ذكرت مصادر للجزيرة أن أربعين شخصا على الأقل أصيبوا بالرصاص وبحالات اختناق نتيجة قمع الأمن المركزي للمعتصمين أمام مدرسة الشعب بمدينة تعز اليمنية، وذلك بعد مقتل ثمانية أشخاص على الأقل بصنعاء حيث يحاول الجيش اقتحام ساحة التغيير لفض اعتصام المحتجين المطالبين بإسقاط نظام علي عبد الله صالح.
وقال الصحفي عبد القوي عزاني إن قوات الأمن والحرس الجمهوري أطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز على مسيرة كانت متجهة نحو مكتب المالية بتعز، مما أدى إلى إصابة نحو أربعين من المحتجين.
وأوضح في مقابلة مع الجزيرة أن عشرة من المصابين كانت إصاباتهم بالرصاص الحي مما استدعى إرسالهم إلى المستشفيات الأهلية، في حين يعالج نحو ثلاثين في مستشفى ميداني جراء إصابتهم بقنابل الغاز.
وقال الصحفي صلاح الدكاك إن هذه المسيرة تدخل في سياق التصعيد الذي بدأه الثوار منذ أربعة أيام، وأغلقوا بموجبه عدة مكاتب بتعز من بينها شركة النفط ومكتب وزارة التربية.
وأوضح في مقابلة مع الجزيرة أن هدف المحتجين لم يكن اقتحام المكاتب وإنما إغلاقها من أجل شل السلطات المحلية وإفقادها القدرة على العمل.
يأتي ذلك في وقت يحاول فيه الجيش اقتحام ساحة التغيير في صنعاء لفض اعتصام المحتجين المطالبين بإسقاط نظام علي عبد الله صالح، بعد سقوط قتلى ووقوع إصابات بينهم في مواجهات مساء الأربعاء مع قوات الأمن والحرس الجمهوري أثناء زحفهم نحو مقر رئاسة الوزراء في وسط العاصمة صنعاء.
قتلى بصنعاء
وقد أفاد الناطق الرسمي باسم المستشفى الميداني في ساحة التغيير بصنعاء الدكتور عبد الوهاب الأنسي أن ثمانية قتلى على الأقل سقطوا برصاص الأمن مساء الأربعاء، كما أن هناك ما يقرب من 120 مصابا بالرصاص الحي، بالإضافة إلى قرابة 350 حالة إصابة بالغاز.
وقال الناطق باسم المنسقية العليا لشباب الثورة ياسر الرعيني إن الأيام القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للثورة اليمنية وإن أيام النظام باتت معدودة، وأشار إلى وجود برنامج تصعيدي "حاسم" سوف يبدأ تنفيذه الأسبوع القادم.
وأشار الأنسي إلى أن كثيرا من الإصابات تركزت في الرأس والصدر والعنق، مستدلا بذلك على وجود قناصة استهدفوا المتظاهرين بشكل مباشر، وقال إن إطلاقا عشوائيا ومكثفا للرصاص أدى إلى وقوع إصابات متعددة في أطراف الجسم المختلفة.
وأضاف الأنسي في حديثه للجزيرة نت أن هناك العديد من الحالات الخطرة ما زالت في غرف الإنعاش والعناية المركزة، مشيرا إلى أن هناك ما يقرب من 45 إصابة متفرقة تتراوح بين طعنات بالخناجر وضرب بالهري والحجارة.
وفي هذا السياق، وجه الناطق باسم المستشفى الميداني نداء عاجلا إلى المنظمات الدولية لتحمل مسؤولياتها الأمنية والصحية والاجتماعية والإنسانية، فهناك حاجة ماسة للأدوية والمعدات الطبية وسيارات الإسعاف حيث إن كثيرا من الحالات المصابة بطلق ناري تنقل إلى المستشفيات عبر الدراجات النارية وهذا وضع إنساني صعب للغاية.
ولفت الطبيب إلى أن سيارات الإسعاف واجهت صعوبات كبيرة في التحرك نتيجة الحواجز الأمنية المنتشرة في العاصمة، حيث منع بعضها من الوصول إلى المستشفيات، وناشد الطبيب المجتمع الدولي الضغط على الحكومة لوقف حمام الدم مؤكدا أن الطواقم الصحية يجب أن تتمتع بحصانة تمكنها من أداء عملها ومعالجة أي مصاب بغض النظر عن الطرف الذي ينتمي إليه.
