حزمة مقالات كنسية / مقال المدخل - القس لوسيان جميل
قرائي الأعزاء ! في هذه الحزمة من المقالات قد تجدون لاهوتا ( علم الالهيات )،اي كلاما عن شؤون الله الأمور المقدسة، غير اني بالحقيقة لا انوي ان اكتب لاهوتا نظريا من اجل اللاهوت ذاته، لكنني سأوظف فكري اللاهوتي لغايات كنسية وإنسانية وأخلاقية ( اخلاقيات السياسة )، وذلك بمناسبة اعتلاء البطريرك الجديد، بطريرك كنيسة المشرق الكاثوليكية الملقبة بالكنيسة الكلدانية السدة البطريركية. علما بأن اللاهوت والفكر الانساني الذي اوظفه، لم يعد عندي لاهوتا عقائديا كلاسيكيا، كما كان في الأزمنة الغابرة، وإنما اصبح لاهوتا يسير بحسب منهجية علمية تعتمد على علوم الانسان، هذه المنهجية التي وضعتها بنفسي جنبا الى جنب مع منهجيات لاهوتية عالمية اخرى تتحلى بالمعاصرة والواقعية، لكنها تبقى منهجيات توفيقية Concordistes تحاول التوفيق بين القديم الغيبي والجديد الواقعي الانساني.لماذا اكتب: نعم انه تساؤل وجيه يقول: ترى لماذا اكتب؟ ويأتي جوابي على الفور ليقول: انني لا اكتب من اجل الكتابة حسب، ولا اكتب ارضاء لأحد، ولا بتكليف من احد. ومن ناحية ثانية اريد ان اؤكد بأن ما اكتبه لا يأتي من اجل الرد الشخصي على احد ولا للتشهير بأحد ولا تشفيا من احد، وان كان بعض من ببالي يستحق التشفي ويستحق الرد والردع، او بالأحرى يستحق التقويم، ولا يستحق الحوار. من جهة ثانية يمكنني التأكيد على حقيقة اني لا اكتب ما اكتبه بسبب ما بيني وبين غبطته من علاقات ومن مودة، حتى لو صار اختياره بطريركا مناسبة مهمة حرضتني على كتابة هذه الحزمة من المقالات التي تحتوي خاصة على مناقشة وتوضيح شعار غبطته: اصالة وحدة تجدد. اما بعض المقالات الأخرى التي سأكتبها بالمناسبة عينها فإنها تأتي من اجل توضيح شعار غبطته للقراء الكرام. في غير ذلك، فأنا بالحقيقة لا اكتب من اجل احتواء غبطته، كما يفعل كثير من كتابنا المسيحيين الذين لا يخافون الله، ولا ادبج مقالاتي تقربا وتزلفا من غبطته، لأنه في عمري ( مواليد 1934 ) لا احتاج إلا الى نعمة الله ورحمته ورضاه.
السبب الحقيقي الذي يدعوني للكتابة:
فما اكتبه اذن، وفي المواضيع التي حددتها، او فرضت نفسها علي، لا يأتي إلا من اجل ما بدأت به منذ زمن طويل، وهو المشاركة في الرسالة الانسانية والروحية والوطنية التي تفرض نفسها علي، ككل كتاباتي الأخرى، حيث استطيع ان اردد قريبا من مار بولس وأقول:" الويل لي ان لم اكتب( مار بولس كان يقول الويل لي ان لم ابشر )، مع قناعتي بأن كتاباتي ليست موجهة للمسيحيين وحدهم، بل هي موجهة لكل الناس ذوي الارادة الصالحة، بسبب تأكيدي على ما هو مشترك بين جميع البشر، وليس فقط على ما هو من خصوصيات المسيحية. ولذلك استطيع ان اؤكد بأن ما اكتبه يأتي من اجل بناء مجتمع انساني روحي، البناء الذي يضع هذا المجتمع على دروب الحق والعدل والحياة الحرة الكريمة لكل احد، وفي جميع مجالات الحياة، في عالم مبني على القوة الغاشمة وعلى شريعة الغاب وعلى تضليل فكر ومشاعر الضعفاء.
