تمشَّى الباطل يوماً مع الحق
فقال الباطل: أنا أعلى منك رأساً.
قال الحق: أنا أثبت منك قدماً.
قال الباطل: أن أقوى منك.
قال الحق: أنا أبقى منك.
قال الباطل: أنا معي الأقوياء والمترفون.
قال الحق: ?وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون
إلا بأنفسهم وما يشعرون ?.
قال الباطل: أستطيع أن أقتلك الآن.
قال الحق: ولكن أولادي سيقتلونك ولو بعد حين.
انتصار المؤمنين
في
بحار من الظلمات بعضها فوق بعض، وفي حشود من الشر يأتي بعضها إثر بعض، وفي أرسالٍ
من الشك يردف بعضها بعضاً، في زمجرة الأعاصير، وفي تفجُّر البراكين، في أمواج البحر
المتلاطمة.. يلجأ المؤمنون إلى إيمانهم فيملأ قلوبهم برداً وأمناً، ويفيئون إلى
ربهم فيسبغ عليهم سلاماً منه ورضواناً، ويرجعون إلى كتاب هدايتهم فيملأ عقولهم حكمة
وعلماً، ويلتفُّون حول رسولهم فيزيدهم بصيرة وثباتاً.. حينذاك.. يناجي المؤمنون
ربهم وقد خضعت له جباههم، وخشعت له قلوبهم: ? ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته
وما للظالمين من أنصار¯
ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن ءامنوا بربكم فئامنا ربنا فاغفر لنا
ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار¯
ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد?.
هنالك يستجيب لهم الحق بوعد الصدق: ? أني لا أضيعُ عمل عاملٍ منكم من ذكر أو
أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا
لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله
والله عنده حسن الثواب?.
ثم تدفعهم يد الله إلى طريق المعركة مبينة لهم وسائل النصر: ? يأيها الذين
ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون?.
ويسير المؤمنون وهم يرفعون عقيرتهم بالدعاء: ? ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ
هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب?.
ويخوضون معركة الحق وهم يرددون: ? ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا
وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين?.
ويسجل كتاب الخلود نتيجة المعركة بثلاث كلمات: فهزموهم بإذن الله.
عصر الخير
لم يكن أهل الخير في عصر من عصور التاريخ أكثر عدداً من أهل الشر أو
يساوونهم، ولكن عصور الخير هي التي تمكن فيها أهل الخير من توجيه دفتها.