الرئيس لم يأت.. إذا فليكن رمضان مظلما!
محمد رشاد عبيد
أمرٌ مخجل بكل المقاييس، أن يربط مصير شعب ووطن برمته بمصير شخص، ورئيسٍ جريح، يرقد على فراش المرض، في جناحه الملكي بالعاصمة السعودية الرياض، ويقضي فترة نقاهة طويلة، منعته إضافة إلى إجراء العملية الجراحية التجميلية، التاسعة والأخيرة، التي أجريت له أواخر شهر شعبان،من العودة إلى الأراضي اليمنية، كما تقول مصادر مقربة من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح؛ أو ربما أختار الرئيس صالح أن يقضي رمضاناً هادئاً في السعودية، وبعيداً عن تهديدات الشيخ صادق الأحمر له، زعيم قبيلة حاشد اليمنية الكبيرة، وبعيداً كذلك عن حناجر المحتجين، من شباب ثورة التغيير اليمنية، المطالبين بسقوط نظامه ورحيله.
نفهم أن لا يعود الرئيس صالح، حتى في الوقت الحالي،إلى بلده اليمن، الذي لا تبدو عليه أي ملامح للسعادة كلياً،لكن ما لا نفهمه على الإطلاق،هو أن تكون عدم عودته تلك، على حساب الشعب اليمني برمته، وأكثر من 24مليون إنسان يمني، يقضي رمضاناً مظلماً بكل المقاييس، إلا من روحانية الله، والأمطار الغزيرة، التي يرسلها بشكل يومي فوق سماء وأراضي اليمن. ذلك الشعب الذي يتعرض لأنواع شتى من العقوبات الجماعية، فالكهرباء شبه معدومة، إن لم تكن معدومة تماماً(22 ساعة)غائبة عن منازل اليمنيين، في معظم أحياء العاصمة صنعاء،مقابل ساعتين فقط تعود بها الطاقة الكهربائية، المتذبذبة جزئياً، فكيف يكون الحال في بقية مدن اليمن؟
ناهيك عن نقص البنزين وبقية المشتقات النفطية، ووصول سعر الـ 20 ليترا من المادة نفسها إلى 10 آلاف ريال يمني، الدولار يساوي(235ريالاً يمنياً)، واشتعال كل سبل البقاء. لا ندري لماذا يصر الرئيس اليمني صالح على كل هذا العناد؟ وهو العناد ذاته، الذي كان سيفقده حياته في حادثة مسجد النهدين بقصره الرئاسي، المحصن حتى من دبيب النمل.
فقد عرضت عليه وقدمت له المبادرة الخليجية، وعلى طبق من ذهب، من نسختها الأولى وحتى الخامسة، ووفرت له ولأبنائه وأسرته مخرجاً آمناً ومشرفاً، في المنفى في مدينة جدة السعودية،المطلة على بحرها الساحر، ليكمل هناك بقية حياته. لكنه كان يوافق مبدئياً، إلى أن تحين ساعة التوقيع على كل من المبادرات الخمس، ثم يعود للرفض والتصلب والعناد ذاته. فالرئيس اليمني صالح الحميري، من عادته أن يقول شيئا ويفعل نقيضه أو عكسه تماماً، فيقول نحن ذاهبون للتوقيع على المبادرة ثم يتنصل، نحن ذاهبون للاستقالة وترك الرئاسة، ثم يقول أنه باقٍ إلى 2013 دستوريًاً.. وتلك هي النتيجة(اللهم لا شماتة) على فراش المرض في السعودية.
لا نستطيع أن نتكهن ما سيحدث مستقبلاً في المشهد اليمني، الملبد بالغيوم القاتمة السواد،لكنه عودنا دائماً أن يكون ملتهباً، ومليئا بالمفاجآت.
' صحافي من اليمن