قصة رجل قتل رئيس البرتغال ونجا من حبل المشنقة!
صورة لجثة الرئيس سيدونيو بايس
العربية.نت – طه عبد الناصر رمضان:بداية من شهر آذار/مارس 1916، دخلت البرتغال الحرب العالمية الأولى بشكل رسمي. فعقب خلافات استمرت لأشهر بالمستعمرات في إفريقيا وأزمة الغواصات الألمانية التي حاولت فرض حصار على بريطانيا، أقدمت ألمانيا على إعلان الحرب على البرتغال تزامنا مع قيام الأخيرة بمصادرة عدد من السفن الألمانية.
فخلال هذه الحرب، خسرت البرتغال 12 ألف جندي. فضلا عن ذلك، توفي حوالي 80 ألف برتغالي خلال نفس الفترة بسبب النقص الفادح في الغذاء كما تعكّر وضع البلاد أكثر فأكثر مع بداية ظهور الأنفلونزا الإسبانية التي أودت في غضون عامين بحياة أكثر من 120 ألفا
لوحة تجسد حادثة الاغتيال
وفي خضم كل هذه الأحداث الدامية، اهتزت البرتغال يوم 14 كانون الأول/ديسمبر 1918 على وقع حادثة اغتيال الرئيس سيدونيو بايس (Sidónio Pais) الذي تلقى رصاصات قاتلة بمحطة قطار.
فوز بالانتخابات
إلى ذلك، مثّل سيدونيو بايس، المولود يوم 1 أيار/مايو 1872 بمدينة كامينيا (Caminha)، واحدة من أهم الشخصيات بالبرتغال خلال العقدين الأولين من القرن العشرين. فقبل أن يدخل الحياة السياسية من أوسع أبوابها، اختص هذا الرجل البرتغالي في مجال الرياضيات واتجه للالتحاق بالكلية العسكرية حيث درس بكتيبة المدفعية. وبفضل تفوّقه، نال الأخير العديد من الترقيات قبل أن يبلغ في النهاية رتبة رائد بالجيش.
وقد تقلّد سيدونيو بايس أول مناصبه السياسية الهامة عام 1911. فخلال تلك السنة، عيّن وزيرا للتجارة في الفترة ما بين شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر قبل أن يحصل فيما بعد على حقيبة وزارة المالية التي حافظ عليها لحدود شهر حزيران/يونيو 1912.
وبعد أن قضى سنوات بمنصب سفير بلاده في ببرلين، عاد سيدونيو بايس للبرتغال خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1917 واستلم منصب رئيس الوزراء وحقيبتي الخارجية والدفاع. ومع فوزه بانتخابات نيسان/أبريل، تقلّد بايس منصب رئيس البرتغال.
اغتيال ومصحة عقلية
مع استلامه للسلطة جذب سيدونيو بايس لنفسه عداء نسبة هامة من ناخبيه السابقين. فبسبب مشاركة بلاده بالحرب، اتجه الأخير لممارسة سياسة دكتاتورية فقمع المعارضة وضيّق على الإعلام ومارس الحجب والتعتيم الإعلامي والتعذيب بالسجون. فضلا عن ذلك، فشل الأخير في إقرار الإصلاحات الاجتماعية التي وعد بها وعجز عن إخراج بلاده من الحرب العالمية الأولى. وبسبب ذلك، تفشت المجاعة بالبرتغال تزامنا مع اعتماد سياسة الحصص الغذائية وبداية ظهور الأنفلونزا الإسبانية.
في حدود الساعة الحادية عشر مساء يوم 14 كانون الأول/ديسمبر 1918، دخل الرئيس سيدونيو بايس محطة القطار بلشبونة، عقب تناوله لطعام العشاء بمطعم سيلفا، واستعد لركوب القطار للتوجه نحو مدينة بورتو (Porto).
وعلى الرغم من تواجد عدد هام من رجال الأمن والحراس الشخصيين بالمكان، اقترب اليساري جوزيه جوليو دا كوستا (José Júlio da Costa) من الرئيس عقب نجاحه في تجاوز الحواجز الأمنية والحراسة المشددة. وفي غفلة من الجميع، أخرج الأخير مسدسا خبّأه بين طيات معطفه ليوجه رصاصتين نحو سيدونيو بايس أصابت الأولى يده واستقرت الثانية في بطنه مسببة له جرحا مميتا. وأثناء حالة الفوضى التي عمّت المكان، أقدم رجال الأمن على الاعتداء على الحاضرين وتسببوا في مصرع 4 أشخاص.
في النهاية، ألقى الأمنيون القبض على القاتل جوزيه جوليو دا كوستا الذي أرسل للسجن وتعرض لشتى أنواع التعذيب طيلة الأشهر التالية.
وبدون أية محاكمة، أرسل جوزيه جوليو دا كوستا إلى مصحة عقلية بعد أن تم الحديث عن تدهور مداركه العقلية. وقد مكث الأخير بهذه المصحة لحين وفاته عام 1946.