثورة في الشارع، لكن بقاء المشترك في الخلف، و ظهور حنق شعبي ضده لأنه لم يتحرك بشكل مباشر، هو لصالح الثورة الشعبية و شرعيتها.
فمع المشترك كانت الثورة ستبدو انقلابا سياسيا يفقد التعاطف، وسواء المشترك فعلها بقصد أم لا، فانه في كل الأحوال سياسي محنك، خاصة ان على رأسه سياسي مخضرم ك"ياسين نعمان"، و شيخ له شعبية ك"حميد الأحمر. و يبقى منتظرا من المشترك إسقاطه لورقة الحوار، و تلاحمه مع الشارع، وهذا متوقع قريبا، بعد أن يرغم النظام على تقديم تنازلات سياسية ، و تفكيك النظام العائلي سليما لصالح الثورة.
3- الحوثي و الحراك
التمرد في صعده كان قد اسقط جزءاً كبيراُ من شرعيه الدولة، خلال سنوات في شمال الشمال، و كان إلى جانب الحراك الجنوبي، في ذات التوقيت، يضعف الدولة المركزية في صنعاء، و يربكها أمنيا، و لم تكن قادرة على التصدي ، و الآن لم تعد تقدر على مواجهه كل هذه الجبهات ، خاصة بعد أن أعلن كلاهما وقوفه إلى جانب الثورة الشعبية و المطالب المشروعة لها، و بهذا فمن المرجح أن تجتمع هذه القوى السياسية، تحت غطاء مطلبي و احد وهو، إسقاط النظام.
4- الاعلام
نشر الفضائع، يؤدي لمزيد من التعبئة، و الاعلام الذي يقوم بهذا، يعجل بالسقوط. و لدينا المواقع التفاعلية على شبكة الانترنت، التي تصاعدت و تيرتها مؤخرا مدشنة حربا الكترونية إعلامية. و هناك الاعلام الداخلي، كإعلام المشترك على رأسه قناة "سهيل" التي ستحصد منذ الآن أعلى نسبة مشاهده يمنية، ليقوم الاعلام الحكومي و الخاص الموالي "كالعقيق" و "السعيدة" بجريمة إعلامية.
و أما الصحف و المواقع الإخبارية، التي تتميز بالنقل السريع للأحداث، فستصبح مصدر للأخبار. كالتغيير نت و المصدر اون لاين و مأرب برس و الحدث، فالإعلام الذي يرفع سقف النقد، ينتصر للشارع و للمطالب الشرعية، يسهم في السقوط، أما الاعلام الخاص الحكومي الذي يعتقد انه على الحياد، و يمسك العصا من النصف ليرقص على الحبل، فانه هذا يقوم كإعلام الحزب الحاكم بدور معادي لتطلعات الشعب، و هو بذلك يسهم في السقوط الشرعي للنظام، و في سقوطه الإعلامي.
و هناك الاعلام الخارجي، و على رأسه قناة "الجزيرة" التي ستنتصر للثورة اليمنية كما انتصرت للثورة المصرية و التونسية، و كون الجزيرة ستقف بثقلها مع الثورة، فان هذا سيسرع بالأمر، حتى وان أراد النظام، تمييع دور الجزيرة بإظهار وجهه النظر الأخرى من خلال استضافه ممثلي النظام في الجزيرة، فان هذا يسهم في تعرية النظام و فضحه.
5- الضغط الدولي و الحقوقي
المنظمات الدولية و المحلية، من خلال التقارير الدورية لرصد الانتهاكات، شكلت قوة ضغط و سلطة خامسة، إلى جانب الاعلام، لدعم المواقف السياسية الداخلية و الخارجية، التي ستجعل ظهر النظام مكشوفا، وأما عذره الدولي، في انتهاك الحقوق و القمع، بسبب الحالة الأمنية، أو بان هناك خطر على أمريكا و المجتمع الدولي، سيضعف الآن، حين يعرف أن الخطر ليس سوى النظام المتخلف في اليمن، الذي كان يحمي و يرعى قوى الإرهاب و على رأسها القاعدة، التي ستختفي تماما.
و إن حاول النظام إظهار القاعدة في هذه الظروف كفزاعه يخيف بها أمريكا من السيناريو المحتمل إن غادر، فان هذه الورقة ستؤلب ضده القوى الداخلية و الخارجية، كما إنها ستعمد على مزيد من الإرباك الأمني هو في غنى عنها الآن، فهو لا يحتمل أن يفتح جبهات أخرى أمامه، غير التي فتحت من تلقاء نفسها.
6- حشد القبائل
النظام اليمني يتكئ على مسندين: الأول هو القوة الدينية و الثاني هو القوة القبلية، وهو يتكئ على القبيلة بكتفه الأيسر، و مرشح أن يخلع هذا الكتف، بعد إعلان "مجلس التضامن" وهو شبيه باتحاد للقبائل اليمنية، وقوفه بجانب الثورة و مطالبها المشروعة.
فبينما كان النظام يحشد القبائل، الذين يعدون من أكثر المتضررين من حكمه، كانت هناك قوى معارضة تقوم بذات الفعل، و إن كانت حاشد هي اكبر القبائل، قد أعلنت موقفها الصريح مع الثورة، فهذا يعني أن المظاهرات نضجت لتصبح ثورة شعبية فعلا، وان النظام لم يعد يجد شيء يستند عليه، و أن مغامرته بإشعال حرب قبلية لن تكون في صالحه بل ستجعل سقوطه بيد شيوخ القبائل.
