مرثية للشاعر : نزار قباني أهديها للصديق الحاج لطفي الياسيني تقديرا لشخصه الكريم / المغربي الطيب هلو
Tayeb Hallou
صهيل الشعر
مرثية للشاعر : نزار قباني
أهديها للصديق الحاج لطفي الياسيني تقديرا لشخصه الكريم
---------------------------------
الْـوَقْتُ يَعْصِرُ مِـنْ تَارِيخِـهِ زَمَنِـي
وَالْبَحْرُ يَزْهُو عَلَى الشُّطْآنِ يَا سُفُنِـي
وَثَوْبُ عِشْقِـي بِجُرْحِ النَّـايِ أَطْرِزُهُ
شِعْـراً، فَـأَلْبَسُـهُ طَوْراً وَيَلْبَسُنِـي
إِنِّـي أُوَطِّـنُ فِـي الْأَمْـدَاءِ قَـافِيَةً
كَالْمَـاءِ صَافِيَةً قَدْ زَانَهَـا شَجَنِـي
إِيـقَاعُـهَا ثَمِـلٌ، بِـالْوَزْنِ يُسْكِرُهُ
مِثْلَ الطُّيُـورِ تَسَاقَتْ خَمْرَةَ الْفَنَـنِ
وَالصُّـورَةُ اشْتَعَلَتْ، بِالرَّمْزِ أُلْهِبُهَـا
وَكَالْأَسَاطِيرِ فِي عُمْقِ الْمَدَى سَكَنِـي
إِنِّـي قَرَأْتُ عُيُـونَ الشِّعْرِ مُذْ مَلَأَتْ
أَقْدَاحَ ذَوْقِـي خُمُورُ الْبَوْحِ تُسْكِرُنِي
فَمَـا وَجَدْتُ قَصِيداً غَيْرَ مَا اجْتَرَحَتْ
يُمْنَاكَ يُغْـِري حَفِيفَ الْعِشْقِ، يُطْرِبُنِـي
فَاسْكُبْ نَبِيـذَكَ وَارْتُقْ فَـجْوَةَ الزَّمَنِ
وَالْعَـنْ مَـدَائِنَ مِنْ جُبْنٍ وَمِنْ وَهَـنِ
لَـوِّنْ نِزَارُ حَيَـاةَ الْحُـبِّ مُبْتَهِجـاً
وَاخْفِقْ بِقَافِيَـةٍ فِـي وَجْهِ ذِي الْمُـدُنِ
كُلُّ الْقَصَائِـدِ فِـي دُنْيَـاكَ أُغْنِيَةٌ
فَاصْـنَعْ قَصَائِدَ تَمْحُو السِّـرَّ بِالْعَلَنِ
وَارْحَلْ فَلَا وَطَــنٌ سُكْنَاهُ مُغْـِريَةٌ
وَهَلْ يَرُوقُكَ أَنْ تَحْيَا عَلَى الدَّخَـنِ ؟!
هَـا أَنْتَ تَرْحَلُ... لَا الْأَسْوَارُ مُرْهِفَةٌ
سَمْـعاً وَلَا وَطَـنٌ يَغْفُو عَلَـى وَطَـنِ
هَـا أَنْتَ كَـالْوَجَعِ الْمَكْلُومِ مُنْسَحِبٌ
عَـنْ عَالَمٍ نَتِـنٍ يَقْتَــاتُ بِالْفِتَـنِ
بَيْرُوتُ كَــالِـحَةٌ, فَالْعِطْـرُ فَارَقَهَا
وَالْـوَجْهُ مِنْهَـا كَسَاهُ الْحُزْنُ بِِالْغَضَـنِ
سِرُّ الْفَصَاحَـةِ ضَـاعَ الْيَوْمَ مُـرْشِدُهُ
هَمْـسُ النِّسَاءِ كَأَنْ مِـنْ قَبْلُ لَمْ يَكُـنِ
سِحْرُ الْقَصِيدَةُ مَـاتَ الْيَوْمَ مُبْدِعُهُ
هَلْ تَسْمَعُونَ صَهِيلَ الشِّعْرِ مِنْ كَفَنِ ؟