الكتابة سر الانسان:
فالكتابة بالحقيقة هي عندي مثل الكلام: هي علامة ظاهرة لما هو سر خفي عند الانسان، وهي تجعل من الانسان كتابا مفتوحا تقل فيه الأسرار والألغاز. ولذلك تصير الكتابة وسيلة انثروبولوجية تربط الانسان بمجتمعه وتؤهله للحوار الحقيقي مع هذا المجتمع. وعليه، ما ان ينقطع الانسان عن الكتابة الايجابية حتى ينقطع حواره مع العالم ويحكم على عالمه وعلى نفسه بالجمود والموت. ولهذا فاني، وككثيرين غيري، لم أكف عن التفكير وعن المتابعة وعن الكلام وعن الكتابة منذ ان تخرجت من معهدنا الديني ( 11 سنة بعد السادس الابتدائي ) والى يومنا هذا، حيث اني أكتب بقوة ووضوح واضعا النقاط على الحروف، ولا احاول تمييع وتدوير الزوايا، كما يقول الفرنسيون، وذلك لأن تجربتي الخاصة تقول لي بأن الكتابة الناعمة الموغلة في المجاملات لا تظهر شيئا من حقيقة الانسان، ولا تفيد في تغيير الأمور السيئة كثيرا، لا بل تضر احيانا كثيرة، كما لا تفيد تقدم الأمور الحسنة.لماذا تم اختياري لهذه المواضيع:
اما اذا سئلت عن سبب اختياري للمواضيع المذكورة فأجيب ايضا بأنني اخترت هذه المواضيع لأنني اعتبرها مواضيع الساعة بعد ان تقاعد غبطة البطريرك عمانوئيل دلي وجلس على الكرسي البطريركي غبطة البطريرك الجديد مار لويس روفائيل ساكو الأول الكلي الطوبى، والذي تجمعني وإياه سنوات عديدة من العمل الكنسي واللاهوتي المشترك، كل بحسب مواهبه الخاصة. ولكن وبما اني من الذين يؤمنون بالمقولة التي تقول: لا تنظر الى من قال بل الى ما قال، فاني اعد التصريحات الأولى التي اعطاها غبطته بمثابة مؤشر الى ان سيدنا لويس، لا زال هو ذلك القس لويس الذي كنت اعرفه: قسا مرتبا ومجدا ومنفتحا على افكار العالم ومستجداته ومستعدا لتجديد كنيسته. مع تأكيدنا على ان الكمال لله وحده، سواء كان الانسان قسا بسيطا او كان بطريركا. فهل يا ترى يمكن ان اسمح لنفسي في هكذا حقبة مهمة من تاريخ كنيستنا ان اتقاعد عن الكتابة وعن الرسالة الروحية الملقاة على عاتقي من اليوم الذي نلت فيه شرف ومسؤولية القسسية في حزيران 1960؟
سبب اضافي للكتابة هو التكامل الرعوي:
من المعلوم ان ظاهرة التكامل ظاهرة انسانية انثروبولوجية تشمل كل مناحي الحياة، وان كنا نجد شيئا من التكامل في حياة الحيوانات، وربما في حياة النباتات ايضا. علما بأن ظاهرة التكامل تتقوى عند الانسان وتتوسع بقدر ما تتوسع حياة الانسان الفرد الاجتماعية وتزداد علاقاته مع مجتمعه الانساني: المادي والروحي. ومن هذا المنطلق يمكن ان يقال ان: كل نفس ترتفع ترفع العالم كله معها، كما يمكن ان يقال ان كل نفس تنخفض تخفض العالم كله معها، وذلك بسبب الروابط Connexions الموجودة بين البشر. ولهذا ايضا غالبا ما نسمع واحدنا يقول للآخر: الله لا يحرمنا منك، مع علمنا بوجود تفاوت وتنوع كبيرين بين انسان وإنسان في مجال العطاء الانساني والاجتماعي، اذ كيف كان يمكن للفرد ان يدير حياته الانسانية لوحده، دون اللجوء الى عمل الآخرين؟ !عن غبطة البطريرك وسائر اساقفتنا:
ويقينا ان بطريركنا الجديد قد اكتسب علوما وفضائل كثيرة في حياته، وكون له اسلوبه الخاص في الحياة، وتحديدا في حياته الكنسية التي تهمنا الآن اكثر. ولكن يبقى غبطته فردا يحتاج الى الآخرين، سواء اختارهم بنفسه ليعملوا معه ام وجدهم جنبا الى جنب معه في حقل الرب، او دخلوا ميدان العمل من تلقاء انفسهم، بناء على مواهب شخصية يمتلكونها. ونتساءل ايضا، بناء على القواعد التكاملية المذكورة: كيف يمكن لبطريرك ان يدير شؤون كنيسته بكفاءة عالية لوحده، او حتى بمعية أساقفة، الرب وحده يعلم كيف صعدوا الى كرسي الأسقفية!
