الحكم بالإعدام أقل ما ينتظره أمام القضاء الليبي
تم أمس اعتقال سيف الإسلام القذافي ونجل عبد الله السنوسي في منطقة أوباري جنوب ليبيا بعد مراقبته منذ أيام بالمنطقة، حيث عثر عليه مختبئا في بيت مهجور رفقة مجموعة من أعوانه، شهرا فقط بعد مقتل العقيد معمر القذافي.
وقد أعلن محمد العلاقي وزير العدل بحكومة المجلس الانتقالي عن اعتقال سيف الإسلام بالجنوب الليبي وقرب عرضه على المحاكمة في طرابلس، وبث التلفزيون الليبي تسجيلا مصورا يظهر سيف الاسلام القذافي ابن العقيد الليبي الراحل معمر القذافي حيا بعد إلقاء القبض عليه.
وظهر سيف الاسلام وهو متكئا على أريكة ويده اليمنى مضمدة. وذكرت قناة الأحرار أن التسجيل الذي عرضته لسيف الإسلام التقط بكاميرا هاتف جوال. وصرح ثوار ليبيون في مؤتمر صحفي في طرابلس بأن "سرية خالد بن الوليد التابعة لكتيبة أبو بكر الصديق التابعة لثوار مدينة الزنتان اعتقلت سيف الإسلام في منطقة أوباري جنوبي ليبيا".
سيف الإسلام كان في بيت مهجور بالقرب من قاعدة عسكرية
وذكر أشرف الثلثي المعارض الليبي في اتصال مع "الشروق" أنه تم منذ أيام محاصرة منطقة أوباري جنوب ليبيا بعد أن تلقوا أخبارا أن سيف الإسلام متواجد هناك، خاصة وأنه كان بالقرب من قاعدة عسكرية جوية، حيث كانوا يرصدون تحركاته، وتحينوا الفرصة السانحة لاعتقاله، حيث تم إيجاده في بيت مهجور بالمنطقة رفقة مجموعة من مرافقيه لا تقل عن اثني عشرة شخصا، بينهم نجل مسؤول المخابرات الليبية عبد السنوسي، كانوا يحضّرون للفرار من ليبيا إلى النيجر.
وعلى الرغم من أنه كان يحوز على أسلحة خفيفة ورشاشات الا أن سيف الإسلام ورفاقه لم يبدوا أي مقاومة ولم يكن هناك إطلاق للنار، حسبما يضيف مصدرنا، وتم اعتقالهم بكل هدوء بعد محاصرة محكمة للمكان، فوّتوا من خلالها الفرصة على رفقاء سيف حمايته باستخدام أي قوّة، أو الدخول في معارك مع الثوّار. وكانت المجموعة تمتلك ثلاث سيارات للتحرك عبر المنطقة والتنقل من مكان لآخر قبل مباغتتها من قبل مجموعات الثوار.
وذكر نفس المصدر أن عبد السنوسي ليس بالبعيد عن المنطقة وهو يحاول الفرار إلى النيجر، نظرا لأصوله الإفريقية، وتتواصل الأبحاث في محاصرته، ويرتقب إلقاء القبض عليه قبل تمكنه من الفرار خارج التراب الليبي.
وقد كان التحضير جاريا في الأيام السابقة لدراسة خروج سيف الإسلام من ليبيا، مثلما دبّر في وقت مضى خروج عائلته شهر أوت الفارط، إلا أن العملية لم تنجح هذه المرة، وتزامن إلقاء القبض عليه عشية الاعلان عن تشكيل الحكومة الليبية الجديدة، مما يدرأ عنها المخاطر التي كانت محدقة بها، خاصة وأن سيف الاسلام كان يشكل تهديدا مباشرا لها، باعتبار توعده بالانتقام لمقتل أبيه قبل شهر.
الثوّار انتقموا منه بقطع أصابعه
أكّدت مصادرنا أن الضمادات التي كانت على يد سيف الإسلام اليمنى، هي بسبب عملية انتقامية مارسها الثوّار ضدّه، حيث توعّدوه بقطع أصابعه، بعد أول خرجة له لليبيين والتي هدّدهم فيها بالتصدي لكل من يريد الإطاحة بأبيه بالمتابعة والقضاء عليهم، وأشهر فيهم سبّابته، ونفّذوا وعدهم صباح أمس فور القبض عليه بقطع سبّابته "التي تجرّأ على إشهارها في وجه الملايين من الليبيين بالتهديد والوعيد، وسيكون أول شيء نقتصّه منه هذا الإصبع"، تضيف مصادرنا، فكان قطع سبابته، والإبهام والوسطى أيضا. في حين أكد سيف الاسلام في تصريح لوكالة رويترز أنه أصيب في غارة جوية قبل شهر.
