هـــــــــــذا أنا .....
مرّ الشتاءُ فلا ماءٌ ولا مطرُ
من لي فيجبرُ ما حَطَموا وما كَسَروا
من لي ليضْمِدُ جرحاً غائراً بدمي
أوْ قدْ يُخففُ من آثارهِ الضّررُ
هذي البلاد وقد عاشرتها زمناً
في كل عاصمةٍ قد زُرتُ.. لي أثرُ
إن قلت "بيروت" كانت قِبْلَتي وبها
كنت الفتى الغضَّ لا حرصٌ ولا حَذَرُ
حوصِرْتُ فيها وكان البحر يعرفني
لا أغمضُ العين أو يُغضي بيَ البصرُ
تسعون يوماً وكانت كلما نزفت *
تبكي العيونُ لها والقلبُ ينفطرُ
بايعتها بدمي أن لا أغادرها
إمّا شهيداً وإمّا في يدي الظّفَرُ
يوم الفراق بكينا الدمع مثل ندىً
يهمي على الأرضِ والأرواح تَحْتَضِرُ
لكن عزائي بأن القدس قِبْلَتنا
أنّى ذهبنا ففيكِ الأرضُ .. تُخْتَصَرُ
يا "شام" جئتك عبر البحر فاصْطَبِحي *
فجراً بجندٍ تحدّوا القهر وانتصروا
يا شام ما لٌمْتُ إذْ عزّتْ أُخوّتهمْ
يوم الحصار ..شهامَتَهم هنا قَبروا
خلّوا وهانتْ على الدُّنيا كرامتهم
كأنَّ لا عبسُ أجدادي ولا مضرُ
"عمّانُ " فيك هوى قلبي ومهجته
عمري وروحي بها .. والعود والوترُ
يا توأم الروح فيكِ الروح هائمةٌ
في كلِّ حيٍّ بها إنْ تُمعنوا .. قَمَرُ
مُذْ أدركَ الفكر ما معنى عروبتهِ
بـ "أردُنِ" الفعل كان الفِكْرُ يُخْتَصَرُ
أمّا "الجزائر" يا أمجاد حاضرنا
غرباً وشرقا بطولاتٍ بها ذُكِروا
هَبّتْ فكانتْ على المُحْتَلِّ غَضْبَتها
والشعب إن شاء .. يحني هامه القدرُ
قد عشتُ فيك فما أبهاكِ عاصمةً
"ديدوش " يشهدُ و "الحرّاش" والسّهرُ
لكن برغمِ هوىً في القلبِ يَعْمُرهُ
قد أنكروه على قلبٍ به غدروا
وأرغموهُ على الإبعادِ مُتّهماً
أني الغر يبُ ومني ينبعُ الضررُ
لكن هواكِ وأشجاناً بذاكرتي
رغم السنين فما زالت بها أثرُ
وكيف أنساك "بن عكنون" "قُبّتها" *
وبابِ يُسَمّى بهِ " الزُّوّار" إن حَضروا
يا تونس المجد يا ألحان أغنيةٍ
تشجي االقلوب وتذكي في دمي الشَّرَرُ
في "سيدي بوسعيد" كان البحرُ مُتََّكَئاً
وكان يحلو بـ"حلق الواد" لي السهرُ
ذكراكِ في "منزهِ " الأحلام تعصرني
فأستحيل نبيذاً .. حين أُعْتَصَرُ
الطّيبُ فيكِ وفي أرضٍ لنا احْتَضَنَتْ
إذ ضاقتِ الأرض بالثّوارِ إذ نفروا
ها جئت أحمل ذاكرتي مفكّرتي
فيها حفرتُ جميلاً ليس يندثرُ
ما زلتُ أذكرُ قولاً حين أسمعهُ
ينبض له القلب إحساساً فينهمرُ
يا شعب تونس انت اليوم قدوتنا
ابطالك الغر أمجاداً لنا سَطَروا
من كان يحلمُ أنَّ الياسمين إذا
ما فاح منكِ على الدنيا سينتشرُ
أما "الكويتُ " لها في القلب منزلةٌ
متى ذكرتك غصن القلب ينهصِرُ
فتموج ذاكرتي صوراً مخبّأةً
كالبحر يدنو بموجٍ ثم ينحسِرُ
كانت شتاءً ..وكان الكون محتفلاً *
والريح تدفع أشرعتي .. فأانكسرُ
كنت المسافر عبر الغيم متجهاً
نحو الأماني بكفِّ الغيب تنتظرُ
ما أن هبطتُ كطيرٍ ساقه قدرٌ
هاض الجناحَ به فاستنسرَ الخَفَرُ
قالوا رمتكَ رياح البؤسِ في يدنا
نحن انتظرنا لكي يأتي بك القدرُ
سينٌ وجيمٌ وأشياءٌ تشابهها
بل قد تؤدي لفعلِ ما له خبرُ
قلت الفلسطينيُّ إن لم تدركوا فأنا
من باع روحاً لأجل القدس يا بشرُ
ما كنتُ يوماً لأدنو من عداوَتِكمْ
أوْ قَدْ أفكِّرُ في شيءٍ به ضررُ
إنّ العِداءَ لمحتلٍ ومغتصبٍ
مسرى الرسول ومن آلامنا سَكِروا
لن يدخل الزّاد جوفي بعد فعلتكمْ
حتى أُبَرّأُ .. والأغلالُ تنكَسِرُ
مرّتْ ليالٍ على حالي وما يئِسَتْ
روحي وكنتُ اذا ما جُعتُ أصطبرُ
قالوا اشتبهنا..! وما كانت لشبهتنا
ذاك الدليل وها جئناك نعتذر
لكنّهُ الخير ما جَفَّتْ منابعهُ
"مرسيل" كانت ملاكَ الله فاعتبروا
كانت تقضّي سويعاتٍ تحدثني
تعالج الجرحَ في قلبي وما كَسَروا
هذي السُّطور رَوَتْ بعضي وما فَعَلَتْ
تلك السنون بروحٍ هدّها السّفرُ
لكن روحيَ رغمَ القهرِ ما لبِثَتْ
تشدو كطيرٍ تناجي روحه القمرُ ...
"سامح أبوهنّود"
23-24/9/2012
* حصار يروت عام 1982
* فاصطبحي : رست بنا الباخرة القادمة من بيروت في ميناء طرطوس فجراً واقتادونا بباصات إلى قاعدة جوية تبعد عن دمشق 40 كلم تسمى "الضّْمير" وهناك مكثنا ثلاثة أيام .
*ديدوش: هو شارع ديدوش مراد في قلب العاصمة الجزائرية
بن عكنون: أحد احيائها العريقة
الحراش والقبّة وباب الزّوار : احياء في ضواحي الجزائر العاصمة
* سيدي بوسعيد و حلق الواد والمنزه ...هي مناطق واحياء في تونس العاصمة
* كانت شتاءً وكان الكون محتفلا : في 1/1 .اي في رأس السنة الميلادية