اليمن: فرصة ثمينة للرئيس صالح
رأي القدس
يشهد اليمن تطورات متلاحقة منذ الاعلان عن اصابة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في محاولة اغتيال مازالت تفاصيلها غامضة، ونقله على متن طائرة اسعاف الى الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية من اجل تلقي العلاج اثر اصابته بعدة شظايا في صدره، وحروق في وجهه ورأسه.
الغموض عائد الى عدم معرفة ما اذا كان الرئيس اليمني قد اصيب اثناء قصف المسجد الرئاسي الذي كان يصلي فيه صلاة الجمعة الى جانب اركان نظامه (رئيس الوزراء ووزراء آخرين اصيبوا ايضاً) ام ان احد الحراس، او مجموعة منهم، اقدم على عملية الاغتيال هذه انتقاماً لثارات قبلية.
اما الغموض الآخر، والأكثر اهمية في رأينا، فهو حول طبيعة الحكم في ظل غياب الرئيس علي عبد الله صالح للعلاج في الرياض، فهناك انباء تقول ان السيد عبد ربه منصور نائب الرئيس الذي من المفترض ان يتسلم مهام الرئاسة يتواجد في منزله، بينما يتولى السيد احمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس ادارة اوضاع البلاد حالياً، ويقيم في قصر الرئاسة، ويساعده بعض ابناء عمومته الذين يتزعمون قيادة القوات الامنية والحرس الجمهوري على وجه الخصوص.
صحيح ان الشيخ صادق الاحمر زعيم قبائل حاشد قبل بالوساطة السعودية لوقف القتال، والتخلي عن بعض المقرات الرسمية التي احتلتها القوات التابعة له، ولكن التوتر مازال في ذروته حيث مازال المتظاهرون يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بتنحي الرئيس في مختلف المدن اليمنية، ومدينة صنعاء العاصمة على وجه الخصوص.
المقربون من الرئيس اليمني يقولون ان فترة غيابه في العاصمة السعودية قد لا تطول، وانه سيعود لممارسة مهامه فور اكتمال فترة علاجه، بينما يرى قادة المعارضة انهم سيفعلون كل ما في وسعهم من اجل الحيلولة دون عودته. مما يعني ان فراغا دستوريا قد ينشأ في جميع الحالات.
تجارب الاعوام السابقة علمتنا انه من النادر ان يعود رئيس جمهورية الى ممارسة مهامه في ظل اندلاع ثورة شعبية او انقلاب عسكري او مدني ضده، خاصة اذا غادر البلاد لسبب ما. فالرئيس السوداني جعفر النميري واجه هذا المصير والشيء نفسه يقال عن الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني والد الامير القطري الحالي الذي فقد السلطة اثناء زيارة رسمية الى القاهرة، وهناك امثلة اخرى مشابهة.
الرئيس علي عبدالله صالح قال اكثر من مرة انه زاهد في السلطة، وقبل بالمبادرة الخليجية التي نصت على تنازله عن السلطة لنائبه، واجراء انتخابات رئاسية في غضون ستين يوما، ولذلك فان من الاكرم له ان يستغل حادثة اغتياله المؤسفة هذه، وانتقاله الى الرياض ويظل في الخارج استكمالا للعلاج، واعتبار ذلك تنازلا طبيعيا او اضطراريا عن الحكم.
من المؤكد ان الرئيس اليمني فقد الكثير من قواعد الدعم الشعبي والقبلي له في الاشهر الاخيرة، وجاء خلافه مع الشيخ صادق الاحمر زعيم قبائل حاشد بمثابة خسارة الدعم الاهم له، ومن الاكرم له ان يقبل بالامر الواقع ويتخلى عن السلطة، لان البديل حرب اهلية طاحنة يغرق فيها اليمن لسنوات، ويتحول خلالها الى حمام دماء دون ان يكون فوزه فيها مضمونا.
الرئيس اليمني حكم اليمن 33 عاما، وتغنى اكثر من مرة، وفي اكثر من مقابلة وخطاب بحبه لهذا البلد وشعبه، وعليه ان يترجم هذا الحب عمليا بانقاذ البلاد، او ما تبقى منها، من اتون الحرب الاهلية.
نقلا عن القدس العربي