7- القوى الدينية
والقوة الدينية بالذات السلفية، التي يقودها عبد المجيد الزنداني كانت قد شرعت للنظام الكثير من الأعمال السياسية و الحروب الأهلية، و لكن هذه المرة بينما كان ينتظر النظام فتوى من الزنداني صاحب القاعدة الشعبية الأكبر، تحرم التظاهر و الخروج عن طاعة ولي الأمر، فانه يجتمع بعلماء الدين الممثلين لكل التيارات الدينية، و يعلن موقف موحد ضد قتل و قمع المتظاهرين، و يعطي للمظاهرات الغطاء الشرعي الذي كان ينقصها، ليزيد تعاطف الشارع مع ثورة الشباب.
وهذا يرجح أن تقوم حرب إعلامية دينية بين النظام و علماء الدين سيخسرها النظام، لأنه بلا شعبية دينية ، وان خسر الورقة الدينية فهذا يعني انه خلع كتفه الأيمن كذلك.
8- أخطاء النظام
الأخطاء السياسية التي بدأت قبل بدء الثورة الشعبية، بتقديم التنازلات منذ اندلاع الثورة المصرية، و تقديم الوعود دون تنفيذ، يزيد من الخصوم السياسيين. وعلى الصعيد الميداني، هناك القمع الهمجي الذي ينفذه ثم ينكره، و طريقة البلاطجة، تدل على تخبط النظام و استخدامه للورقة الأخيرة التي كان من المفترض أن تأتي بعد نفاذ الطرق الأخرى، و إثارة الفتنه الطائفية و المناطقية، يؤلب عليه الأنصار المحتملين، و يجعل تعاطف الشارع ضده. و سيزيد أيضا من وحده النسيج الوطني.
و تجدر الإشارة، إلى أن النظام المصري الذي استخدم قبل سقوطه طريقة المسيرات المؤيدة، و البلاطجه، و التي أدت الى انهيار نظام مبارك، و زيادة تعاطف الناس مع الثورة، جاء بناء على نصيحة يمنية، و تطبيقا للنموذج اليمني، كما ورد في تقرير لوزارة الداخلية المصرية، و إن كان النموذج اليمني قد فشل في مصر، و يعاد العمل به مره أخرى هنا دون الاستفادة من التجربة فهذا يعني أن النظام يحاول كسب الوقت قبل انهياره.
9- انقسام المؤتمر
قريبا ستبدأ هذه الانقسامات التي حدثت بالفعل بالظهور، فهناك الآن تنافس على من يثبت ولائه للرئيس و يحقق مكاسب مادية و سياسية في المؤتمر. والأمر بدا باستقالة نائب مؤتمري الآن، كان هو إكمال لما بدأ منذ سنوات ، و لكنه سيزيد كثافة الآن، و سيكون الصراع بين عقلاء المؤتمر، و هم قلة، و بين من يقودون القمع البلطجي, و سيسهم هذا في انهيار الحزب الحاكم. و موته سياسيا.
فهذه الصراعات الداخلية ستفضح المؤتمر انه ليس كيان سياسي متماسك، و انهياره سيعني انه لم تعد هناك قوة سياسية تحكم البلاد.
10 – الجيش
لحد الآن الجيش اليمني لم يعلن تواجده على ساحة الحدث، بشكل واضح، و الجيش اليمني لا يتمتع بشعبية كبيرة، ولا يمتلك تاريخ مشرف، و النظام لم يستخدمه بعد بشكل صريح. و هنا تعقد عده احتمالات: فإما أن يستخدمه ضد المظاهرات التي سيسميها "انقلابا داخليا" كما جاء في خطاب الرئيس، بالتالي سيكون على الجيش التصدي لهذا الانقلاب، و هكذا سيعلن نهايته، كون هذا التدخل السافر سيعني انتهاء النظام بشكل إجرامي، و تورط يدينه المجتمع الدولي، لأنه تجاوز خط احمر، و ربما سيعني تدخل دولي لإنهاء هذه الجريمة.
أما الاحتمال الثاني سيكون، أن فكر الرئيس بتقديم تنازلات على مستوى الجيش، كما تطالب المعارضة من قوى سياسية و دينية، ليهدئ العاصفة، و إن عمل على تنحية أقاربه، فانه يعمل على قصقصة ريشه بنفسه، لان الجيش أن أصبح مؤسسة مستقلة، فلن يقف معه، هذا إن قبل أقاربه مسالة التنحي. فمن يقومون على المؤسسة العسكرية من أفراد أسرته و ليسوا موظفين يضعهم و يبعدهم متى أراد، بل هم قوة حقيقة تفوق قوة الرئيس، و إن شعروا انه يضحي بهم من اجل أن يستمر هو، فهم من سيقودون انقلابا عسكريا عليه، مدعيين أنهم يقفون مع مطالب الشعب ليخرجوا من مأزق سقوطهم بسقوط النظام، ولكن قبل أن يظهروا كأبطال، سيكون هناك صراع عسكري، بين تيارات الجيش، مع و ضد الرئيس، سيعمل على إسقاط و التخلص من القوى التي يرتكز عليها النظام. أي في كل الحالات لن يكون استخدام ورقة الجيش في صالح النظام، بل سيعني انهياره بالقوة.