العجز الكامل .. عربي أساسا
ولا بد من خطوات عملية لمواجهته
قال رئيس الوزراء د. سلام فياض ان السلطة او الدولة تقترب من العجز الكامل وان
عدد الفقراء الفلسطينيين سيصل الى ٥٠ ٪ من مجموع السكان وستكون من اعلى
النسب في العالم إن لم تكن اعلاها جميعا، وان هذا كله بسبب عدم تحويل الدول
العربية ما التزمت به من توفير شبكة امان مالية في اكثر من قمة واجتماع.
وفي مقابل هذه التصريحات الواضحة والصريحة، فان العاملين في الوظيفة
العمومية يستعدون لتنفيذ سلسلة اضرابات لانهم لم يستلموا رواتبهم، وعجزهم
عن توفير ابسط متطلبات المعيشة والحياة، وهكذا فاننا سنظل ندور في حلقة مفرغة
من العجز المالي والاضرابات، ويدفع الوطن والجميع ثمن ذلك.
ولكل طرف وجهة نظر ومنطق في الذي يقوم به رغم ما فيه من سلبيات: الحكومة لا
تستطيع توفير الاموال والموظف لا يستطيع العيش بدون راتب فاين تقع المسؤولية؟
يقول البعض ان الحكومة هي المسؤولة لانها القيادة والموظفون هم الشعب او الجزء
الاكبر منه وان عليها ان تستقيل اذا لم تستطع سد العجز. وهذا منطق مبتور، فان
استقالت الحكومة فهل تستطيع اية حكومة اخرى وسط الظروف المعروفة تأمين
الاموال اللازمة؟ ومن اين وكيف؟ والجواب بسيط وواضح: وهو ان هذا العجز الذي تعاني
منه الدولة هو قضية اكبر من اية حكومة واكبر من السلطة كلها ولا يمكن مواجهة
الضغوط المالية التي يمارسها الاحتلال سوى بتنفيذ الالتزامات العربية المالية التي
تم اتخاذ قرار عربي بشأنها مرة بعد الاخرى. وما يزال الأمين العام لجامعة الدول العربية
د. نبيل العربي يدعو الدول الاعضاء الى الوفاء بالتزاماتها ولكن دون جدوى حتى اللحظة
كما يبدو، بينما نرى بعض هؤلاء الاعضاء ينفقون بغير حساب في مواقع اخرى مثل
سوريا، او الاستثمارات ووسائل الاعلام والتنظيمات التي تخدم اهداف هؤلاء الذين
يبدو واضحا ان القضية الفلسطينية لم تعد تثير اهتمامهم ويبخلون عليها بالقروض
القليلة من بحار ومحيطات ثرواتهم المتدفقة باستمرار.
ينسى هؤلاء ان العجز المالي قد يؤدي الى انهيار السلطة انهيارا كاملا بكل ما
يعنيه ذلك من تداعيات أبعد من حدود الاراضي المحتلة، وستمتد آثارها الى ارجاء
عربية واسعة وقد لا يسلم أحد من نتائجها.
في كل الاحوال فان القيادة مطالبة باتخاذ خطوات عملية لاقناع الممتنعين عن
توفير الامان المالي بان سياستهم هذه سترتد اليهم، سواء أكان هؤلاء هم الاحتلال
المتغطرس او الدول العربية قصيرة النظر، وعدم الاكتفاء بالمناشدات والنداءات ...!!