الطفل المصاب بحاسة السمع في المدرسة العادية
تتجه معظم الأنظمة التربوية في بلدان العالم المختلفة والغربية منها على وجه الخصوص إلى دمج النسبة الكبيرة من الأطفال المصابين في حاسة السمع في إطار التعليم العام ، وذلك يعني تلقي هذه الفئة من الأطفال الخدمات التعليمية والتربوية في الصف الدراسي العادي مثلهم مثل الطلاب الآخرين ، وتسبق عملية الدمج برنامج تأهيلي متكامل يركز على التدخل المبكر والتدريب اللغوي والكلامي والسمعي واستخدام المعينات السمعية المختلفة .
تحتل قضية دمج الأطفال المصابين بحاسة السمع في إطار التعليم العام حيزا كبيرا في أدبيات التربية الخاصة والكثير من الدول الغربية وعدد قليل جدا من الدول العربية تمكنت من دمج النسبة الكبيرة من الصم وضعاف السمع في إطار التعليم العام وبلغت هذه النسبة في الدول الغربية أكثر من 70-80%. وأصبحت مراكز تعليم وتأهيل الأطفال المعاقين سمعيا في عدد من هذه الدول مقتصرة على الأطفال الذين يعانون من إعاقات إضافية مصاحبة لمشكلة السمع مثل وجود أعاقة بصرية أو عقلية تحول دون تمكن الطفل من الاندماج في نظام التعليم العام ، وكذلك في حالة عدم تمكن الطفل من اكتساب مهارات لغوية وكلامية تمكنه من الاندماج في الصف الدراسي العادي .
متطلبات عامة
تتطلب عملية دمج المصابين بحاسة السمع في إطار التعليم العام توفير بيئة مدرسية مؤهلة ومتطلبات تربوية أخرى تضمن تمكن الطفل أو الطالب المصاب بحاسة السمع من متابعة شرح المدرس ومن استيعاب وفهم المنهج الدراسي والحصول على المعلومات المختلفة ومن التواصل مع الطلاب الآخرين والكادر التربوي في المدرسة .
الأجهزة المساعدة على السمع وتوفير البيئة السمعية الملائمة
البيئة السمعية الملائمة وتوفير الأجهزة المساعدة على السمع من أهم مقومات التواصل مع الطالب المصاب بحاسة السمع بشكل خاص ومن مقومات عملية دمج الطالب المصاب بحاسة السمع في إطار التعليم العام بشكل عام . ،
ومن أهم الأجهزة والأدوات المساعدة على السمع التي يحتاجها الطالب في الحجرة الدراسية هي أجهزة ال FM والتي تنقل صوت المدرس لاسلكيا باستخدام موجة FM إلى المعين السمعي الذي يستخدمه الطفل المصاب بحاسة السمع. حيث يكون هناك جهاز بحجم الهاتف النقال يدعى المرسل Transmitter يكون بحوزة المدرس الذي يعلقه أو يضعه في جيبه، وجهاز آخر عند الطفل يدعى المستقبل Receiver. ويوفر هذا الجهاز صوتا واضحا للطفل دون أصوات الضجيج المحيطة ويمكنه من الاعتماد على القناة السمعية في فهم شرح المدرس .
المعينات السمعية كذلك من الأدوات التي يحتاجها الطالب المصاب بحاسة السمع وقد تطورت هذه المعينات في السنوات الماضية إلى حد كبير حيث مكنت الطالب المصاب بحاسة السمع من سماع الصوت على درجة مريحة من الشدة دون أن تسبب بأذى للطالب المصاب او إزعاج للطلاب الآخرين، وهناك معينات سمعية رقمية Digital Hearing aids تحتوي على أكثر من برنامج للتشغيل وهناك معينات سمعية أخرى تتيح للمستخدم توجيه لاقط الصوت نحو مصدر الصوت. من هنا جاءت المطالبة بتعريف المدرس والكادر التربوي بشكل عام على المعينات السمعية المختلفة التي يستخدمها الطالب والتقنية التي تعمل بها وكيفية استخدام المعينات السمعية لتمكين الطالب من السماع بشكل أفضل .
