قبل ستة عشر عاماً وفي مثل هذا اليوم كانت مدينة "تل الربيع" التي اغتصبها الصهاينة عام 1948 وشردوا أهلها وأطلقوا عليها اسم "تل ابيب" ،على موعد مع العملية الاستشهادية التي بددت أمن الصهاينة، وحولت حياتهم إلى جحيم .
ففي مثل هذا اليوم أصيبت أجهزة الأمن الصهيونية بصدمة وذهول بعد أن تمكن ابن كتائب الشهيد عز الدين القسام الاستشهادي أنور عازم من تنفيذ عملية بطولية في قلب مدينة تل الربيع المحتلة عام 1948 ليوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الصهاينة.
وفي تمام الساعة الثامنة وأربعين دقيقة من صباح يوم الاثنين الموافق 24 تموز (يوليو) 1995، ورغم كل الإجراءات الأمنية الصهيونية المشددة في كل زاوية ومكان ، تقدم الاستشهادي القسامي أنور عازم من قرية "قريوت" قضاء مدينة نابلس تجاه حافلة صهيونية بالقرب من مبنى بورصة الماس وأضحت على بعد مائة متر من زاوية شارع "اباهيلل-لسكوف" وعندئذٍ، وقف المجاهد لبيب في وسط الحافلة، وشغل جهاز التفجير، ليدوي انفجار هائل،ليوقع أكثر من 6 قتلى صهاينة وأكثر من 40 جريح .
الحافلة رقم "20"
اختفي=ى المجاهد القسّامي الاستشهادي لبيب عازم عن الأنظار قبل العملية بأسبوعين، وكان وقتها في رحاب قائده المجاهد عبد الناصر عطا الله الذي كان يدربه وقتها على طريقة تفعيل المتفجرات، وبعد شرح طبيعة الهدف وتفاصيل الخطة وطريقة تشغيل المتفجرات، قام القائد عبد الناصر بنقل المجاهد القسّامي الاستشهادي: لبيب عازم وحقيبة المتفجرات التي احتوت على أربعة كيلوجرامات وكمية من المسامير، في سيارته إلى ضاحية "بني براك" القريبة من "تل أبيب"، حيث استقل لبيب الحافلة رقم (20) المتجهة إلى ضاحية "رامات غان"، وفي نحو الساعة الثامنة وأربعين دقيقة من صباح يوم الاثنين الموافق 24 تموز (يوليو) 1995، مرت الحافلة بالقرب من مبنى بورصة الماس وأضحت على بعد مائة متر من زاوية شارع "اباهيلل-لسكوف" وعندئذٍ، وقف المجاهد لبيب في وسط الحافلة، وشغل جهاز التفجير، ليدوي انفجار هائل، دمر الجانب الأيسر من الحافلة تماماً، وحطَّم جميع النوافذ وأحدث فجوة كبيرة في السقف، وانتُزِعَ غطاء المحرك ومخزن الحقائب، موقعاً ستة صهاينة وأكثر من 40 صهيونياً في عداد الجرحى حسب الإذاعة الصهيونية، وعلى الأثر، أغلقت الشرطة الصهيونية المنطقة، وهرعت عشرون سيارة إسعاف لنقل القتلى والجرحى، حيث استقر ما اعترفت به الشرطة على ستة قتلى وواحد وثلاثون جريحاً من بينهم ستة بحالة خطرة.
وقد وقفت أجهزة الأمن والاستخبارات عاجزة عن تحديد هوية الاستشهادي والجهة التي تقف وراء العملية القسّامية، ويشكل هذا العجز بحد ذاته ضربة قوية لمصداقية أجهزة الأمن التي اضطرت لعرض صورة تقريبية للشهيد في التلفزيون الصهيوني والصحف، على أمل التعرف على هويته بمساعدة مصادر عربية.
وحققت العملية الاستشهادية في "رامات غان" "بتل أبيب" نجاحاً متميزاً، ترك حكومة اسحق رابين وأجهزتها الأمنية في حالة ذهول، فللمرة الأولى لم يستطع ضباط الشَّاباك تحديد اتجاهات التحقيق.
وما تزال سلطات الصهيونية حتى كتابة هذه السطور تحتفظ; بجثمان الشهيد دون السماح لأهله باستلامه، وفي اعتقاد إنها موجودة في احد الأماكن السِّرية فيما يعرف "بمقبرة الأرقام"، وبعد أن أعلنت الكتائب عن منفذ العملية قام ذووه بفتح بيت لتقبل التهاني باستشهاده توافد عليه ألاف المواطنون من كل المناطق ولأكثر من أسبوع.
ميلاد استشهادي
ولد الشهيد القسّامي القائد لبيب أنور فريد عازم بتاريخ 25/1/1973 في مدينة الزرقاء في المملكة الأردنية الهاشمية، إلا أن جذوره تعور لبلدة "قريوت" قضاء مدينة نابلس، حيث عاد إليها وذووه صغيراً، بعد سنوات قضاها وأسرته في المهجر، وفي حِلق مساجد بلدته "قريوت" نهل من معين القرءان الكريم، ومن صور حياة الصحابة الكرام تعرف على جهادهم وتضحياتهم في سبيل إعلاء راية القرءان العظيم، تلقى شهيدنا البطل تعليمه الابتدائي في مدرسة "قريوت" الثانوية، ومنها لمدرسة "حوارة" الثانوية ليكمل دراسته الثانوية في الفرع العلمي، وبعد أن أنهى تعليمه الثانوي، ذهب إلى الأردن ليكمل دراسته الجامعية حيث التحق بالكلية العربية، لدراسة الكمبيوتر.
جهاده
وأثناء دراسته في المملكة الأردنية الهاشمية كانت الانتفاضة الأولى قد اندلعت شرارتها في فلسطين المحتلة، وبدأت وبعد أن أكملت كتائب الشهيد عز الدين القسّام هيكلها النهائي للعمل، بدأت بتنفيذ العديد من العمليات الاستشهادية التفجيرية التي أذهلت الكيان الصهيوني، أما شهيدنا القسّامي القائد لبيب عازم الذي كان يتابع عبر وسائل الإعلام تفاصيل إنجازات المجاهدين وأخبارهم، فقد كان يهوله ما يقع على شعبه الفلسطيني من إذلال وتعذيب، واعتقال وتشريد للمواطنين، فشعر أن نداء الجهاد والاستشهاد يناديه، فلم يستطع تمالك نفسه من هول تلك المناظر، فحزم أمتعته تاركاً وراءه ما تبقى من دراسة متوجهاً إلى فلسطين، ليلتحق بصفوف المجاهدين، وكان من ابرز قيادات حركة المقاومة الإسلامية حماس في منطقته، فقد كان من أوائل من انضم إلى صفوفها، مبايعاً فيها قيادة الحركة على السمع والطاعة في المكره والمنشط، ليتسلم بعدها قيادة حركة حماس في بلدته، ويقوم بكل أعبائها الدعوية.