الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر!
الله أكبر عدد ما ذبح المسلمون الضحايا، الله أكبر عدد ما بذلوا من الصدقات والهدايا، الله أكبر عدد ما تقربوا إلى الله بصالح الأعمال وخالص النوايا.
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله تبارك وتعالى وأطيعوه وراقبوه ولا تعصوه، واشكروه جل وعلا أن بلغكم هذا اليوم العظيم، وهذا الموسم الكريم، واعلموا رحمكم الله أن يومكم هذا يوم مبارك، رفع الله قدره، وأعلى مكانه، وأظهر فضله، وسماه يوم الحج الأكبر، وجعله عيداً للمسلمين حجاجاً ومقيمين، فيه ينتظم عقد الحجيج على صعيد منى، بعد أن وقفوا بـعرفة ، وباتوا بـمزدلفة .
في هذا اليوم العظيم يتقرب المسلمون إلى ربهم بذبح ضحاياهم اتباعاً لسنة الخليلين إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم، فقد أمر الله خليله إبراهيم بذبح ابنه وفلذة كبده فامتثل وسلم، ولكن الله سبحانه فداه بذبحٍ عظيم، فكانت سنة جارية، وشرعة سارية عملها نبيكم صلى الله عليه وسلم ورغب فيها، ففي الصحيحين : {أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر }.
ومن فضل الله على عباده أن يسر لهم في الأضاحي فتجزأ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته، فاتقوا الله عباد الله، واحذروا من البخل والشح في مال الله، فقد أعطاكم الكثير وطلب منكم القليل، ضحوا في هذه الأيام المباركة عن أنفسكم وأهليكم وأبنائكم، ففضل الله واسع، وله الحمد والمنة.
وليحذر من أراد أن يضحي من العيوب التي تمنع الإجزاء، فلا تجزئ العوراء البين عورها، ولا المريضة البين مرضها، ولا العرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحاح، ولا يجزئ من الإبل إلا ما له خمس سنين، ومن البقر إلا ما له سنتان، ولا من المعز إلا ما تم له سنة، ولا من الضأن إلا ما تم له ستة أشهر.
والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، وذبح البقر والغنم على جانبها الأيسر موجهة إلى القبلة ويقول عند ذبحها: بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك.
والسنة أن يوزعها أثلاثاً، فيأكل ثلثاً ويهدي ثلثاً ويتصدق بثلث.
ووقت الذبح يمتد من الفراغ من صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق على الصحيح من أقوال أهل العلم، فلا تحرموا أنفسكم ثواب الله في هذه الأيام المباركة، وتقربوا إلى الله بالعج والثج فما عمل في هذه الأيام المباركة أحب الله من إراقة دم، وإنها لتقع من الله قبل أن تقع على الأرض فطيبوا بها نفساً، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة، وبكل صوفة حسنة، كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
حجاج بيت الله الحرام: تفيضون هذا اليوم إلى منى لرمي الجمرة الكبرى -جمرة العقبة- بسبع حصيات متعاقبات، استناناً بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم القائل: {خذوا عني مناسككم }^.
ثم بعد الرمي ينحر المتمتع والقارن هديه، ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، وبعد ذلك يباح للمحرم كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، ويسمى هذا التحلل الأول، ويسن له بعد ذلك التطيب والتوجه إلى مكة لطواف الإفاضة؛ وهو ركنٌ من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، لقوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]^.
ثم يسعى المتمتع سعي الحج، وكذا المفرد والقارن إن لم يسعيا مع طواف القدوم، وبعد ذلك يرجع الحجاج إلى منى للإقامة بها ليالي أيام التشريق، ورمي الجمرات الثلاث مرتبة في كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال، والرمي والمبيت ليالي أيام التشريق واجبٌ من واجبات الحج، ثم بعد الرمي في اليومين الأولين من أيام التشريق، يجوز لمن أراد التعجل أن يخرج من منى قبل غروب الشمس، ومن تأخر وبات الليلة الثالثة ورمى الجمرات في اليوم الثالث فهو أفضل وأعظم أجراً، يقول تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203]^.
فعليكم عباد الله! وعليكم حجاج بيت الله! بتطبيق سنة رسولكم صلى الله عليه وسلم، وشغل هذه الأيام المباركة بالتكبير والذكر، يقول صلى الله عليه وسلم: {أيام التشريق أيام أكلٍ وشرب وذكرٍ لله عز وجل }.
ثم إذا أردتم الرجوع إلى دياركم يجب أن تطوفوا للوداع وهو واجبٌ من واجبات الحج لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: {أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض }^.
تقبل الله منكم، وجعل حجكم مبروراً، وسعيكم مشكوراً، وذنبكم مغفوراً، وعملكم صالحاً مقبولاً.
حجاج بيت الله الحرام! يا من لبيتم نداء ربكم، وجئتم إلى هذا المكان المبارك تاركين أوطانكم وأموالكم وأعمالكم وأولادكم! لبوا نداء ربكم في كل أمرٍ فاتبعوه، وفي كل نهي فاجتنبوه، لبيك اللهم لبيك، إجابة بعد إجابة، قولوها وأعلنوها صريحة في كل مكان.
ولتبقى عليكم آثار الحج المباركة بعد عودتكم إلى دياركم بالاستمرار على طاعة الله والبعد عن معاصيه.......