معركة كبرى على سواحل غزة
معن بشور
5/15/2010
العالم كله، ومنطقتنا بشكل خاص، على ابواب معركة سياسية وإعلامية وديبلوماسية، وربما عسكرية، كبرى بين العدو الصهيوني وبين أحرار من تركيا واليونان وايرلندا والعديد من دول العالم يجهزون أسطولا من السفن المحملة بمواد إنسانية واعمارية لإرسالها الى غزة في محاولة جديدة لكسر الحصار على القطاع المحاصر، دون رحمة، منذ سنوات، في عقوبة غير مسبوقة لشعب أصر على ممارسة حقه الديمقراطي في انتخاب ممثليه وحكومته.
فالتهديدات الصهيونية المتتالية بالتصدي لاسطول سفن الحرية المتوجه من تركيا واليونان معاً، والعرقلة التي تواجهها سفينة 'راشيل كوري' (الشهيدة الامريكية على يد الجرافات الصهيونية في آذار/مارس 2003) المتوجهة من ايرلندا الى غزة، كلها اشارات تشير الى ان يومي 23 و24 الجاري، سيكونان يومي مواجهة في مياه البحر الابيض المتوسط الذي يبدو ان تل ابيب تسعى لتحويله الى بحيرة صهيونية بالكامل، وان تتوسع بحراً، فيما تسميه مياهها الاقليمية، كما تتوسع براً في فلسطين والجولان ولبنان.
لقد انطلقت فكرة اسطول سفن لكسر الحصار على غزة، تحمل على متنها مواداً للاعمار وللدواء والغذاء، بعد ان تمكن المحتل الاسرائيلي من منع سفن عربية واسلامية واوروبية وبالقوة من الوصول الى سواحل غزة، ومن بينها سفينة الاخوة اللبنانية التي ما تزال محتجزة في ميناء اشدود منذ اوائل شباط/فبراير 2009 بعد ان اصطدم روادها الشجعان بجحافل الجيش الصهيوني البحرية والجوية، وهي سفينة ويا للعار لم يتلق مالكوها الشرفاء من أحد أي تعويض عن خسائرهم فيها.
اعتبر مطلقو الفكرة آنذاك ان فكرة الاسطول المتحرك من دول قوية يحسب لها حساب، لا سيما تركيا واليونان، وتحمل على متنها نواباً وسياسيين ومثقفين بارزين واعلاميين من اصقاع متعددة من العالم، قد تعطي حصانة لمبادرات كسر الحصار من البحر عن مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة، فانتدبت هيئات اهلية فاعلة في بلدان عدة نفسها لتحويل هذه الفكرة الى واقع، لكن الغطرسة الصهيونية، وقد اخذت شكل القرصنة بكل ما في الكلمة من معان، تصرّ على التعامل مع الاسطول الكبير بالطريقة ذاتها التي تعاملت فيها مع السفن الصغيرة.
لا بل ان حكومة نتنياهو المدججة بوحوش بشرية تريد ايضا ان تثأر من تركيا، على مواقفها المشرفة من القدس وفلسطين، ومن اليونان التي بقيت دون غيرها من الدول الاوروبية، مساندة للحق الفلسطيني، كما من احرار العالم وشرفائه، عبر التصدي لهذا الاسطول الذي يحمل رسالة فيها من الانسانية ما يفيض عن المواد الانسانية التي يحملها.
فهل تكون الايام الفاصلة بيننا وبين موعد انطلاق الاسطول مليئة بتحركات شعبية وسياسية وديبلوماسية واعلامية تحبط العنجهية الصهيونية وتؤكد ان صوت الحق والخير والانسانية ما زال اقوى من اسلحة العدوان والشر والعنصرية؟.
هل يثبت المجتمع الدولي، ولو لمرة واحدة، انه قادر على الانتصار للمبادئ التي قامت عليها مؤسساته، وللقرارات التي اتخذتها منظماته، وللقانون الدولي الانساني الذي تحتكم اليه آلياته فيرفض التهديدات الصهيونية ويحمي المبادرات الانسانية؟.
وهل يقوم النظام الرسمي العربي مرة بواجبه في الانتصار لشعب عربي محاصر، وفي احتضان مبادرة اسلامية ودولية كريمة فيتصدى للجريمة الصهيونية التي تتكرر فصولها كل يوم وسط احساس غامر لدى مجرمي الحرب الصهاينة انهم لن يجدوا من يردعهم؟.
وهل تتحرك القوى الحية في الامة والعالم انتصاراً لرواد اسطول كسر الحصار على غزة، اسطول الاعمار والامداد الانساني، فتجعل من معركة الوصول الى بحر غزة وشواطئها الصامدة، معركة اخرى لفضح عدوانية الصهاينة وعنصريتهم، كما لفضح التواطؤ غير المسبوق معهم؟.
' مفكر لبناني
الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي