لكن ما باليد حيلة .. كتبها لي شاب عراقي في عز شبابه وعنفوانه ، خريج جامعة ، حين قلتٌ له يا أخي أن كل شعبنا أصبح رافضاً للحكومة وسياستها حتى الذين انخدعوا بها ..
هذه الجملة ( هجمت بيوتنا ) ، آخرت تحرير العراق ، وتسببت في قتل ملايين العراقيين ، ورملت ملايين من العراقيات ، ويتمت أطفالنا ، وهجرت شبابنا ، وأهانت كرامتنا وأذلتنا وأضاعت هيبتنا .. هذه الجملة التي رددها بعض من شبابنا ورجالنا ، منحت القوة لأعدائنا ، أعطتهم الفرصة ليتجبروا ويطغوا ويكونوا جيشاً ومليشيات وفرق موت تجوب شوارعنا ليل نهار .. لو أن شبابنا لم يؤمنوا بهذه العبارة التي تعبر عن العجز والضعف وقلة الحيلة لكان مشروع التحرير الذي نناضل من اجله قد تحقق في السنوات الأولى من الاحتلال .. هذه العبارة يرددها المتشككين بقدرة الله عز وجل على نصر الفئة المؤمنة ، الفئة التي تقاتل لإعلاء كلمة الحق في الأرض ولتحقيق رسالة إنسانية ، ولتحرير أوطان مستعمرة وشعوب مستعبدة ..
لو أن كل شبابنا ورجالنا انخرطوا في صفوف المقاومة أو أعلنوا رفضهم للاحتلال ومشاريعه ، ورفعوا صوتهم عالياً خفاقاً بوجه الظلم والطغيان والاحتلال .. لو أن هذه العبارة رفعت من قاموس عبارتنا لكان العراق اليوم في غير حال .. وكنا نحن الشعب في غير حال ..
لكن هذه الجملة كان سهماً مسموماً وجهناها إلى قلب الوطن فأدنياه وآذينا أنفسنا.. أن مفردات مقاومة الاستعمار والاحتلال والظلم والطغيان لا تتوقف عند حمل السلاح .. فالشاب الذي لا يستطيع أن يزرع عبوة أو يطلق رصاصة أو يطلق صاروخ ويكون فارسا من فرسان الجهاد والمقاومة – يستطيع أن يستخدم لسانه ويرفع صوته عالياً ويرفض الظلم .. يستطيع أن ينتفض بالحجارة والحصى والحذاء الذي يرتديه ، يستطيع أن يحمل السوط والخيزران والعقال ..
يستطيع الشاب أن يخرج إلى الشارع ويتظاهر ، يستطيع أن يعلن العصيان والإضراب.. ألم تساهم التظاهرات السلمية في تحرير أوطاننا في العهود السابقة .. ألم يستخدم أجدادنا الحجارة والسيف والمكوار والسوط إلى جانب المدفع والكلاشنكوف والصاروخ فأخرجوا المحتل ونالوا الاستقلال..
عشر سنوات من الاحتلال وشعبنا يباد بدم بارد ، لم يبق بيت في العراق إلا وفيه شهيد بل شهداء ، لم يبق بيت لم يمسه آذى الاحتلال .. أذناب أمريكا وإيران في العراق يبيدون شعبنا عن بكرة أبيها ، ينهبون العراق علنا وفي النهار ، نشروا الفساد والرذيلة وتمادوا وطغوا وتجبروا وسفكوا الدماء وانتهكوا الإعراض والمحرمات ، شعبنا يموت جوعاً ومرضاً ..
عيب على شبابنا أن يرددوا ما باليد حيل .. عار على رجالنا أن يطيلوا اللحى ويخفوا وجوههم خوفاً وجبناً من مخبر سري يوشي به ..
عار على رجالنا أن يقضوا نهارهم وليلهم في المقاهي .. وعار على شبابنا أن يرددوا ماباليد حيل ونحن قاب قوسين وأدنى من النصر ..
إن الله عز وجل سيمنّ علينا بالنصر والتحرير أن سعينا إليهما بأرجلنا وقلوبنا وحواسنا جميعاً وأمنا أن الله هو ناصرنا وأن كثر عددهم وعددتهم ( فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله ).
أن مقاومتنا الوطنية البطلة التي أذهلت الشرق والغرب بانتصاراته وصولاته في الشارع منذ الاحتلال والى اليوم ، أخرجت جيش أقوى دولة في العالم وهي أمريكا وأذاقت ذلك الجيش صنوفاً من الموت والقتل والإصابات حتى أجبرته على الانسحاب .. لقد انتصرت مقاومتنا على ذلك الجيش المدجج بأقوى واحدث الأسلحة والمعدات أفلا تقدر أن تهزم ( كم هتلي وبلاطتجي ، كم سارق ومرتشي وقاطع طريق ومجرم لمتهم أمريكا من حاناتها وملاهيها ومن بارات لندن وباريس وجاءت بهم ونصبتهم حكومة على شعب علمّ الشعوب الأخرى الفنون والعلوم والثقافات .. شعب أولى الحضارات في العالم ..
Golshanalbayaty2005@yahoo.com
|