الإعلام العبري يُجمع على هزيمة إسرائيل في الأمم المتحدة أمام فلسطين ويحمل نتنياهو مسؤولية الفشل / زهير أندراوس
----------------------------------------------------------
الناصرة ـ القدس العربي: كما كان متوقعا، فقد ركز الإعلام العبري، الجمعة، على قرار الأمم المتحدة الذي اعترف بفلسطين كدولة غير عضو، وكان الإجماع على ان الدولة العبرية هُزمت من قبل الفلسطينيين في المنظمة الدولية سيد الموقف، كما أن الاتهامات لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وصلت من كل حدب وصوب، فما يُسمى بالوسط واليسار اتهمه بأنه ساهم في انتصار الفلسطينيين عندما أوقف المفاوضات مع رئيس السلطة، محمود عباس.
ومن الناحية الأخرى، قال ممثلو اليمين واليمين المتطرف إن خطاب بار إبلان الذي أعلن فيه نتنياهو عن موافقته على مبدأ دولتين لشعبين، حفز الفلسطينيين إلى التوجه للمحافل الدولية لإرباك وإحراج إسرائيل، وهو ما حدث فعلا، في هذا السياق قالت النائبة اليمينية المتطرفة، تسيبي حوطوفيلي، من حزب الليكود الحاكم، إن قرار الأمم المتحدة هو الإعلان الرسمي عن وفاة اتفاق أوسلو، وتراجع نتنياهو عن موافقته على مبدأ دولتين لشعبين، وجاءت أقوالها في حديث للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي.
على صلة بما سلف، قال المحلل السياسي البارز في صحيفة يديعوت أحرونوت، شمعون شيفر، صاحب الباع الطويل في دوائر صناع القرار بتل أبيب، قال إنه يمكن القول إن اعتراف نتنياهو بحكومة حماس، لدى انتهاء عملية (عامود السحاب) العسكرية التي شنها جيش الإحتلال الصهيوني على قطاع غزة، قد ضمن للفلسطينيين دولتين، هما دولة حماس في القطاع، ودولة في الضفة الغربية، التي حظيت أمس بمكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، على حد تعبيره، ولفت المحلل إلى أنه من المتوقع أنْ تشهد دولة حماستان في المستقبل القريب جولة أخرى من زيارات رؤساء الدول والحكومات الذين سيلتقطون الصور مع رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، مشددا على أنه في الوقت نفسه لن يتذكر أحد أن وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان، الذي دعا قبل ثلاثة أسابيع إلى تقويض السلطة الفلسطينية طردٍ على الإرهاب السياسي الذي يمارسه رئيسها محمود عباس، عبر توجهه إلى الأمم المتحدة، وتابع سيفر قائلا إن الأمور الآن تبدو مختلفة تماما، فنتنياهو وليبرمان تلقيا إنذارا من الإدارة الأمريكية يحذرهما من مغبة المس بشرعية عباس بسبب توجهه للأمم المتحدة، ولذا خففا لهجتهما ضده، مشيرا إلى أنه عند التصويت وجدت تل أبيب نفسها في عزلة كبيرة، ورجح المحلل إلى أنه من المحتمل أنْ يحاول أركان إسرائيل الزعم بأنهم يتصرفون على هذا النحو، أيْ تخفيف لهجة الهجوم على الفلسطينيين، بهدف عدم خسارة الدعم الأمريكي لإسرائيل في كل ما يتعلق بكبح البرنامج النووي الإيراني، لكنه استدرك قائلا بأن هذا الإدعاء ليس صحيحا على الإطلاق، لافتا إلى أنه بحسب عناوين وسائل الإعلام في الأشهر القليلة الفائتة كان يتعين أنْ يكون الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية قد أصبح من ورائنا، وقد جرى صرف أكثر من 10 مليارات شيكل على التحضيرات لشن هجوم كهذا، كما قال إنه بموجب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، استكمل الإيرانيون في الأيام الأخيرة عملية إخفاء الأجهزة الخاصة بتركيب القنبلة النووية.
