لم تمض 48 ساعة على إعلان دفن جثمان الزعيم الليبي معمر ألقذافي في مكان سري بصحراء ليبيا وبعد أسبوع واحد من اعتقاله وقتله على يد ثوار ليبيا في مشهد مروع بثته وسائل الأعلام العالمية ومواقع الانترنت وفيها ظهر ألقذافي وهو يتعرض للضرب والإهانة قبيل مقتله.
تلك المشاهد التي تسابقت وسائل إعلام عربية وعالمية لبثها ونشرها لنهاية العقيد القذافي، أثارت استياء كبير لدى زعماء ومنظمات حقوقية عالمية وتعرضت السلطة الليبية الجديدة لانتقادات واسعة جميعها أظهرت ضعف سلطات المجلس الوطني الانتقالي الليبي في التعامل مع الأسلحة التي انتشرت بين الثوار، وهذا الضعف قد لا يبشر بالخير في ليبيا الثورة .
قد يبدو هذا الأمر هو ما دفع قادة ليبيا الجدد عندما أعلنوا اليوم الخميس 27 تشرين أول /أكتوبر 2011 إنهم سيحاكمون قتلة الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي عقب الضجة التي أثارتها ظروف مقتله.
وصرح نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي عبد الحفيظ غوقة كما تناقلته وسائل الأعلام اليوم بالقول "بالنسبة للقذافي، نحن لا ننتظر إن يقول لنا إي شخص (ما يجب أن نفعله)".
وأضاف "بدأنا تحقيقا. وأصدرنا ميثاقا للأخلاق في معاملة أسرى الحرب. وأنا متأكد إن ذلك كان عملا فرديا وليس من عمل الثوار أو الجيش الوطني".
وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين انتقد قد بشدة نشر لقطات مقتل معمر القذافي،كما أوردت ذلك وكالة الأنباء الروسية قائلا: "لقد قتلت عائلة القذافي بالكامل تقريبا، وعرضت جثته عبر كافة المحطات العالمية، ولا يمكن رؤية هذا بدون قرف.. ما هذا؟".
واعتبر بوتين خلال اجتماع المجلس ألتنسيقي للجبهة الشعبية الروسية أمس الأربعاء 26 أكتوبر/تشرين الأول انه "هناك داخل مجتمع وسائل الأعلام أناس يتعين عليهم فهم ماذا يفعلون وعليهم تحمل مسؤولية ذلك من الناحية الأخلاقية قبل كل شيء".
وأثارت استياء رئيس الوزراء الروسي تلك اللقطات التي " تبين كيف إن إنسانا جسمه مخضب بالدم ومصاب ومازال حيا ويقومون بالإجهاز عليه".
وتابع بوتين: "كل هذا يظهر على الشاشة.. لا يوجد شيء مماثل في أخلاقيات إي من الأديان العالمية، لا في المسيحية ولا في اليهودية ولا في الإسلام ، لكي تنشر مثل هذه الأشياء في وسائل الأعلام".
وأضاف: "لا أتحدث عن الجانب السياسي، فهذا موضوع منفصل، هناك حرب أهلية، ولكن إن يعرض هذا على الشاشات ليراه ملايين الناس بما فيهم الأطفال، فهو أمر ليس فيه إي شيء حسن".
وفي هذا السياق أيضا انتقد الرئيس الأميركي باراك أوباما إذاعة مشاهد النهاية الدامية للزعيم الليبي السابق معمر القذافي، قائلاً إنه حتى أولئك الذين فعلوا «أشياء رهيبة» فإنهم يستحقون التوقير عند موتهم.
وفي مقابلة في برنامج «تونايت شو» لشبكة تلفزيون «ان. بي. سي»، سئل أوباما عن مشاعره بشأن إذاعة تلك المشاهد على شاشات التلفزيون فأجاب: «ذلك ليس شيئاً اعتقد انه ينبغي ان نستمتع به... أعتقد أن هناك قدراً من التوقير ينبغي أن تتعامل به مع الميت حتى لو كان شخصاً فعل أشياء رهيبة». وأشار أوباما إلى أن إدارته لم تنشر صورة لجثة زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن بعدما قتله كوماندوس أميركيون في باكستان في وقت سابق من هذا العام.
إما الأزهر الشريف فلم يتوانى عن ذلك، حيث أصدر بيانا أشار فيه إلى الموقف الإسلامي الثابت الذي يحرم ويجرم المعاملة غير الإنسانية للجرحى والتمثيل بجثث القتلى أو إبقاء جثثهم من غير دفن، دون ذكر اسم القذافي في البيان.
وأضاف الأزهر أن صدور هذا البيان جاء ردا على "أسئلة كثيرة" وردت له بخصوص "ما حدث وما يحدث في دائرة العنف الذي مارسته وتمارسه بعض الأنظمة المستبدة إزاء الشعوب العربية التي انتفضت سلميا... وما حدث ويحدث من إجهاز على الجرحى وإهانة الجثث والقتلى.
وقال البيان، (إن الله كرم الإنسان حياً وميتاً وسن للحروب أخلاقيات إنسانية)، مشددا على أنه ينبغي لكل مسلم (أن يراعي هذه الأخلاقيات ويحافظ على كرامة الموتى التي هي فرائض دينية وأعراف إنسانية).
إلى ذلك أعلن محامي عائلة الزعيم الليبي معمر القذافي، أن العائلة تعتزم مقاضاة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بتهمة ارتكاب جريمة حرب أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعد أن قصفت طائرات تابعة له موكب سيارات كان على متنه العقيد في سرت.