إجلاس الطالب المصاب بحاسة السمع في الحجرة الدراسية
يعتمد الطالب المصاب بحاسة السمع على القناة البصرية أكثر من اعتماده على القناة السمعية في الحصول على المعلومات وبشكل خاص عندما لا تسعفه بقايا السمع بسبب الضجيج الموجود في الصف أو بسبب بعد المسافة بين مصدر الصوت والطالب . من هنا جاءت الحاجة إلى إجلاس الطالب بشكل يتيح له الرؤية الجيدة ونعني بذلك رؤية وجه المدرس والتمكن من رؤية وجوه زملاءه ، ويعد ترتيب المقاعد على شكل هلال ( أو نصف دائرة ) من الوسائل المفيدة جدا التي من الممكن اللجوء إليها عند وجود طالب مصاب بحاسة السمع وفي هذه الحالة يتم إجلاس الطالب في المقعد الأمامي لكي يكون قريبا من المدرس . وتراعي الشروط التالية عند إجلاس الطالب المصاب بحاسة السمع في الحجرة الدراسية :
v الانتباه لعدم إجلاس الطالب بشكل مواجه لمصدر الضوء مثل النافذة أو مصادر الضوء الأخرى حيث أن اللمعان وبريق الضوء قد يعيق رؤية وجه المدرس أو الزملاء في الصف بشكل واضح أو يسبب إجهاد للعيون .
السماح للطالب المصاب بحاسة السمع من التنقلv وتغيير المقعد تبعا لتبدل مصدر الإضاءة أو تغير اتجاهها أثناء اليوم الدراسي . وقد يحتاج الطالب إلى تغيير مقعدة تبعا لتغير موضوع الدرس أو تغير المدرس وطريقته في الشرح والكلام ودرجة ارتفاع صوته .
إجلاس الطالب بالقرب من طاولة المدرس منv البدائل التي يلجأ إليها بعض المدرسين وبذلك يكون الطالب قريب من مصدر الصوت ويتجه إلى الاعتماد على حاسة السمع إضافة إلى اعتماده على القناة البصرية في الحصول على المعلومات التي لم يتمكن من الحصول عليها باستخدام القناة السمعية وهو بذلك يتشابه مع الطلاب الآخرين الذين يعتمدون على القناتين معاً ( السمعية والبصرية ) في الحصول على المعلومات .
أخطاء في التواصل مع الطالب المصاب بحاسة السمع
هناك كم كبير من الأخطاء يقع بها الأشخاص غير المدربين عند التواصل مع الطالب المصاب بحاسة السمع من هذه الأخطاء نشير إلى :
المبالغة في فتح الفم أثناء الحديث مع الطالبv اعتقادا منهم بأن ذلك سوف يساعد الطالب على قراءة الشفاه أو فهم الكلام بشكل أفضل !!
المبالغة في نطق الكلمات أو نطق أصوات لعوية معينة ويصل الأمر إلى حدv التشديد على بعض الأصوات والمقاطع اللفظية مما يعيق فهم الكلام .
الكلام بدونv صوت مع المبالغة في تحريك الشفاه ! اعتقادا منهم بأن الطالب لا يسمع وبذلك فان الكلام بدون صوت هو أفضل لفهم الكلام !
بعض الأشخاص يلجئون إلى الصراخv والكلام بصوت مرتفع للغاية حالما يعلمون بان الشخص الذي يتكلمون معه مصاب بحاسة السمع ظنا منهم أن ذلك يساعد ضعيف السمع أو الأصم على السمع ، وفي واقع الأمر أن ذلك يصعب كثيرا من فهم الكلام ومن الممكن أن يسبب في ارتباك وتشوش في سماع الأصوات أو يسبب ضيق لمستخدم المعين السمعي .