مسؤولية البطريرك والكنيسة الجسيمة:
ومع ذلك لا يسعني سوى ان اقدر جلالة المسؤولية الملقاة على عاتق البطريرك وعلى عاتق الأساقفة الآخرين. ولكنني ارى مع الأناجيل: ان الحصاد كثير والفعلة قليلون، كما ارى الفجوة الكبيرة التي خلفتها كنيسة تعتمد فقط على رؤسائها وعلى مزاجهم الذاتي وعلى ما يضعه بيدهم تراث اكل عليه الدهر وشرب، من امكانيات العمل الرعوي.محدودية البشر الطبيعية:
ومن المعلوم ان لكل انسان بمفرده حدودا لا يمكنه تجاوزها وعلوما تبقى ناقصة مهما كان مجدا في البحث والتنقيب، وخيارات لا يمكن تغييرها بسرعة، ورؤى للأمور لا يستطيع الخروج منها بسهولة، ولذلك نجد الانسان كائنا يحيا ويعيش على ظاهرة التكامل، اي انه يحتاج، اذا اراد ان يكون مسئولا ناجحا ومثمرا ان يفسح المجال، امام كفاءات اخرى تملأ الفراغ الطبيعي الذي يتكون من عمل الفرد الواحد، او حتى من عمل المنظومة الرئاسية الواحدة. فأنا شخصيا من المؤمنين بفاعلية النعمة وعون الله، لكني اعرف، مع لاهوتيين قدماء ومحدثين ان النعمة " لا تتجاوز طبيعة الانسان المحدودة، ولا تدمر الطبيعة " La grâce ne détruit pas la nature "، وان الله لا يحل محل الانسان، ولا يعمل شيئا عوضا عنه.
اسلوب الخطاب الواحد لا يكفي:
اما هنا فأؤكد على تنوع واقعي خاص يحتاج الى التكامل، ألا وهو التنوع في اسلوب الخطاب الكنسي والإنساني، حيث لا يكفي اسلوب واحد في الخطاب المذكور لإقناع جميع الشرائح الموجه اليها الخطاب. ففي الواقع من يعرف سيدنا لويس ساكو يعرف ايضا انه غالبا ما يستخدم اسلوب الفلاشات والعبارات القصيرة وأسلوب الشعارات من اجل الوصول الى مستمعيه او قرائه. علما بأن هذا الأسلوب غالبا ما يلجأ اليه رؤساء الدول والرعاة الروحانيين الكبار، حيث لا يكون على الراعي ان يشرح كثيرا اسباب خياراته وتعليمه، لأن الشعب البسيط يفهم هذا الأسلوب ببساطة، كما يفهمه المثقفون ايضا، حتى وان لم يأت هذا الأسلوب بالبراهين الفكرية الكافية.
الحاجة الى اساليب الخطاب المتنوعة:
غير ان شريحة، لم تعد صغيرة، من المثقفين وأصحاب الشهادات العليا، بحاجة ماسة الى الحجج والبراهين والمنهجية العلمية، لكي يقتنعوا، حتى لو كان هؤلاء المثقفون من المؤمنين. اما السياسيون والأعداء والمتعودون على السفسطة في كلامهم، والذين ينتهجون اساليب براغماتية وميكيافلية والكلام المزدوج المعتمد على انصاف الحقائق في خطاباتهم، وعلى تزوير القياسات المنطقية في احد حدودها او اكثر، فان مثل هؤلاء الناس يحتاجون لغة اخرى تختلف عن لغة الفلاشات الراعوية والرئاسية لردعهم وكشف اضاليلهم. وفي الحقيقة لا زال خطاب الراعي المبني على التصريحات مهما وأساسيا لتحجيم هؤلاء المزورين، حتى لو فقد بعضا من اصدقائه المزعومين، وخيب آمال البعض الآخر، لكن مداخلة اصحاب الفكر العلمي المنهجي لا زالت ضرورتها الماسة قائمة حتى بوجود بطريرك يحمل هو نفسه شهادات عليا. وهكذا يبدأ دور الكتاب المؤمنين الصادقين العلمي من حيث ينتهي دور الرعاة، كي لا تبقى الساحة الفكرية والكنسية بيد الغوغاء والمتصيدين في الماء العكر.