زحف سلمي
جاء ذلك بعد زحف جموع من المعتصمين باتجاه مبنى رئاسة الوزراء وإذاعة صنعاء عصر الأربعاء، تصدّت لهم قوات من الحرس الجمهوري والأمن المركزي بالإضافة إلى قناصة يرتدون زيا مدنيا اعتلوا أسطح المنازل، وواجهتهم بإطلاق نار كثيف مقابل مبنى بنك الدم على بعد 500 متر من ساحة التغيير.
واستمرت المواجهات بين الطرفين إلى قرابة الساعة العاشرة مساء بتوقيت مكة المكرمة، حيث قامت قوات الأمن بمحاصرة المسيرة وواصلت إطلاق النار على الجموع القادمة من ساحة الاعتصام لفك حصار زملائهم.
وأفاد شهود عيان أن المسيرة كانت تتجه بشكل سلمي إلى مبنى رئاسة الوزراء حاملة الورود في إشارة إلى سلميتها وأن هدفها كان الاعتصام أمام مبنى رئاسة الوزراء وليس اقتحام المبنى.
وقد أظهرت العديد من لقطات الفيديو المنشورة على الإنترنت قوات الأمن وهي تطلق النار على المتظاهرين في عدة شوارع بالعاصمة اليمنية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود عيان أن قوات الأمن ومسلحين بلباس مدني فتحوا النار على عشرات الألوف من المتظاهرين أثناء زحفهم نحو مقر رئاسة الوزراء في وسط العاصمة صنعاء.
وياتي هذا التحرك في سياق برنامج تصعيدي أعلن الثوار باليمن عنه وقالوا إن تنفيذه يبدأ الأسبوع القادم.
وقال الناطق باسم المنسقية العليا لشباب الثورة ياسر الرعيني إن الأيام القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للثورة اليمنية وإن أيام النظام باتت معدودة، وأشار إلى وجود برنامج تصعيدي "حاسم" سوف يبدأ تنفيذه الأسبوع القادم.
من جهة أخرى، حملت قيادات في الحزب الحاكم اللقاء المشترك المعارض وشباب الثورة مسؤولية سقوط الضحايا حيث أكدوا في عدة تصريحات صحفية أن المسيرة لم تكن سلمية وأن المعتصمين كانوا يتوجهون لاقتحام مؤسسات حكومية وهو ما نفاه شباب الثورة بشكل قاطع.
وللأقاليم نصيب
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، فتح الجيش اليمني نيران بنادقه على المتظاهرين في مدينة تعز فقتل أحدهم وجرح عشرة على الأقل.
وفي مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، لقي متظاهر حتفه عندما فتحت الشرطة النار لتفريق مظاهرة بالقرب من مبنى المحافظة.
كما قتل متظاهر آخر في مدينة ذمار الواقعة على بُعد مائة كيلومتر جنوب العاصمة صنعاء، بعد أن أطلقت الشرطة النار على محتجين هناك.
وكان عشرات القتلى والجرحى قد سقطوا الثلاثاء في مواجهات بين قوات من الحرس الجمهوري ورجال القبائل في مديرية نهم الواقعة على بعد 40 كيلومترا شرق العاصمة، وذلك بعد اعتراض رجال القبائل القوة العسكرية التي كانت متوجهة لقمع الاحتجاجات في محافظة حضرموت.
ومن جانبها ذكرت وكالة رويترز أن قتيلين سقطا وأصيب عشرات آخرون برصاص قوات الأمن التي استخدمت الرشاشات الثقيلة أثناء تفريقها المعتصمين في شارع جمال عبد الناصر بتعز.
ورد المحتجون بإشعال النار في مبنى للشرطة، كما تجمع الآلاف أمام دوائر حكومية بحسب شهود عيان، منها مبنى وزارة للتعليم بالمنطقة ومقر شركة النفط الحكومية التي أغلقوا مدخلها الرئيسي بواسطة سلاسل حديدية، وعلقوا لافتة كتب عليها "مغلق بأمر من الشعب".
وبثت مواقع الإنترنت صورا للشباب المحتجين في تعز وهم يغلقون مبنى شركة النفط، كما حصلت الجزيرة على صور المحتجين في تعز يعتلون مبنى قسم شرطة الجديري ويغلقونه ويكسرون لوحاته.
ويشهد اليمن منذ فبراير/شباط الماضي حركة احتجاجات شعبية تنادي برحيل صالح الذي يحكم البلاد منذ منتصف يوليو/تموز 1978. وأدت الاحتجاجات إلى مقتل نحو 200 شخص وجرح واعتقال الآلاف.