فتح باب منزله
بسرعة , سيتأخر عن عمله .. تعثر بظرفٍ كُتب عليه
( فاتورة ) .. تساءل ..!
_ بهذه السرعة ! من شهر فقط سكنا هذا البيت , هل
توصلوا إلى اعداد فواتير , لكن مرتبين أصحاب هذي الجهة .. وضعوها في ظرف
أنيق ؟!
وضع الظرف في
زاوية من حقيبته وهو يردد : بعدين ..
بعدين أقرؤها .
ذهب إلى عمله ..
عاد
متأخراً , كاد ان ينسى ذلك الظرف , إن لم
يكن نسيه فعلاً , إلا أنه اصطدم به نظره
فجاءة , وهو يفتش عن أوراق المشروع الجديد.
لنرَ كم الحساب
؟
كانت الورقة
مرتبة بخط بسيط منكسر :
المؤسسة
العامة للحياة
فاتورة
عمر
فاتورة
( شهور وسنوات العذاب )
اسم
المشترك: خائن المشاعر والتضحية والوفاء
رقم المشترك : الأول والأخير
المتأخرات
: كل شيء
المدفوعات
: لاشيء
المبلغ
المطلوب : عمرك وعمري الذي ضيعته معك
بعد
هذه الفاتورة الكبيرة خطت :
هل
قرأت الفاتورة كم هي غالية , ومتى وكيف ومن أين لك أن تسددها ؟
حتى
لا ينقطع عنك عمري ومدي الذي وهبته لك ..
كيف
تعيش معها ؟ هل تفعل لك ماكنت افعل ؟
هل
تفكر معك وتبكي قبلك وتضحك من أجلك ؟ هل تمسح الارض قبل أن تمشي عليها ؟
ولا
تنام قبل أن تنام..
هل
تعلمت القراءة والكتابة لأجلك ؟
هل
قصت لك جديلة من شعرها ؟ ووضعتها لك في تلك التحفة في مكتبك ووضعت لك منها فرشاة
الألوان التي كنت ترسم بها ؟
هل
اقتطعت لك جزءاً من كبدها لتزرعها في كبدك التي التهمتها الخمر ؟؟
أتدري
أن دمك الآن الذي تتنفس به وأنت معها هو لي ؟
تذكر
أنك تخونني بدمي , ولي ميراثٌ بجسدك , كيف لك ان تعيده او تقتلعه ؟
يومها
كنت على استعداد أن أهبك كل قطعة بجسدي , اولها نبضات قلبي التي كنت تدوسها كل يوم
بقدميك المتسختين
بنجاسة
روحك وتذكر بعدها انك رميتني لأني وهبتك الحياة التي لا تستحقها .
وبعدها
.. اتذكر كم صفعتني ؟ هل تصفعها كما صفعتني ؟ هل تلعنها وتركلها , وتلعن اهلها
وتسرق مالها , هل تخونها
بمالها
ودمها ؟
صمت ..! ذهل !!!
أيعقل انك لازلت حية ؟؟
أين وكيف ؟؟
وعاد إلى تلك
الورقة : وأكبر عيوبها ماهي أكبر عيوبها في نظرك ؟
أهي
كأكبر عيوبي التي قلت لي يوماً أنها
سببٌ في خرابك وفشلك , أما زال غفراني
وتسامحي هما خطيئتي , وكما قلت
:
مهما فعلت سأعود وتغفرين لي .. وكنت على حق .
ألا
تظن هي أنك ستبيعها وترميها ؟
تذكر
أنك تأكل وتشرب وتخونني بمالي الذي صنعته لك , من عملي وكدي وتضحياتي , وأنت بين
المرض والفقر والذل
واللهو
, وكبدي التي بسببها ينبض قلبك .. ملكي أنا ..
أتدري
؟؟
أشكرك
لأنك ألقيتني إلى الشارع في منتصف الليل لأني مريضة .. لأني وهيتك كبدي , فلم اعد
أصلح للاستخدام الآدمي ..
لان
فعلتك كلمتني أن الشارع وكلابه أرحم بكثير من بني البشر الذين يشبهونك , فلو وهبت
أحد الكلاب جزءاً من كبدي
لقدسني
مدى الحياة , ولبكي علي بعد مماتي .
قاطعه صوتٌ
حانقٌ متعجرفٌ :
ماذا
تقرأ ؟ هل أصبحتَ مثقفاً ؟
قم
.. قم واشترِ لنا غداء من المطعم .. هيا ..
لم يعرها
اهتماماً وعاد يقرأ ..
فيا
أيها المعتوه الخائن .. يشرفني الموت بعيداً عن نذالتك , وحمقك , وخيانتك , سلم عليها , واحكِ لها عن أسطورة من
بني
البشر كانت لك كل شيء .. وكنت لها لا شيء.
علها
تشكرني أني وهبتها مالي ودمي وصمتي وكبدي في صورة إنسان .. وحذرها من حبها وتسامحها معك ..
إلى
اللقاء بين يدي الحبيب الأول الذي يسمع ويرى كل شيء .. هناك ستدفع فاتورة كل شيء
عنده .
ربما
سأسامحك يومها .. أتدري لمَ .. ؟
لأن
ما عند الله خيرٌ وأبقى يومها ..
فشكراً
لك .. فبسببك سأدخل الجنة , لذلك إن
احتجت مرة أخرى لما تبقى من كبدي أو قلبي
أو احدى كليتي فلا تتردد
فأنا
اطمح للفردوس الاعلى ولا سبيل له غيرك
وامثالك مما أقدر عليه .. فلا تتردد .
صُعق قلبه ..
تناثرت أشلاء ندمه وحسرته ..
بكي بحرقة كطفلٍ
صغير تاه عن أمه بين الزحام .. !
حينها ارتفع
صوتها :
هيا
يا بطل .. هيا جهز العشاء الذي سأتسمم به معك , كل شيء في الثلاجة , ويل لك ,
والله لن تبقَ في البيت لحظة ,
أصلاً
خسارة فيك حياتي معك .. هيا ..