لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80286 نقاط : 715069 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: من أين لك هذا .. وذاك يا بائع الخواتم والسٍبح؟ محمد العماري الأربعاء 7 أبريل 2010 - 20:57 | |
|
من أين لك هذا .. وذاك يا بائع الخواتم والسٍبح؟
أتذكر إذ لحافك جلد شاة - وإذ نعلاك من جلد البعير
محمد العماري
لم يعد ثمة من يشكّ, سواءا في العراق أو في الخارج, من أن حكام العراق المحتل لصوص محترفون وسراق لهم باع طويل في النهب والسلب سرّا وعلنا, حتى وإن تقلّدوا مناصب ومسؤوليات مهمّة في في الحكومة والدولة. ولا يمكن مقارنتهم أبدا بعصابات المافيا أو بمنظمات الجرائم الكبرى. فلا توجد, على ضوء المؤشرات والأدلة الموثّقة, مقارنة بين الأثنين على الاطلاق. ويمكن إعتبار عصابات المافيا, التي تسيطر عادة على مدن وبلدات معيّنة وليس على دول غنية كالعراق, فرعا بسيطا من فروع المقر العام لّلصوصية والحرمنة والفساد في المنطقة الخضراء, والذي يمثّله بلا منازع, على الصعيدين المحلّي والدولي, ما يُسمى بقادة العراق الجديد.
فكأن قادتنا الغير مبجّلين دخلوا دورة تدريبية متقدّمة في هذا الميدان, وتتلمذوا على أيدي خبراء دولييين متخصّصين في فنون السرقة والنهب والاستحواذ, المنظّم والعشوائي والمختلط, على الأموال العامّة والخاصّة وثروات البلدان. وكالجراد الذي يحوّل الحقول والبساتين الى أرض جرداء إستطاع أبطال"التحرير" من أمثال المالكي والطلباني والبرزاني وأحمد الجلبي, سيء الصيت والسمعة والخلقة, أن يحوّلوا العراق, الذي كان قبل الآحتلال واحدا من أغنى دول المنطقة, الى أرض يباب, يسكنها الطير وينعق في ربوعها غراب البين الايراني.
واللافت أنه لا يوجد رقيب ولا حسيب, لا من بين هؤلاء, لأن ضمائرهم ميّتة ومشاعرهم متحجّرة, ولا من بين أسيادهم في طهران وواشنطن وتل أبيب يسألهم, ولو مجرد سؤال بسيط, عن مصير مليارات الدولارات التي تمّ تخصيصها للوزارت الحكومية من أجل إعادة أو توفير الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين العراقيين. فلا تلك الوزارات, التي تحوّلت الى ملكّية خاصة للوزير وحاشيته, إستطاعت أن تحقّق خمسة بالمئة مما وعدوا به الشعب العراقي, ولا مؤسسات الدولة الأخرى, التي توزّعت وفق عدالة ديمقراطية المحاصصة الطائفية والعرقية, تمكّنت من النهوض بمهامها بالشكل المطلوب.
أما الحديث عن رواتب ومخصصات وإمتيازات حكام المنطقة الخضراء فله أكثر من شجون ولا يصدّقه عاقل لولا أننا نتحدّث عن العراق "الجديد جدا" والذي إنحدر الى حضيض ما بعده حضيض في جميع مناحي الحياة. وتقول آخر التقارير بهذا الخصوص إن الراتب الشهري الذي يتقاضاه رئيس الحكومة العميلة نوري المالكي هو مليوني دولار أمريكي.أي ما يُعادل راتب باراك أوباما, رئيس الدولة الأعظم والأغنى في العالم, لثلاث سنوات., ويُعادل رواتب ستّة آلاف موظّف عراقي.
لكن يجب القول أيضا إن باراك أوباما, حتى قبل أن يصبح رئيسا لأمريكا, كان وما زال يعيش من راتبه الشهري فقط. ولم نسمع عنه أنه إمتلك قصورا, في لندن مثلا ومدن أخرى, وشركات وأموال حصل عليها بطرق غير مشروعة, كما فعل بائع الخواتم والِسبح نوري المالكي. والحقيقة لا توجد دولة في العالم يتقاضى رئيس حكومتها مليوني دولار شهريا بينما يعيش أكثر من نصف مواطنيه, حسب تقارير ودراسات ومسوحات لمنظمات مستقلّة, تحت أو قرب خط الفقر. ولا تبدو في أفق العراق "الديمقراطي الفديدرالي المستقل جدا"أية بوادر لتحسّن ولو بسيط على أي مستوى كان.
إن على ألأمم المتحدة, طالما أن العراق ما زال خاضعا للبند السابع من ميثاقها, أن تشكّل محكمة خاصة لحكام العراق الجدد, على الأقل فيما يتعلّق بالسرقات والنهب المنظم للمال العام ولثروات العراق الأخرى. والتركيز بشكل أساسي على الرواتب الخيالية والمخصصات الفنطازية التي منحها لأنفسهم حكام المنطقة الخضراء تاركين شعبا بأكمله يعاني من الفقر والبطالة والجهل والمرض والخوف المستمر من الحاضر والمستقبل.
وعلى الأمم المتحدة, التي عجزت تماما عن وقف نزيف الدم العراقي لمدة سبع سنوات, أن تتجاوز دورها المزعوم في تقديم النصائح والمشورة الى دور أكثر فاعلية يتضمّن قبل كلّ شيء محاسبة ومساءلة اللصوص والسراق والفاسدين والمرتشين من حكام عراق اليوم. فلا يُعقل أن تكون رواتب العميل نوري المالكي وأمثاله بملايين الدولارات, مُضافا لها المخصصات والامتيازات الأخرى وتقدّر بالملايين أيضا, في الوقت الذي عجزوا فيه عن تحقيق الحد الأدنى من الخدمات لما يُقارب الثلاثين مليون مواطن.
أي أنهم يستلمون أموالا طائلة من خزينة الدولة العراقية, أو البقرة الحلوب, دون أن يقدّموا بالمقابل شيئا يُذكر. ولو كانت ثمّة عدالة في هذا العالم لأستحق حكام العراق الجديد الوقوف أمام القضاء العادل لمحاكمتهم عمّا لا يُحصى من الجرائم والمجازر والانتهاكات, وليس آخرها نهب وسرقة, على شكل رواتب وغيرها, ثروات وخيرات أجيال وأجيال من العراقيين. | |
|