التكلم مع الطالب المصاب بحاسة السمع
بعض التقنيات البسيطة عند الكلام مع المصاب بحاسة السمع من شأنها أن تجعل من عملية التواصل مريحة وسهلة على المصاب والمتكلم في الوقت نفسه من هذه التقنيات نشير إلى :
التكلم مع الطالب المصاب بحاسة السمع بشكل وصوت طبيعي دون المبالغةv بعلو الصوت أو تحريك الشفاه أو التشديد على المقاطع اللفظية والأصوات اللغوية فالطالب الذي يستخدم المعينات السمعية المضبوطة بشكل صحيح والمدرب على الاستماع يمكنه سماع معظم الطيف الصوتي على درجة مريحة من علو الصوت .
من المهم الحديثv مع الطالب المصاب بحاسة السمع بجمل كاملة واضحة وقواعد لغوية صحيحة مع تجنب تبسيط الجمل أو استخدام تعابير وجمل طفولية ( تقال للأطفال عند الكلام معهم ) وفي المقابل من المهم تجنب استخدام العبارات والكلمات الأجنبية والتعابير غير الدارجة .
v إذا لم يفهم الطالب المصاب من الممكن إعادة صياغة الجملة بكلمات أخرى ابسط من الكلمات السابقة أو الحديث بإيقاع أبطأ نسبيا .
من المهم كذلك عدم الانتقال فيv الحديث من موضوع إلى موضوع آخر في دون تمكين الطالب من معرفة أن الحديث هو عن موضوع جديد .
وحتى يضمن المدرس التواصل الفعال مع الطالب المصاب بحاسة السمع عليه إتباع التقنيات البسيطة التالية :
- التحدث مع الطفل عندما يكون مواجها له .
- عدم وضع أي شي أمام الوجه يعيق الرؤية مثل الكتب على الطاولة أو وضع شيء في الفم.
- عندما يطلب المدرس من أحد التلاميذ الإجابة على سؤال أو التكلم أو القراءة عليه في البداية أن يشير بأصبعه إلى التلميذ المعني ويطلب منه الانتظار حتى يحدد الطالب المصاب بحاسة السمع موقع التلميذ وبذلك يتمكن من متابعته .
- من المهم عدم تصحيح عيوب النطق التي تكون موجودة عند بعض الأطفال المصابين أمام الطلاب الآخرين فقد يحرج ذلك الطفل المصاب بحاسة السمع ، ومن المهم في مثل هذه الحالات كتابة تقرير أو ملاحظات إلى فريق الدمج الذي يشرف على دمج الطفل في المدرسة حول عيوب النطق والصعوبات التي يواجهها الطفل والذي بدوره سوف يتعامل مع مشكلة الطالب النطقية .
- استعمال الوسائل البصرية في شرح الدرس كلما كان ذلك ممكنا مثل كتابة ملخص الدرس أو العبارات المهمة على السبورة أو استعمال الصور لشرح الكلمات الصعبة أو الأجنبية وهذه الأمور تساعد الطالب المصاب كثيرا. وتساعد الطلاب الآخرين حيث أن هناك بعض الطلاب ومع وجود قدرات سمع عادية يعتمدون إلى حد كبير على القناة البصرية في التعلم .
- التأكد من أن الطالب المصاب بحاسة السمع يتابع الدرس ومن الممكن التأكد من ذلك من خلال طرح بعض الأسئلة عليه.
نختم حديثنا في التأكيد على أن دمج الأطفال المصابين بحاسة السمع في نظام التعليم العادي لم يعد من الأمور صعبة المنال أو المستحيلة. فالتقدم التكنولوجي في مجال زراعة القوقعة والمعينات السمعية الحديثة والتدخل المبكر مكن عددا كبيرا من المصابين من اكتساب اللغة والكلام والتواصل الشفهي الطبيعي .
ناظم فوزي
بكالوريوس في علم الإعاقة
ماجستير في اضطرابات اللغة والكلام