توشك المبادرة الخليجية الخاصة بإنهاء النزاع في اليمن على الانهيار، مع إعلان الرئيس علي عبد الله صالح رفضه التوقيع بدون حضور المعارضة، ومع تصريحات لمصادر خليجية باحتمال سحب المبادرة، وذلك بعد أن أجلت طائرات هليكوبتر دبلوماسيين خليجيين وأجانب حاصرتهم جموع من المسلحين داخل سفارة الإمارات بصنعاء.
وبعد خلافات حول ترتيبات توقيع الرئيس صالح للمبادرة التي ترمي لإنهاء عدة أشهر من الاضطرابات في اليمن، قال مصدر خليجي في الرياض اليوم الأحد أن دول مجلس التعاون الخليجي ستسحب المبادرة الخليجية الخاصة بتسوية الوضع في اليمن إذا لم يوقع عليها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح اليوم.
سحب المبادرة
وقال المصدر لوكالة يونايتد برس انترناشونال أن دول التعاون ستسحب مبادرتها تجاه اليمن في حال رفض الرئيس اليمني التوقيع عليها، مؤكداً أن القرار سيتخذ عند اجتماع وزراء خارجية الخليج عند الساعة السابعة مساء اليوم في العاصمة السعودية الرياض.
وتنص المبادرة الخليجية على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتنحّي صالح في مقابل ضمانات بعدم ملاحقته قضائياً على أن يسلّم صلاحياته إلى نائبه في غضون ثلاثين يوماً ثم تنظم انتخابات رئاسية بعد ستين يوماً.
ووقعت المعارضة اليمنية الممثلة بأحزاب اللقاء المشترك مساء أمس السبت على المبادرة الخليجية على أن يوقّع عليها صالح اليوم إلاّ أن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم امتنع اليوم عن توقيع المبادرة متذرعاً بقيام عشرات الآلاف من مناصريه بمحاصرة كلية الشرطة التي كان صالح يعقد اجتماعاً حزبياً فيها.
وقالت مصادر للجزيرة إن مسلحين موالين للرئيس اليمني حاصروا المبعوثين الخليجيين والأميركيين خارج مبنى سفارة الإمارات العربية المتحدة في صنعاء, في محاولة منهم لإعاقة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن التوجه إلى صالح لتوقيع المبادرة الخليجية، وذلك قبل أن تتولى طائرات هليكوبتر إجلاء الدبلوماسيين خارج مبنى السفارة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر يمني أن المبعوثين ظلوا موجودين في سفارة الإمارات بانتظار قرار الرئيس بالنسبة للتوقيع على المبادرة.
وكان عشرات المناصرين لصالح قطعوا في وقت سابق معظم الطرق الرئيسة المؤدية إلى القصر الرئاسي من جميع الجهات رفضا للمبادرة. وهتف بعض مؤيدي صالح قائلين "نرفض توقيع مبادرة الخليج والانقلاب على الشرعية".
وقد أكد مسؤول في الحزب اليمني الحاكم في وقت سابق أن صالح ما زال يرفض التوقيع على المبادرة قبل الاتفاق على "آليات التنفيذ" للمبادرة.
كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن التلفزيون الرسمي اليمني أن "حشودا ضخمة" حاصرت أيضا الرئيس اليمني لمنعه من التوقيع على المبادرة الخليجية.
وأعلن الحزب الحاكم وحلفاؤه بعد اجتماع برئاسة صالح "ضرورة أن تجرى مراسم التوقيع على المبادرة بالقاعة الكبرى في القصر الجمهوري، وبحضور كافة الأطراف السياسية المعنية بالتوقيع"، بما في ذلك أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة)، وذلك في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية.
وأكد الاجتماع أن "التوقيع في الغرف المغلقة لا يمكن الاعتراف به، ويعكس نوايا سيئة تجاه المبادرة والالتزام ببنود المبادرة".
ومن جهته وصف المتحدث باسم المعارضة المنضوية تحت ما يسمى اللقاء المشترك محمد قحطان ما يجري بأنه "مسرحية هزلية".
كما دعت المعارضة الولايات المتحدة والسعودية للضغط على صالح.
وكان المبعوثون قد حضروا مساء السبت توقيع المعارضة على المبادرة التي تنص على تنحي صالح في غضون شهر.
أبرز البنود
جدير بالذكر أن المبادرة الخليجية تنص أيضا على تشكيل حكومة وفاق وطني خلال سبعة أيام من التوقيع، على أن تتشكل مناصفة بين الجانبين، في حين يقر مجلس النواب قوانين تمنح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس ومن عملوا معه.
وبعد تنحي صالح في اليوم الثلاثين لتوقيع المبادرة تنتقل السلطة إلى نائبه الذي يفترض أن يدعو إلى انتخابات رئاسية في غضون 60 يوما، كما يشكل لجنة للإشراف على إعداد دستور جديد يتم عرضه على استفتاء شعبي، ومن ثم تتم الدعوة إلى انتخابات برلمانية يتولى الحزب الفائز بها تشكيل الحكومة.
يشار إلى أن الرئيس اليمني رفض التوقيع على المبادرة في مناسبتين سابقتين على الرغم من الجهود المكثفة التي بذلتها دول الخليج لوضع حد للتوتر الراهن في اليمن.
وأعربت المعارضة عن تحفظات على الاتفاق لأنه لا يطالب صالح بالتنحي الفوري، لكنها وافقت عل الاستجابة لبنود الاتفاق التي تنص على تنحي صالح في غضون 30 يوما من التوقيع على الاتفاق ونقل سلطاته إلى نائب الرئيس.
وقال المتحدث باسم المعارضة محمد قحطان أمس السبت إن المعارضة جزء من هذا الاتفاق، وهي ملتزمة بتنفيذ بنوده كاملة.
احتجاجات متواصلة
جاء ذلك بينما احتشد ملايين من المتظاهرين في ساحات التغيير في 17 محافظة للاحتفال بذكرى الوحدة مطالبين بإسقاط النظام.
وهدد المتظاهرون بتصعيد الاحتجاجات والتحرك نحو المؤسسات الحكومية, وهو التحرك الذي سبب مواجهات دامية في وقت سابق هذا الشهر عندما فتحت قوات الأمن النيران لوقفهم.
وقال مراسل الجزيرة نت في الضالع ياسر حسن إن ضاحية قعطبة شهدت مسيرة جماهيرية حاشدة احتفاء بذكرى الوحدة اليمنية هتفت للوحدة اليمنية وطالبت بإسقاط النظام ورفض المبادرة الخليجية.
وذكر المراسل أن مسيرة سلمية حاشدة جابت الشارع العام مرددة الهتافات والشعارات المطالبة بمحاكمة رموز النظام، ومؤكدة استمرار الثورة السلمية وتصعيد الاحتجاجات حتى يسقط رأس النظام ويقدم للعدالة "لارتكابه المجازر بحق المعتصمين".
يذكر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قال -في خطاب حول سياسة الولايات المتحدة تجاه العالم العربي يوم الخميس الماضي- إن صالح يجب أن يفي بالتزاماته بنقل السلطة.
وقد رد صالح محذرا من سيطرة تنظيم القاعدة على البلاد, ودعا لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة, ووصف المبادرة الخليجية بأنها محاولة انقلابية.