نحو إنهاء الانقسام فعلا
----------------
التصريحات التي أدلى بها رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل
ووزعها المكتب الإعلامي للحركة أمس الأول وقال فيها ان المصالحة الفلسطينية
مسألة استراتيجية بالنسبة لحماس التي ستتابع جهود تطبيق ما تم الاتفاق عليه
في القاهرة والدوحة لتذليل العقبات التي تحول دون المصالحة، هذه التصريحات
تزامنت مع تصريحات عدد من مسؤولي حركة فتح وفي مقدمتهم الرئيس محمود
عباس الذي أكد مرارا حرص حركة "فتح" والسلطة الوطنية على إنهاء الانقسام
وسعيها من أجل تطبيق ما تم الاتفاق عليه، وهو ما أكده امس، أيضا عضو اللجنة
المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد بعد اجتماعه مع وزير الخارجية المصري محمد
عمرو وهو الاجتماع الذي جرى فيه بحث الجهود المبذولة لازالة العقبات أمام انهاء
الانقسام وسبل تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة.
ان ما يجب ان يقال هنا، ان هذه التصريحات يسمعها المواطن الفلسطيني منذ
وقت طويل بشكل متكرر دون ان يرى اي نتيجة فعلية على الارض، بل ان ما يلمسه
المواطن الفلسطيني على الارض يتناقض تماما مع النوايا الطيبة التي تحملها مثل
هذه التصريحات خاصة عندما يرى ويسمع اتهامات متبادلة وممارسات من شأنها
تكريس الانقسام وأبسط الامثلة على ذلك استمرار الاعتقالات وما أثير من خلاف
حول الانتخابات المحلية الأمر الذي أسفر عن اجرائها في الضفة الغربية ومنعها في
قطاع غزة، عدا عن اننا كفلسطينيين اصبحنا نتحدث بصوتين امام العالم كل منهما
يحاول احتكار الشرعية وفرضها مما يعمق ويكرس الانقسام اضافة الى الكثير من
المظاهر السلبية الاخرى التي لا مجال للخوض فيها هنا.
كما ان ما يجب ان يقال ايضا ان المغيّب من هذه المعادلة هو المواطن الفلسطيني
صاحب الحق الطبيعي في قول كلمته وصاحب الحق في اعطاء الشرعية او نزعها
عن اية جهة ترفع لواء تمثيله، وهو نفس المواطن الذي ادرك ان الانقساميين لا
يكترثون بموقفه ونداءاته المتكررة لإنهاء هذا الانقسام المأساوي، وسئم كل الوعود
والتصريحات التي يشعر وكأنها تطلق للاستهلاك الدعائي ولإخفاء حقيقة النوايا
التي شكلت حتى الآن السبب الرئيس في تكريس الانقسام.
ان شعبا عظيما مثل شعبنا قدم كل هذه التضحيات الجسام من قوافل الشهداء
والاسرى والجرحى والمعاناة المتواصلة، يشعر بالاهانة وبمصادرة حقه الطبيعي
كمصدر اساسي للسلطات وكصاحب سيادة. والسؤال الذي يطرح على الانقساميين
هو: طالما ان لدينا قانون اساسي وولاية مجددة بموجب هذا القانون للمجلس
التشريعي وللسلطات التنفيذية على اختلافها، فمن اين يستمد الانقساميون
شرعيتهم ؟! وهل كتب على الشعب الفلسطيني ان يبقى اسير صراعات اقل ما
يقال فيها انها فئوية او حزبية ولا تمت بصلة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني ؟
واذا كان ما يسمى ب "الربيع العربي" رغم كل ما يثار من جدل حول تداعياته وأسبابه،
فانه في احد وجوهه تعبير واضح عن الارادة الشعبية في المشاركة السياسية وفي
الوقوف في وجه الظلم والاستبداد واحتكار التمثيل والسلطة وسعيا لمجتمعات
تسودها الديمقراطية والعدالة والكرامة الوطنية، اذا كان الأمر كذلك الا يجدر بكل
الانقساميين ان يدركوا ان الارادة الشعبية مهما تم طمسها وتغييبها لها الكلمة
الاولى والاخيرة ولها الحق الاول مهما طال الزمن ام قصر ؟!
وفي المحصلة، فقد حان الوقت كي يرى شعبنا نتائج واضحة نحو انهاء الانقسام
ونحو استعادة حقه الطبيعي في قول كلمته في انتخاب ممثليه بعيدا عن كل الوعود
والتصريحات التي يتكرر سماعها دون نتائج وبعيدا عن استمرار اغراقنا في هذا
الصراع الذي اقل ما يقال فيه انه ليس صراعا لخدمة مصالح الشعب الفلسطيني وأنه
اساء لشعبنا وقضيته ومنح الاحتلال وقتا اضافيا لتمرير مخططاته. فما الذي يمنع
لقاء مباشرا في رام الله او غزة بين قيادتي حركة "فتح" و"حماس" لبحث تطبيق ما
تم التوصل اليه من اتفاقات وبقاء هذا اللقاء مفتوحا الى ان يتم الخروج الى شعبنا
ببيان واضح: لقد انتهى الانقسام وسنباشر فورا تطبيق كل ما اتفق عليه سواء فيما
يتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية او ما يتعلق بمنظمة التحرير او السلطة
الوطنية وأجهزتها ...الخ ..هذا ما ينتظره الشعب الفلسطيني من قادته اذا كان
الهدف فعلا انهاء الانقسام.