المرأة في مجتمعنا.. إلى أين؟حسن آل حماده ـ بشير البحراني
المرأة والفاعلية:
تستطيع المرأة أن تقوم بدور فاعل وفعال في جميع مفاصل الحركة الاجتماعية..
ويمكنني أن ألخص أهم محاور الفاعلية الاجتماعية للمرأة في النقاط التالية:
1 ـ تربية الأجيال:
أهم دور يمكن للمرأة أن تتقنه هو تربية الأجيال، وذلك من خلال تربية
الأبناء الذين هم عماد المستقبل، فالمرأة الصالحة تساهم في بناء جيل صالح،
والمرأة الفاسدة مسؤولة ـ بصورة أو بأخرى ـ في تنمية جيل فاسد. ومن ثم،
تبدو لنا أن مهمة التربية مهمة صعبة وخطيرة، بيد أن مستقبل الطفل يرسم
عندما يكون صغيراً، ولذلك فإن المرأة تتحمل مسؤولية خاصة تجاه تربية
أبنائها بصورة صحيحة وعملية ومنهجية.
ومن الخطأ الفاحش أن تتخلى المرأة المسلمة عن تربية أبنائها لصالح تربية
الخادمة الكافرة مما يترتب عليه آثار سيئة للغاية على مستقبل الأبناء، ومن
ثم على مستقبل جيل الغد. وإذا ما أرادت المرأة المسلمة تربية أبنائها بصورة
صحيحة فعليها أن تتقن أصول التربية، وأن تتثقف بالثقافة التربوية كي تقوم
بدورها خير قيام.
2 ـ ممارسة الأعمال المناسبة:
أثبتت المرأة جدارتها في ميادين العمل، والعمل في الحقول المناسبة للمرأة
كالتعليم والتمريض والحضانة.. وما أشبه، ليس أمراً مطلوباً فحسب، وإنما هو
ضرورة وحاجة إنسانية واجتماعية واقتصادية.
لقد أصبحت النساء في مجتمعنا تشكل جزءاً مهماً من قوة العمل الحديثة فضلاً
عن القديمة كالزراعة والخياطة والحرف المنزلية المختلفة.
والإسلام الذي يحث على العمل، ويدعو إليه، ويحض عليه، ويثيب عليه بالأجر
الجزيل، يشمل الرجل والمرأة، فالإسلام لا يحرم العمل على المرأة ـ كما يدعي
البعض ـ وإنما يريد من المرأة الالتزام بالحجاب والعفة والحشمة سواء في
ميدان العمل أو في غيره. وقد أثبتت التجارب الميدانية في غير موقع من بلاد
المسلمين أن الحجاب والاحتشام لا يمنع من العمل، ولا يعيق الأداء الوظيفي
الجيد، بل أن المرأة المسلمة المتحجبة أثبتت قدرتها الفائقة على أداء
وظيفتها بأحسن أداء، نظراً لما تتميز به من إخلاص وحماس في القيام بوظيفتها
على أحسن وجه.
3 ـ نشر الوعي الثقافي:
للثقافة الواعية دور فاعل في تنمية المجتمع وتقدمه وتطوره، إذ لا يمكن تصور
تقدم أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية بدون أن ينتشر الوعي الثقافي في
فضائه الواسع. كما لا يمكن أن يتقدم أي فرد من دون امتلاك مقدار معقول من
الثقافة الثاقبة.
وقد شهد مجتمعنا في الآونة الأخيرة قفزات ثقافية مهمة، ولكن يمكن تسجيل أن
نسبة الطفرة الثقافية عند النساء لا تزال منخفضة مقارنة بالمستوى الذي وصل
إليه الرجال. وعليه، فإن المرأة في مجتمعنا تتحمل مسؤولية عظيمة وكبيرة في
تعميم الثقافة.. ويمكن للمرأة المثقفة المساهمة بدور فعال ومؤثر في تفعيل
الحركة الثقافية، وذلك من خلال ما يلي:
1 ـ تأليف الكتب في مختلف حقول العلم والمعرفة،
بما ينمي حركة التأليف والكتابة والنشر ف أوساط المجتمع.
2 ـ ممارسة الخطابة لمخاطبة النساء على اختلاف مستوياتهن وتوجهاتهن،
فالخطابة لها دور فاعل في تنمية الحركة الثقافية عند مختلف الشرائح
الاجتماعية.
3 ـ عمل منتديات ثقافية خاصة بالنساء تناقش فيها مختلف الأفكار
والطروحات الجديدة، بما يُسهم في رفع المستوى الثقافي في الوسط
النسائي.
4 ـ العمل على إبراز رموز ثقافية نسائية بحيث تكون قادرة على استقطاب
الفتيات المتعلمات، وبحيث تتحول هذه الرموز الثقافية إلى مراكز إشعاع
ثقافية مؤثرة على الرجال والنساء على حد سواء.
5 ـ وضع خطة لتنمية المهارات الأدبية، وتشجيع المواهب العلمية، وتفجير
الطاقات الثقافية الموجودة لدى الفتيات المتعلمات كي يتمكن من الإبداع
والابتكار والعطاء في مختلف حقول العلم والثقافة والمعرفة الإنسانية.
4 ـ العمل التطوعي:
يعد العمل التطوعي من الأعمال المهمة في إرساء قواعد التكافل والتعاون
الاجتماعي، كما أنه علامة تدل على مستوى تقدم الوعي الاجتماعي. ويمكن
للمرأة أن تؤدي دوراً فعالاً في الأعمال التطوعية والخيرية على اختلافها.
كما أن الانخراط في العمل التطوعي له فوائد جمة على الشخصية الإنسانية ـ
رجلاً كان أو امرأة ـ حيث يزيد من رصيد التجارب عند الإنسان، كما يُسهم في
تنمية المهارات، وصقل السلوكيات، وتوكيد الذات، ونيل احترام المجتمع.
وأظن أن المرأة في مجتمعنا لا تزال لم تأخذ موقعها المناسب في المجال
الإنساني، حيث بإمكان المرأة أن تقوم بالكثير من الأعمال التطوعية مما
سيكون له أكبر الأثر في دفع عجلة المجتمع نحو التقدم، والنهوض به باتجاه
تحقيق واقع أفضل.
وما لا شك فيه، أن الأعمال التطوعية من الأدوار المهمة التي يمكن للمرأة في
مجتمعنا المشاركة الفعالة فيها. وأعتقد أن تطور وعي المرأة لهذه المسؤولية
الدينية والاجتماعية سوف يعزز من اندفاع المرأة نحو القيام بواجباتها في
ميدان العمل التطوعي.