الادانة الدولية الواسعة للاستيطان غير كافية رغم أهميتها ...!
---------------------
بعد التصويت شبه الاجماعي في الامم المتحدة لقبول فلسطين دولة
بصفة مراقب، تصرف رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو بطريقة
استفزازية للغاية دون ان يقدر حجم التغيير الهائل في العالم ضد
السياسات الاسرائيلية، وبادر الى الاعلان عن قرار لاقامة ثلاثة آلاف وحدة
استيطانية بالقدس وكل انحاء الضفة وزاد في الغطرسة بالامس حين
اصدرت السلطات الاسرائيلية قرارا بهدم عشرات المنازل في حي سلوان
بالقرب من المسجد الاقصى المبارك والتخطيط لاقامة نفق استيطاني، وقال
انه لن يتراجع في موضوع الاستيطان حاليا ومستقبلا.
وثارت ثائرة العالم وفي المقدمة اصدقاء وحلفاء اسرائيل في الولايات
المتحدة والاتحاد الاوروبي واستدعت دول عديدة سفراء اسرائيل لتقديم
كتب احتجاج رسمية وشديدة اللهجة ضد الهجمة الاستيطانية الجديدة
وتوقيتها، وحسب مصادر اميركية واسعة الاطلاع فان ادارة الرئيس اوباما
غاضبة جدا وعميقا من خطط الاستيطان هذه. والسبب بسيط وواضح وهو
ان هذه السياسة صارت حالة لا يمكن قبولها ولا الدفاع عنها او السكوت
عليها خاصة بعد عملية التصويت في الامم المتحدة والاجواء العامة الدولية
الرافضة للاستيطان والداعية او المنادية باستئناف المفاوضات لتحقيق
السلام ففي الاستيطان قضاء على كل ذلك وفيه احراج شديد للدول التي
لم تصوت لصالح الدولة الفلسطينية او التي امتنعت عن التصويت.
لقد كان ملفتا للانتباه ان بريطانيا والمانيا وهما من اكبر مؤيدي اسرائيل،
امتنعتا عن التصويت اولا، واستنكرتا الاستيطان بقوة ثانيا، مما يدل على
عمق التغيرات في المواقف الدولية. كما لا بد من الاشارة الى الحملات
الشعبية على مستوى العالم ضد منتجات المستوطنات والدعوات المتكررة
لتمييزها عن غيرها او حتى مقاطعتها.
هذا كله ايجابي وهام لنا ولقضيتنا ولا بد من الاستفادة منه واستغلاله
لزيادة التأييد والدعم في اطار استراتيجية علمية واضحة وبالتنسيق
والتعاون مع الاصدقاء والمؤيدين في كل انحاء العالم. الا انه لا بد من القول
ان الادانة او الاستنكار واستدعاء السفراء للاحتجاج وكل مظاهر الرفض هذه
ليست كافية ويجب ان تكون الخطوة الاولى نحو اجراءات اخرى ميدانية
تتجاوز الكلام الى الفعل.
ان في الاستيطان اعتداء على دولة عضو في الامم المتحدة، بعد القرار
الدولي الاخير مما يزيد من مبررات اتخاذ خطوات تبدأ بوقف استيراد
منتجات المستوطنات، ثم بوقف العلاقات الاقتصادية او السياسية المميزة
بين اسرائيل والدول المعارضة للاستيطان، وباعادة النظر ببعض انواع
المساعدات والدعم الذي تتمتع به اسرائيل بشكل خاص، وربما تنتهي
هذه الخطوات بفرض انواع من العقوبات على اسرائيل حتى تضطر لوقف
الاستيطان، ولا يجوز القبول بمنطق فرنسا الذي يبدو رافضا لمثل هذه
العقوبات، لان اسرائيل اعتادت على ادارة الظهر لكل القرارات الدولية او
الادانة الكلامية وباتت تتعامل معها بنوع من الاستخفاف.
وعلى قادة اسرائيل الذين يبدو أنهم يتجهون يمينا اكثر واكثر، ان
يدركوا ويستوعبوا حقيقة التغيرات الدولية الهامة وان يستجيبوا لنداءات
السلام العادل ليس من شعبنا الفلسطيني فقط ولكن من كل انحاء العالم
ومن اقرب حلفائها الذين بدأوا يضيقون بسياساتها.