ليونة مع جواسيس اسرائيل وتشدد مع حزب الله
لا يمكن وصف الاحكام التي اصدرتها محكمة امن الدولة المصرية يوم امس بحق 26 متهماً اعضاء في ما يعرف بخلية 'حزب الله' الا بانها احكام جائرة الهدف منها توتير العلاقات مع لبنان، وحركة المقاومة الاسلامية فيه على وجه التحديد.
فإذا نظرنا الى طبيعة الاتهامات الموجهة الى هؤلاء، ومعظمهم من الفلسطينيين والمصريين، نجد انها غير مقنعة على الاطلاق، خاصة تلك المتعلقة بتهديد امن مصر ومحاولة تخريب اقتصادها.
المتهمون كانوا يقومون بواجبهم الوطني والديني في دعم اشقائهم المحاصرين الذين يتعرضون لجرائم حرب اسرائيلية من خلال تزويدهم باحتياجاتهم الأساسية من وسائل الصمود وأدوات الدفاع عن النفس، ولذلك لا يستحقون احكاماً تصل الى السجن المؤبد لقائد المجموعة محمد قبلان واثنين آخرين، واحكام اخرى تتراوح بين السجن ستة اشهر وخمسة عشر عاماً.
بمعنى آخر كانت هذه الخلية، وباعتراف السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني، تقدم امدادات عسكرية لابناء القطاع للدفاع عن أنفسهم، ولم تخطط مطلقاً للإقدام على اي اعمال عنف او تخريب في مصر.
فحزب الله اللبناني لم يقدم مطلقاً على اي اعمال عنف تهدد الامن الوطني او القومي لأي دولة عربية او اجنبية، ولم ينفذ اي عمليات عسكرية او 'ارهابية' خارج الاراضي اللبنانية، وظلت مقاومته محصورة دائما في ضرب القوات الاسرائيلية المحتلة، او في اطار التصدي للعدوان الاسرائيلي الذي استهدف لبنان، خاصة الاخير، في تموز (يوليو) عام 2006.
لا نجادل في حق الحكومة المصرية في الحفاظ على سيادتها، ومنع اي اعمال تراها خارجة عن القانون تهدد امنها الداخلي، بسبب ظروفها الخاصة، والتزاماتها بمعاهدات 'سلام' مع جارها الاسرائيلي، رغم اختلافنا مع هذا المنطق ومعارضتنا لهذه المعاهدة منذ اليوم الاول لتوقيعها، ولكن هذا لا يعني ان تتعاطى السلطات المصرية بمثل هذه القسوة مع مواطنين مصريين وعرب انتصروا لاشقائهم المحاصرين المجوعين الذين تمزق اجسادهم الصواريخ وقنابل الفوسفور الاسرائيلية في قطاع غزة.
فالسلطات المصرية لم تتعامل بالقسوة نفسها مع الجواسيس الاسرائيليين وآخرهم عزام عزام، الذين اخترقوا السيادة والامن المصريين، وتجسسوا على مصر بتكليف من 'الموساد' الاسرائيلي دون اي احترام لمعاهدات السلام المذكورة.
وعندما نقول ان هذه الاحكام جائرة، ونضيف ايضا بانها ذات طابع سياسي ثأري، تتناغم مع الحملة الامريكية والاسرائيلية الشرسة التي يتعرض لها لبنان وقوى المقاومة الشريفة على ارضه فإننا لا نجافي الحقيقة مطلقا. فالمحكمة التي اصدرت هذه الاحكام هي محكمة امن دولة، لا مجال فيها امام المتهمين للدفاع عن انفسهم من خلال محامين اكفاء، كما ان احكامها هذه غير قابلة للطعن او الاستئناف.
رحم الله تلك الايام المجيدة التي كانت تقوم فيها السلطات المصرية بدعم القضايا العربية العادلة بكل الطرق والوسائل، وتخوض حروبا لنصرتها، وتتباهى بالمدافعين عن كرامة هذه الأمة وعقيدتها، وتفتخر بالشهداء وتضحياتهم، من اي جنسية عربية او اسلامية كانوا.
نقلا عن صحيفة القدس العربي