شارك مئات آلاف اليمنيين أمس في تشييع جثامين 52 مواطناً سقطوا في مذبحة يوم الجمعة الماضي التي تعرض لها المحتجون في «ساحة التغيير» بوسط العاصمة صنعاء حيث يعتصم عشرات الآلاف من الشبان المطالبين بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي أقال امس الحكومة التي يرأسها علي محمد مجور وكلفها تسيير الاعمال الى حين تشكيل حكومة جديدة.
ومنذ الصباح الباكر توافد الآلاف تباعاً الى «ساحة التغيير» والشوارع المحيطة بها من كل الاتجاهات للمشاركة في التشييع الذي لم يسبق له مثيل في اليمن، وسط أجواء من الغضب العارم عبر عنه المشيعون بشعارات ولافتات حملت إدانة للرئيس صالح وأركان نظامه واتهمتهم بارتكاب مجزرة ساحة التغيير وطالبت برحيلهم فوراً.
وأم المشاركين في صلاة الجنازة القاضي محمد الشامي، الزعيم السابق لحزب «الحق» المعارض الذي قتل أصغر أولاده في مذبحة الجمعة. واستمرت مراسيم التشييع أكثر من ساعتين، ولوحظت مشاركة وفود ضخمة من مختلف المحافظات اليمنية التي ينتمي إليها الشهداء الذين لفت جثامينهم بالعلم الوطني في حين كانت منصة «ساحة التغيير» تعج بالخطباء الذين عبروا عن مشاعر الغضب في هذا اليوم الأليم في تاريخ اليمن الحديث.
وتولت قوات تابعة للفرقة الأولى المدرعة برئاسة اللواء الركن علي محسن صالح، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، حماية مراسم الجنازة، ونشرت آلياتها ودورياتها عند مداخل ساحة الاعتصام ومخارجها والشوارع المحيطة بها بعد انسحاب مفاجئ لقوات الأمن المركزي وشرطة مكافحة الشغب والمسلحين المدنيين.
وعلمت «الحياة» في صنعاء من مصادر متطابقة أن الرئيس صالح باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة كلف الفرقة الأولى المدرعة التي تعتبر من أفضل فرق الجيش اليمني، حماية المعتصمين وأمر بسحب قوات الأمن المركزي وقوات الشرطة أفراداً وآليات من المواقع التي كانت تطوق الساحة.
وقوبل هذا الإجراء بترحيب أحزاب المعارضة وجموع المعتصمين نظراً للسمعة الطيبة التي تحظى بها الفرقة وقائدها، خصوصاً أن المعتصمين لم يتعرضوا لأي اعتداء أو محاولة اقتحام طيلة الأسابيع الماضية من الجهة الشمالية التي كان يتولى حراستها جنود من الفرقة المذكورة.
إلى ذلك تواصلت أمس بيانات الاستقالة التي تقدم بها مسؤولون في الحكومة وصحافيون وشخصيات اجتماعية وأعضاء في المجالس المحلية وديبلوماسيون من مناصبهم ووظائفهم الحكومية وعضوية الحزب الحاكم، وأعلان انضمامهم لثورة التغيير وساحات الاعتصام في صنعاء والمدن الأخرى احتجاجاً على مذبحة الجمعة.
وأعلنت وزيرة حقوق الإنسان الدكتورة هدى علي البان استقالتها أمس، بالإضافة إلى وكيل الوزارة علي صالح تيسير ومدير مكتب الوزيرة عادل محمد اليزيدي، في حين أعلن مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله الصايدي استقالته من منصبه احتجاجاً على ممارسة العنف ضد المتظاهرين.
وكان وزيرا الأوقاف والسياحة استقالا في وقت سابق من منصبيهما وعضوية الحزب الحاكم، في حين سبق استقالة وزيرة حقوق الإنسان بيان للوزارة حول مذبحة الجمعة دان بشدة ما تعرض له المعتصمون المسالمون واعتبره «جريمة ضد الإنسانية» وطالب بالتحقيق فوراً مع المسؤولين عن ارتكابها مهما كانت مواقعهم.