ولدى علم المجلس الانتقالي بهذا الأمر أصدرت تعليمات صارمة بعدم التعرّض لسيف الإسلام ولا لمرافقيه أبدا، وإيصاله سالما إلى الزنتان ومن ثم إلى طرابلس، حيث رصدت له حماية كبيرة، خشية أن تنتقم منه القبائل في الزنتان أيضا، لأنها أيضا تريد الانتقام لأبنائها، بعد التصريحات المستفزة التي كان يخرج بها سيف الإسلام في كل مرّة.
وقد نقل سيف الإسلام ومرافقوه إلى مدينة الزنتان عبر طائرة خاصة، نظرا لأن إلقاء القبض عليه تم على أيدي ثوّار من الزنتان، وينتظر في اللحظات القريبة أن ينقل الى العاصمة طرابلس، وانتقلت طائرة عمودية تحمل العديد من المراسلين الدوليين لمعاينة الأحداث في الزنتان وتغطية التواجد التاريخي لسيف الإسلام تحت أيادي معتقليه.
سيف الاسلام العلبة السوداء للنظام المتهاوي
شدّد المجلس الانتقالي الليبي على ضرورة ايصال سيف الاسلام سالما وحيا إلى طرابلس قبل محاكمته هناك، حيث يعتبر صيدا ثمينا في يد المجلس الانتقالي، إذ أنه يحتكم على الكثير من الأسرار السياسية التي تخفيها فترة حكم أبيه، فضلا عن أهميته الاقتصادية بسبب الأموال المحوّلة إلى الخارج تحت تسمية جمعية سيف الإسلام الخيرية ذات الفروع العالمية، وكذا على المستوى الأمني، لوجود بعض الكتائب الأمنية التي كانت تسير بأمر منه، لذا فإن النظام الليبي الحالي يعمل جاهدا على أن يبقى سيف الاسلام حيا وأن يكشف الكثير من الحقائق المخفاة في محاكمته التي وعد المجلس أنها ستكون عادلة.
عقوبة الإعدام هي أقل ما ينتظر سيف الاسلام أمام العدالة
ذكر الدكتور الهادي شلّوف أن اعتقال سيف الاسلام في هذه المرحلة الحاسمة يعد مهما جدا الآن، وهو ما ذهب إليه المعارض أشرف الثلثي، حيث سيعطي منطلقا جيدا للقضاء الليبي، الذي سيساعد على القضاء على المجرمين من رموز النظام السابق.
وعن إعلان محاكمة سيف الاسلام بليبيا بدلا من تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية، قال الدكتور شلّوف عن تسليم المجرمين الدوليين يكون وفقا لاتفاقية روما، وهي اتفاقية لم تمضها ليبيا، وليست عضوا فيها، لذا فالاختصاص المطلق للمحاكم الليبية.
وعن التهم التي سيحاكم فيها نجل القذافي، أضاف شلّوف أن أكبر تهمة هي خيانة الوطن، من خلال إرسال مرتزقة لقتل أبناء الشعب الليبي، إضافة إلى القتل العمدي، إعلان الحرب ضدّ الشعب وجرائم الحرب والجرائم الاقتصادية من إهدار للمال العام وغيرها.
ويرى المتخصص في القانون الدولي أن العقوبة التي تنتظر سيف الاسلام هي الإعدام وليس أقل من ذلك، على الرغم من أنه سيتمتع بكل الحقوق أمام القضاء الليبي من محام ودفاع خاص به.
وعن حادثة قطع الثوار لأصابعه قال الثلثي إنه سيتم التحقيق مع الثوار الذين ألقوا القبض عليه، لأنه من الأعراف والاسلام أن لا يمس المعتقل إلى حين محاكمته، يقول شلّوف. وقد حصل سيف الاسلام على الرعاية الصحية اللازمة في الزنتان، إلى حين نقله إلى طرابلس في الساعات القليلة القادمة