طبيعة عملي اللاهوتي:
بما ان المبادئ والنظريات تشكل الأساس الضروري للخيارات العملية فأنني طبعا قد سبق لي ووضعت اسس منهجيتي اللاهوتية في كتابين مهمين وفي مقالات متعددة، غير ان كتاباتي على الانترنيت وكثيرا من كتاباتي الأخرى غير المنشورة ترتدي طابعا عمليا، على الرغم من ان هذه الكتابات لا تخرج عن الأسس المنهجية النظرية العلمية التي وضعتها. لذلك غالبا ما يتناغم عندي الطابع اللاهوتي عن الله وعن الكنيسة وعن غير ذلك من الأمور الدينية مع الطابع الانساني العام. فاللاهوت عندي هو علم استقرائي حقيقي ينطبق على جميع مجالات الحياة ومنها المجالات الدينية، ولهذا فقد نجح هذا اللاهوت في المجالات الانسانية والوطنية، كما يمكن ان ينجح في جميع المجالات الدينية الايمانية. اما في المعمعة السياسية التي نحن فيها، بما فيها من ظلم وتعسف، وما فيها من غش ونفاق، وما فيها من كذب وتضليل، فان منهجيتي اللاهوتية العلمية تساعد بالتأكيد على تمييز الخير من الشر والحق من الباطل، كما يمكنها ان تميز بين السياسيين الأخيار، وبين السياسيين او المسيسين الذين ينحازون الى الظالمين وأبناء الظلام والمغردين في سربهم والمتعاونين معهم. وبالتالي فان اللاهوت الذي اوظفه في مقالاتي الراهنة المعلن عنها كفيل بأن يفضح مواقف الاردياء من السياسيين والمسيسين ويشير اليهم بالبنان، وهو العمل الذي اخذته على عاتقي منذ زمن طويل، واضعا امام انظاري مقولة ان الله اولى بالطاعة من البشر، وهو ايضا الغاية المؤكدة من حزمة المقالات التي اعلنت عنها.
رجاؤنا:
رجاؤنا اذن من غبطة البطريرك الجديد هو ان يحرص على ان لا يضع جميع الكتاب في كيس واحد ويلقي بهم في البحر، وان لا يبيع الأخضر بسعر اليابس، لأنه ان فعل سيقود فعله هذا الى تحجيم القوى الخيرة وتعطيلها، في حين قد لا يستطيع التأثير على القوى الشريرة من الكتاب الذين لا يهمهم البطريرك إلا بقدر ما يستطيعون استغلاله.
فإذن ما نرجوه من غبطته هو ان لا يكثر من تصريحات وفتاوى غير دقيقة بطبيعتها وغير مدروسة بكفاية كمفردة السياسة وعبارة الكتابات الكنسية وعبارة كتابات رجال الدين السياسية، فضلا عن معاني الايمان والأصالة والوحدة والتجدد، وغيرها الكثير من الأمور التي توجب على الراعي ان يكون حذرا في استخدامها، حتى تتم دراستها من قبل مهتمين بالشؤون الايمانية المعاصرة، حيث لم يعد جائزا ان تنفرد السلطة العليا، حتى ولو كان ذلك على مستوى الأساقفة، بقرارات وتوجيهات هي غاية في الخطورة، كما لا تكفي توجيهات رومــــا لكنيستنا بهذا الشأن لكي يصل الراعي الى القرارات الصائبة. أما اذا كانت توجيهات الراعي لرعيته مبنية على مطالب سياسية، وليس على مطالب الحق والعدل، او كانت مبنية على مجاملات هنا وهناك، فتلك تكون هي الطامة الكبرى التي تضيع جميع الآمال الاصلاحية، لأي سبب جاءت تلك المجاملات. غير اننا لابد ان نكون واقعيين ونعطي الحق لغبطته، ولأساقفته وحتى لقسسه، كل في مجاله الخاص، ان يقيموا علاقات مع السياسيين الحاكمين بموجب الأمر الواقع، من اجل خير ابناء الكنيسة، وأن تكون بينهم بعض المجاملات، شرط ان لا يفهم احد من خلال علاقات المسئول الكنسي ومجاملاته انه يشرعن الأمر الواقع وينسى بأن العراق لا زال تحت الاحتلال الرسمي والعملي، لأن من يحكم العراق حتى هذا اليوم هو الدستور التعسفي المفروض عليه بالقوة المسلحة، والمعاهدات التي فرضت بالقوة على العراقيين، وشلة من عراقيي الجنسية الذين نصبهم المحتل حكاما غير شرعيين على العراق.
