شعبنا ينتظر
مصالحة فعلية
الوحدة الحقيقية التي عبر عنها أبناء شعبنا خلال العدوان الاسرائيلي الاخير على
قطاع غزة أو بالوقوف خلف الرئيس في توجهه للأمم المتحدة وما تلاه ذلك من فرحة
عارمة في الضفة الغربية وقطاع غزة وكل بقاع الشتات، أكدت بما لا يدع مجالا للشك
ان شعبنا موحد بطبيعته رغم الانقسام المأساوي الذي فرض عليه ورغم الخلافات
بين قياداته التي لم تستجب الى ندائه المرة تلو الاخرى بانهاء هذا الانقسام الى
ان بدأ شعبنا يتلقى مؤشرات تبعث على التفاؤل ويشاهد انفراجا في العلاقات بين
طرفي الانقسام ولغة جديدة لم يعهدها من قبل منذ بداية الانقسام وحتى ما قبل
العدوان على قطاع غزة وهو ما ولد التفاؤل بقرب تحقيق المصالحة.
وللحقيقة فان ما استمع اليه شعبنا سواء من الرئيس محمود عباس او من خالد
مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خاصة خلال زيارته التاريخية الى
قطاع غزة ومن قياديي حركتي «فتح » و «حماس » يعبر عن نوايا طيبة ويركز على
الأهم وهو المصلحة الوطنية العليا لشعبنا والتحديات الجسيمة الماثلة أمامنا
وفي مقدمتها الاحتلال الاسرائيلي بكل مواقفه وممارساته ومخططاته التي أقل
ما يقال فيها انها تستهدف الكل الوطني الفلسطيني، تستهدف القدس وغزة
ورام الله، تماما كما تستهدف الحقوق الثابتة لشعبنا.
الا ان ما يجب ان يقال هنا ان المواطن الفلسطيني يتساءل اليوم: ماذا بعد
كل هذه الخطابات والتصريحات؟! وكيف يمكن تجسيد هذه النوايا الى خطوات
حقيقية على الارض تدفن الانقسام الى غير رجعة؟ ولماذا لا تسارع قيادتا حركتي
«فتح » و «حماس » وباقي الفصائل الى عقد اجتماع مصالحة في رام الله أو غزة بحضور
الرئيس ابو مازن وخالد مشعل وقادة الفصائل؟ ما الذي يحول دون ذلك؟
وفي الحقيقة، فاننا نتوقع وننتظر خطوات فعلية بهذا الاتجاه خاصة وان شعبنا
أثبت مجددا انه قادر على تحقيق الصمود وافشال العدوان تماما كما هو قادر
بوحدته على تحقيق الانجاز السياسي، واذا اصبحت فلسطين اليوم امام المجتمع
الدولي دولة واحدة تحت الاحتلال فالأجدر ان تكون لفلسطين قيادة موحدة واحدة
بصوت واحد تضم الكل الوطني وتكون قادرة على المضي قدما نحو تحقيق أهداف
شعبنا في الحرية والاستقلال.
واذا كانت خطابات وتصريحات الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة
حماس خالد مشعل وقادة حركتي «فتح » و «حماس » تؤكد على البعد الوطني للقضية
وعلى أهمية وضرورة إنجاز المصالحة وعلى رؤية المخاطر والتحديات الماثلة، فإن
القاسم المشترك أكبر من أي خلاف وبالتالي لا مجال اليوم للحديث مجددا عن
حوارات ومحادثات تعيدنا الى دوامات الحوار السابقة بل ان المطلوب اليوم هو بدء
تطبيق اتفاق المصالحة وفق الجداول الزمنية المحددة وجوهرها فترة انتقالية الى
حين اجراء الانتخابات العامة والرئاسية التي باتت ايضا ضرورة ملحة تتيح لشعبنا
ممارسة حقه الطبيعي في قول كلمته واختيار ممثليه بعد كل ما اكتنف العملية
الديمقراطية والأطر الشرعية من معوقات وإشكاليات.
حان الوقت للاستجابة الى نبض الشارع والى رأي المواطن الذي لم يعد يحتمل
استمرار الانقسام بعد كل هذه التطورات والذي لا يمكن ان يقبل من قيادته ما هو
أقل من وحدة حقيقية ومصالحة فعلية تعيد للقضية الفلسطينية ما تستحقه من
مكانة وتعيد لمسيرة تحررنا الوطني ما تستحقه من دعم ومناصرة كل أحرار العالم
وتعيد للانسان الفلسطيني الثقة بقدرتنا على التسامي فوق كل الجراح وتغليب
مصلحة الوطن والمواطن على كل المصالح الشخصية والفئوية ووضع فلسطين
نصب أعيننا بعيدا عن أي تجاذبات إقليمية او دولية.
واخيرا فان الانجاز الثالث القياسي الذي تستطيع قيادات شعبنا تقديمه اليوم
لهذا الشعب الصامد المرابط هو المصالحة الفعلية التي تسحب البساط من تحت
أقدام الاحتلال الاسرائيلي من جهة وتؤكد للعالم أجمع من المهمة الأخرى ان
شعبنا الواحد الموحد بجماهيره وقيادته مصمم على المضي قدما بخطى ثابتة
وواثقة نحو الحرية والاستقلال.