مفاوضات سرية برعاية أمريكية وبريطانية لتنحي صالح عن السلطة وبحث آليات انتقالها سلميا
مصادر: الرئيس اليمني يتنحى خلال أيام ومجلس رئاسي مدني سيتولى السلطة
ذكرت مصادر موثوقة أن مباحثات صعبة أحيطت بجو من السرية بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وبين خصومه من القادة العسكريين المنشقين عنه وكذا قيادات معارضة بارزة، أفضت إلى صيغة اتفاق يقضي بتنحي صالح عن السلطة في غضون أيام وتسليم السلطة لمجلس رئاسة مدني.
وأكدت مصادر مقربة من المباحثات التي استمرت يومي الأربعاء والخميس لـ'القدس العربي' أن الرئيس علي عبد الله صالح وافق مبدئيا على التنحي عن السلطة في غضون أيام مقابل تسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني، ورفض قطعيا تسليمها لمجلس عسكري.
وأوضح أن هذه المباحثات التي عقدت في مقر السفارة الأمريكية بصنعاء وكذا في منزل نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي بصنعاء، بين الرئيس صالح واللواء الركن علي محسن الأحمر وكذا قياديين بارزين من أحزاب المعارضة، برعاية أمريكية وبريطانية 'حققت تقدما كبيرا في الوصول إلى نتائج إيجابية نحو إقناع صالح بالتنحي عن السلطة خلال أيام والمؤشرات تتجه بقوة نحو استكمال إجراءات التنفيذ لهذا الاتفاق'.
إلى ذلك أكد الرئيس صالح أمس في خطابه أمام الجماهير التي حشدت تأييدا له في ميدان السبعين المجاور لدار الرئاسة أنه مستعد للتخلي عن السلطة شريطة تسليمها بطريقة سلمية ولأياد أمينة.
وخاطب الجماهير بقوله 'الوطن أمانة في أعناقكم، أما نحن في القيادة فلا نريد السلطة ولسنا بحاجة اليها ونحن مستعدون إلى أن نسلم السلطة إلى أياد أمينة، لا إلى إياد عابثه ومريضه وحاقدة، أو أياد فاسدة وعميلة'، غير أنه لم يحدد الوقت والشروط لتنحيه عن السلطة.'
وأكد 'نحن على استعداد ان نرحل من السلطة لكن على أسس سليمة، ونسلمها الى اياد أمينة يختارها شعبنا'. وعلى الرغم من أنه لم يحدد موعد الرحيل، إلا أن مراقبين اعتبروها تأكيدا لما تردد حول قبوله بالتنحي عن السلطة في غضون أيام، وأن هذا الحشد الكبير من أتباعه من كل المحافظات اليمنية أمس ما هو إلا (احتفاء توديعيا) للرئيس صالح قبل رحيله.
وفي حين اكد بعض المراقبين فشل المفاوضات بين صالح وخصومه، المطالبين برحيله، مستدلين بالخطاب التصعيدي لصالح أمس وأول من أمس ضد المعارضة، خاصة اتهامه للمعارضة بـ(أصحاب السوابق) و(تجار المخدرات)، أكد البعض الآخر أن الخطاب التصعيدي للرئيس صالح 'يأتي في إطار تصفية الحسابات مع قيادات أحزاب المعارضة الذي حاول أن يخوّف الشارع اليمني منهم ويزرع الخوف في قلوب اليمنيين من طموحهم نحو التطلع للسلطة عبر إيجاد شرخ بينهم وبين الشباب المتظاهرين في الشوارع ضده'.
وأوضحت المصادر أن طرفي المفاوضات بشأن تنحي صالح عن السلطة تبحث حاليا (التفاصيل) المتعلقة بإجراءات (خروج مشرّف) للرئيس صالح من السلطة، حيث لم يتم التوصل إلى (أفكار نهائية) بشأنها.
وكانت العاصمة اليمنية صنعاء شهدت أمس مظاهرات كبيرة، الأولى تطالب بتنحي صالح عن السلطة، فيما الأخرى تطالب ببقائه في كرسي الرئاسة كممثل للشرعية الدستورية، على حد تعبيرهم.
وواكبت مظاهرات العاصمة صنعاء مظاهرات في حوالي 15 مدينة يمنية أخرى تطالب جميعها بتنحي صالح عن السلطة، والتعجيل بيوم الرحيل، خاصة وأن المتظاهرين في تعز وصنعاء وإب والعديد من المدن الأخرى قد طال بهم المقام في الشوارع، لأكثر من خمسة أسابيع.
وتوقع مراقبون أن يعلن صالح تنحيه عن السلطة في غضون أيام إثر تساقط العديد من المحافظات الشمالية في ايدي مناهضيه والمطالبين برحيله، وتراجع سلطته عن العديد من المدن الأخرى في الجنوب، وفقدان قدرته عن السيطرة على البلاد تدريجيا، وبالتالي ربما يستبق الأحداث بتنحيه عن السلطة قبل أن يفقد المزيد من السيطرة على بلاده، ويجبر حينها على الرحيل من السلطة في ظروف قد لا تضمن له (رحيلا مشرفا).
وأكدوا أنه بالإضافة إلى سقوط العديد من المحافظات هناك توقعات بانضمام العديد من القادة السياسيين المقربين جدا من الرئيس صالح إلى صفوف المتظاهرين من الشباب المطالبين بتغيير النظام، أو ما يطلق عليهم بـ(شباب الثورة).
وشهدت الايام القليلة الماضية تحولا دراماتيكيا كبيرا في اليمن وبالذات منذ الاثنين الماضي التي أعلن فيها اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولى المدرعة المعنية بحماية العاصمة صنعاء، انضمامه إلى صفوف (ثورة الشباب) بالإضافة إلى العديد من كبار القادة العسكريين والعديد من السفراء والدبلوماسيين وثلاثة وزراء، ومسؤولي الأجهزة الإعلامية الرسمية.
نقلا عن القدس العربي