وخلص شيفر إلى القول إنه مما لا شك فيه بأن حصول الفلسطينيين على مكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة بتأييد عددٍ كبيرٍ من دول العالم (138 دولة) يعتبر إنجازا تاريخيا، لكنه في الوقت نفسه يشكل إثباتا آخر على التداعيات التي يمكن أن تترتب على انعدام أي مبادرة سياسية من جانب رئيس الوزراء نتنياهو، على حد قوله.
أما صحيفة هآرتس فقد رأت أن الاعتراف ألأممي بدولة فلسطين هو بمثابة رسالة تحذير عالمية للدولة العبرية، جاء فيها، بحسب الصحيفة، أن العالم قد سئم من الاستيطان ورفض السلام، مقابل تأييد وتضامن دوليين مع الشعب الفلسطيني وطموحاته، وشددت الصحيفة على أن الدول الأوروبية الصديقة مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا ودول صديقة أخرى مررت بواسطة تصويتها رسالة واضحة لتل أبيب مفادها أنه لا تسامح بعد الآن تجاه احتلال الضفة الغربية، وأنه لا ثقة بعد هذا اليوم بالتصريحات الإسرائيلية حول اليد الممدودة للسلام ورغبة الدولة العبرية بالتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية، وأشارت الصحيفة أيضا إلى أنه في الوقت الذي الذي تنافس فيه المسؤولون في تل أبيب على الاستخفاف بالتحرك الفلسطيني، إذ لم يسبق مرة أن صدر هذا الكم الهائل، الذي صدر الخميس من البيانات الإسرائيلية المستخفة بالتحرك الفلسطيني.
وكان أبرز هذه البيانات التصريح الذي نقل عن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون وجاء فيه: هذا اليوم هو يوم هزيمة تاريخية للفلسطينيين، وهو تصريح أعاد للأذهان تصريحات وزير الإعلام العراقي، محمد سعيد الصحاف، عن النصر في الوقت الذي انطلقت فيه الدبابات الأمريكية تجوب شوارع العاصمة العراقية، وحملت الصحيفة مسؤولية ما أسمته بالانهيار السياسي والهزيمة الدبلوماسية المهينة التي منيت بها إسرائيل، للسياسة المثابرة التي قادها نتنياهو، والتي كانت بدايتها برفضه الاعتراف بحل الدولتين، مشددة على أنه لم يقم بطرح مبدأ دولتين لشعبين في الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، رأت الصحيفة أن رئيس الوزراء هرب بعد ذلك للتخلص من أي مبادرة سياسية تم عرضها عليه، حيث رفض قطعا البت في القضايا الجوهرية للصراع والحل الدائم له، مضيعا الوقت بواسطة إطلاق الذرائع والحجج الواعية، وامتنع عن تقديم خطة سياسية للفلسطينيين وللدول الصديقة لإسرائيل. وبالتالي، قالت الصحيفة، إنه في ظل غياب مبادرة سياسية انجر نتنياهو، ومعه الدولة كلها، إلى التصويت في الأمم المتحدة، جرا، وخلصت الصحيفة إلى القول إن رئيس الوزراء فشل، وهو الذي تباهى بقدرته على تجنيد العالم ضد المشروع النووي الإيراني، وبتجنيد الدعم الأمريكي للحملة العسكرية الأخيرة ضد غزة، هو نفسه فشل في إقناع الفلسطينيين والمجتمع الدولي بأنه جاد وصادق في مساعيه السلمية، مؤكدة على أن السواد الأعظم من زعماء العالم لا يصدقونه ويُحملونه مسؤولية الجمود السياسي، كما أشارت الصحيفة إلى أن هجوم ليبرمان السافر في الأشهر الأخيرة ضد رئيس السلطة أبو مازن دفع المزيد من الدول لتأييد الفلسطينيين في الأمم المتحدة، على حد تعبيرها.
وقال المحلل السياسي للصحيفة، باراك رافيد، إن حكومة نتنياهو وعلى مدار أربع سنوات هي مثل الضفدع الذي وُضع على الموقد، وكانت المياه دافئة، ولكن في لحظة واحدة، أي الجمعة في الأمم المتحدة، فإن المياه باتت تغلي، ولكن الوقت كان متأخرا، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية القادمة، والتي ستكون حسب كل الدلائل يمينية ومتطرفة، لن تقوم بتغيير سياستها، على حد تعبيره.