في ذكرى النكبة.. هل ننتهي من نكبة جواز السفر
أيمن خالد
5/21/2010
إحدى ابرز مآسي النكبة، هو شتات العائلة والأسرة الفلسطينية الذي بدأ مع النكبة، واستمر مع نكبات العرب التي صنعوها للفلسطينيين، فكل إنسان في وطنه، عندما يريد التواصل مع عائلته وأولاده أو أقاربه، فهو يسير باتجاه اقرب وسيلة مواصلات، وينتقل إليهم ويتواصل معهم، باستثناء الفلسطيني، لأن الفلسطينيين، منذ شتاتهم الأول، وحتى شتاتهم العربي المستمر، لا تزال الأسرة والعائلة الفلسطينية ممزقة، فتجد الابن في بلد، والآخر في بلد غيره، ولا توجد عائلة فلسطينية واحدة جميع أفرادها في بلد واحد، وبالتالي فالفلسطيني عندما يريد التواصل مع أهله وأشقائه وذويه، فهو يحتاج قبل وسيلة المواصلات، يحتاج جواز سفر، وهكذا يصبح جواز السفر للفلسطيني، هو الوسيلة التي تمنحه رؤية والديه، أو أخوته، في شتات لا يرحم دمعة عين، أو غصة قلب، وكثيرون هم الفلسطينيون الذين حرموا مجرد نظرة الوداع على كفن أم أو أب أو أخ، لأن جواز السفر للفلسطيني غير مكتمل المعايير.
العرب ومنذ قمة بغداد عام 1978، اخترعوا توصية عجيبة، تتلخص تلك التوصية بمنع الفلسطينيين من حمل جواز سفر عربي، وبالتالي منحهم وثيقة خاصة، من الدول المقيمين فيها، وهذه الوثيقة بالطبع، أصبحت جزءا من معاقبة الفلسطينيين، فلا يحق للفلسطيني حامل وثيقة هذه الدولة أو تلك، أن يتحرك بحريته، فقد يلزم بعض الدول، أن يرهن الفلسطيني بيته، أو يضع مبلغا في البنك يتعذر الحصول عليه، وكل ذلك فقط، من أجل السماح بدخول شقيق لرؤية شقيقه في البلد العربي الآخر، فرق بينهما الشتات، وفرّق بينهما العرب بوثيقة السفر الممنوحة كل حسب مكان لجوئه.
هذه النظرية التي اخترعها العرب جاءت تحت ذريعة المحافظة على الفلسطينيين من اندثار هويتهم، وهذه النظرية البائسة، تجعلني اسأل عن الفلسطينيين الذين هاجروا إلى أوروبا، وأمريكا، فهل بمجرد حصولهم على جواز السفر الأجنبي تخلوا عن وطنهم أم لا زالوا سفراء فلسطين بل والأمة، في الدفاع عن قضاياها.
هذه المقولة تسيء للشعب الفلسطيني ولكــــرامته لأنها تــــقلل من قيمة انتماء الفلسطيني وإخلاصه لوطنه، وتربطه فقط، بمجرد الحصول على جواز سفر، فلا يحق لأي نظام عربي أن يدعي أن الفلسطـــيني بمجرد حمله جواز سفر دولة أخرى انه تخلى أو نسي وطنه، فهذا كــــلام معــــيب بحقنا، لان التصاقنا بفلسطين، هو اكبر وأعظم من تاريخ هذه الأنظمة.
العرب ليسوا أوصياء علينا، وهذه النقطة يجب أن تسقط من ملفات الجامعة العربية، لأنها اليوم السيف المسلط على رقابنا، فالفلسطيني الذي يحمل وثيقة سفر فلسطينية، يتم إذلاله بقسوة في المطارات العربية ويتم حرمانه من العمل كغيره من الناس، بذريعة انه يحمل وثيقة، وبالتالي علينا أن نجوع وان نشقى وان نبقى بلا عمل وأن لا نتواصل مع عائلاتنا وأسرنا، وان لا يكون لنا أي حق، وكل ذلك تحت ذريعة الحفاظ على هويتنا.
ناهيك عن الملفات الإنسانية المعقدة، مثل العلاج، والحصول على التأشيرة، وغيره، فكلها جعلت من الفلسطيني في الشتات يقع تحت وطأة تمييز من نوع خاص، وهو ما تستمر فصوله اليوم عربيا، حيث الدعوى التي نشاهدها والمطالبة بتجريد الفلسطينيين في الأردن على سبيل المثال من جواز السفر، وهي في النهاية أوقعت آلاف الفلسطينيين في كوارث إنسانية، من خلال فقدان الفلسطينيين لأعمالهم ووظائفهم في دول كانوا بها، وكل ذلك فقط، لان جواز السفر تبدل وأصبح هذا الرجل يحمل وثيقة (فلسطيني).
الغريب في الأمر، أن هناك دعوات في تركيا، لمنح الفلسطينيين جواز سفر تركيا بغية التخفيف من معاناتهم في التنقل، وهو ما أشار له احد ابرز كتاب تركيا (هاكان البيرق) الذي كتب عبر صحيفة 'يني شفق' الصحيفة القريبة من حزب العدالة، كتب يقول، إن الوضع القانوني لفلسطين هو نفس الوضع القانوني لـ قبرص التركية، لأن فلسطين وقبرص خضعت لاحتلال انكليزي مباشر، وطالب بأن تتدخل تركيا لمساعدة الفلسطينيين كما ساعدت القبارصة الأتراك ومنحتهم الجنسية التركية، وأيضا ناقشني بذلك المفكر التركي الكبير احمد فارول وهي مسألة تأخذ اليوم حيزاً في عقل المفكرين الأتراك.
أخيراً.. والله أنا محتار، كيف يبحث الأتراك عن اي وسيلة لمساعدة الفلسطينيين، وكيف يناقشون ذلك من الناحية القانونية، وهي بالمناسبة نظرية صحيحة، لأن فلسطين خضعت للانتداب مباشرة من الدولة العثمانية، وبالتالي فإن للفلسطينيين الحق القانوني بمساءلة تركيا اليوم كوريث للدولة العثمانية، وبالتالي مطالبتها بحقوق سياسية أو قانونية.
أنا محتار لأن الأتراك يناقشون هذا الأمر عبر إعلامهم، ولأن العرب اسقطوا عنا حتى حق العروبة.
' كاتب فلسطيني