أحمل الذكرى / للشاعر الكبير الراحل الاستاذ عبد الله البردوني
-----------------------------------
احمل الذكرى من الماضي كما
يحمل القلب أمانيه الجساما
هات ردّد ذكريات النور في
فنّك الأسمى و لقّنها الدّواما
ذكريات تبعث المجد كما
يبعث الحسن إلى القلب الغراما
فارتعش يا وتر الشعر وذب
في كئوس العبقريّات مداما
و تنقّل حول مهد المصطفى
وانشد المجد أغانيك الرّخاما
زفّت البشرى معانيه كما
زفّت الأنسام أنفاس الخزاما
و تجلّى يوم ميلاد الهدى
يملأ التاريخ آيات عظاما
واستفاضت يقظة الصحرا على
هجعة الأكوان بعثا وقياما
و جلا للأرض أسرار السما
و تراءى في فم الكون ابتساما
جلّ يوم بعث الله به
أحمدا يمحو عن الأرض الظلاما
و رأى الدنيا خصاما فاصطفى
أحمدا يفني من الدنيا الخصاما
" مرسل " قد صاغه خالقه
من معاني الرسل بدءا و ختاما
قد سعى – و الطرق نار و دم –
يعبر السهل و يجتاز الأكاما
و تحدّى بالهدى جهد العدا
و انتضى للصارم الباغي حساما
نزل الأرض فأضحت جنّة
و سماء تحمل البدر التماما
و أتى الدنيا فقيرا فأتت
نحوه الدنيا و أعطته الزّماما
و يتيما فتبنّته السّما
و تبنّى عطفه كلّ اليتامى
و رعى الأغنام بالعدل إلى
أن رعى في مرتع الحق الأناما
بدويّ مدّن الصحرا كما
علّم الناس إلى الحشر النظاما
و قضى عدلا و أعلى ملّة
ترشد الأعمى و تعمي من تعامى
نشرت عدل التساوي في الورى
فعلا الإنسان فيها و تسامى
يا رسول الحقّ خلّدت الهدى
و تركت الظلم و البغي حطاما
قم تجد الكون ظلما محدثا
قتل العدل و باسم العدل قاما
و قوى تختطف العزل كما
يخطف الصقر من الجوّ الحماما
أمطر الغرب على الشرق الشّقا
و بدعوى السلم أسقاه الحماما
فمعاني السلم في ألفاظه
حيل تبتكر الموت الزؤاما
يا رسول الوحدة الكبرى و يا
ثورة وسّدت الظلم الرغاما
خذ من الأعماق ذكرى شاعر
و تقبّلها صلاة و سلاما