اقتراحاتنا الشخصية:
وهنا دعونا نقترح على غبطة البطريرك فكرة مهمة تصير حدا وسطا بين الحذر والتسرع وبين الجائز وغير الجائز. فقد لا تكون أمور كثيرة بيد الراعي وتحت سلطته بشكل مباشر، لكن هناك امور كثيرة هي الآن فعليا بيد البطريرك ومجلس اساقفته. فمثلا باستطاعة غبطته من اليوم ان ينأى بنفسه، قولا وعملا، عن كل ما يجعل من البطريرك او من الأسقف مرجعية طائفية سياسية كالتي ارادها المحتل الأمريكي وفرضها علينا بوسائله العنيفة وبإغراءاته ورشاواه المعروفة، في حين ان البطريرك، ومعه الأساقفة والقسس، ليسوا غير رؤساء لكنائسهم وخداما لهذه الكنائس، في مجال تهذيب وتقويم ضمير المؤمنين، وكسب الروحانية الايمانية، بكل ابعادها الاجتماعية والفردية، علما بأن صفة المرجعية الدينية لا تصح إلا في حالة ان تكون الجماعة الدينية طائفة في دولة ثيوقراطية ( دولة دينية ). من جهة ثانية نقول ايضا: ترى من يمنع غبطة البطريرك والأساقفة الآخرين من الغاء القرار البطريركي المشبوه والخاطئ والمسيس والخطير الذي جعل من كنيستنا كنيسة تعود الى القومية الكلدانية المنحولة، او طائفة دينية في احسن الأحوال؟ ومن يمنع غبطة البطريرك الغاء التوجه الطقسي الديني المسيس والمتمثل خاصة بقداس اللجنة الطقسية ( قداس المطران سرهد الطائفي ) من اجل الوصول التدريجي الى طقوس متلائمة مع العقلية المعاصرة والابتعاد عن التراثيات الفارغة؟ ومن يمنع البطريرك من العودة الى رتبة التوبة الجماعية التي الغيت بقرارات مسيسة ورجعية بعد اكثر من عشرين عاما على ممارستها في الكنيسة، مع ان التوبة في منبر الاعتراف ليس تقليدا شرقيا بل تقليدا غربيا قرن اوسطيا؟ ومن يمنع غبطته تحويل الاصوام الى ممارسات حرة، كما تتطلب كرامة الانسان المعاصر، بعيدا عن الكلام الفارغ الذي يقول: نريد ان نقترب من اخوتنا النساطرة من اجل تشجيع وحدة بائسة بيننا، ليست بالحقيقة اكثر من وحدة قومية سياسية، وليست وحدة دينية كنسية. وأخيرا وليس آخرا من يمنع غبطة البطريرك من العودة المدروسة الى روح مقررات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، كما اظهرها لنا المؤتمر البطريركي العام الذي عقد في العام 1995 في بغداد، وذلك بالرجوع الى مقترحات اللجان بعيدا عن المقررات البائسة التي وضعها المطران عمانوئيل دلي آنذاك، من عندياته، وبتكليف من المثلث الرحمة مار روفائيل بيداويذ، من اجل اجهاض عمل ذلك المؤتمر الذي كان قد دعا اليه هو بنفسه وأجهضه هو بنفسه، على طلب الجهات المعارضة للمجمع المسكوني، والجهات العليا الخائفة على سلطاتها وامتيازاتها في الكنيسة، وربما بتحريض روما نفسها التي لم يرق لها انن تتحرر كنائس المشرق من التقاليد الرومانية التي تخلت عنها هي نفسها في الغرب. وبما ان القائمة لا تنتهي، لا يسعنا سوى ان نقول: من يمنع ومن يمنع ان تعملوا كل هذا، وغير هذا، خدمة لكنائسنا التي ظلمتها الرجعية الكنسية ردحا طويلا من الزمن؟!
القس لوسيان جميل
تلكيف – محافظة نينوى – العراق
[email=fr_luciendjamil@yahoo.com][/email]fr_luciendjamil@yahoo.com
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.