المرابطون في القدس وهبتهم البطولية
ان يتصدى شبان فلسطينيون لمواجهة المستوطنين اليهود الذين يعتدون على المقدسات الاسلامية في القدس المحتلة، فهذا هو الحد الادنى بالنسبة الى هؤلاء الذين يرون ارضهم تتآكل، ومقدساتهم تتهود، والعالم كله، بما في ذلك مليار ونصف المليار مسلم يقفون موقف المتفرج والمبارك لمثل هذه الجرائم الاسرائيلية.
ساحات المدينة المقدسة وازقتها تحولت الى ميادين مواجهة بين هؤلاء الشبان الذين هرعوا من الاحياء المجاورة والمدن والقرى المحتلة عام 1948 للدفاع عن مقدساتهم، ومواجهة الرصاص وقنابل الغاز التي يطلقها الجنود الاسرائيليون.
الرصاص، وقنابل الغاز، والاعتداءات بالضرب على المدافعين عن كرامة القدس وعروبة مقدساتها لم تثبط من عزيمتهم، بل زادتهم اقداما على المواجهة بالحجارة، والاعتصام بتكوين الحواجز البشرية.
انهم رجال في زمن عزّ فيه الرجال، وابطال في زمن تقدم فيه الجبناء وهيمنوا، وشجعان في زمن اصبحت فيه هذه الشجاعة تهمة وتخلفا وارهابا وتصرفا غير حضاري، يتناقض مع ثقافة السلام وسلوكياتها.
الاسرائيليون يملكون الدبابات والعربات المصفحة، والاسلحة الفتاكة، ويحاولون فرض مشاريعهم الاستيطانية بالقوة، ولكن اهل الارض المحتلة ليسوا من ذلك النوع المستسلم الذي ترهبه ادوات القمع الفتاكة هذه، ويرون ان لا قيمة لهم، او لحياتهم، اذا ما تصرفوا تصرف القطيع العربي والاسلامي، وصمتوا على مؤامرات التهويد لمقدساتهم هذه.
الخالق جلّ وعلا اصطفاهم لهذه المهمة السامية، لانه يعرف جيدا معدنهم الوطني الاصيل وصلابته، مثلما يعرف غيرتهم العميقة على دينهم وعقيدتهم ومقدساتهم، واثبتوا انهم اهل لهذا الاصطفاء.
انها انتفاضة ليس ضد الاسرائيليين ومستوطنيهم اليهود الذين يريدون هدم المسجد الاقصى واقامة هيكل سليمان على انقاضه، وانما هي انتفاضة ايضا ضد ثقافة الصمت والاستسلام.. انتفاضة ضد المفاوضات العبثية، وقوات امن الجنرال دايتون، و'الصحوات الفلسطينية' التي تم شراء ذمم افرادها برواتب الدول المانحة، والسلام الاقتصادي.
كنا نتمنى لو ان هبة اهل القدس المحتلة وجوارها قد توازت وتدعمت بانتفاضة اشقائهم في نابلس وطولكرم والخليل ورام الله وجنين وبيت لحم، وباقي المدن والقرى الفلسطينية الاخرى، ولكن السلطة في رام الله بدأت تتصرف تماما مثل تصرف الانظمة العربية الاخرى، اي التزام الصمت، ومنع المظاهرات، بل التصدي لهذه المظاهرات والمواجهات اذا ما اندلعت، فقوات الامن الفلسطينية الجديدة تأسست من اجل هذه المهمة، وليس لحماية الشعب الفلسطيني ومقدساته المسيحية قبل الاسلامية.
المرابطون في القدس لن يتخلوا عن مقدساتهم، ولن يتقاعسوا عن حمايتها بدمائهم وارواحهم، ولن يستنجدوا باحد هذه المرة، لان نداءاتهم السابقة ذهبت ادراج الرياح.
فعندما تغمض الحكومات العربية عيونها عما يحدث، وتتحول الجيوش الى مهام اخرى غير الدفاع عن هذه الامة ومقدساتها، مثل تربية الدجاج وشق الترع، ورصف الطرق، وتوزيع الخبز، ما فائدة الاستنجاد واطلاق صرخات الاستغاثة؟
المرابطون في القدس يدافعون عن مقدسات اسلامية بينما يتمتع سفراء المستوطنين بالحفاوة في عواصم عربية واسلامية، لا يستدعيهم أحد، مجرد الاستدعاء للاحتجاج ناهيك عن الطرد.
المستوطنون اليهود لن ينتصروا على هؤلاء المرابطين العامرة صـدورهم بالايمان ومعاني العزة والكرامة، لانهم عنصريون غرباء، وسيكون مصيرهم حتما مصير كل العنصريين الذين سبقوهم، وستبقى هوية القدس والارض الفلسطينية هوية عربية اسلامية.