ـ 1 ـ
الحاكم يضرب على الطبلة
و جميع وزارات الإعلام تدق على ذات الطبلة
و جميع وكالات الأنباء تضخم إيقاع الطبلة
و الصحف الكبرى و الصغرى
تعمل أيضا راقصة
في ملهى تملكه الدولة ! .
لا يوجد صوت في الموسيقى
أردأ من صوت الدولة ! !
ـ 2 ـ
الطرب الرسمي يباع على العربات
مثل السردين ...
و مثل الخبز ...
و مثل الشاي ...
و مثل حبوب الضغط
و مثل غيار السيارات
الكذب الرسمي يبث على كل الموجات ..
و كلام السلطة براق جدا ..
كثياب الراقصات ...
لا أحد ينجو من وَصْفَاتِ الحكم
و أدوية السلطة ..
فثلاث ملاعق قبل الأكل
وثلاث ملاعق بعد الأكل
و ثلاث ملاعق قبل صلاة الظهر
و ثلاث ملاعق قبل صلاة العصر
و ثلاث ملاعق قبل مراسيم التشييع ،
وقبل دخول القبر ..
هل ثمة قهر في التاريخ كهذا القهر ؟
الطبلة تخترق الأعصاب ،
فيا ربي ألهمنا الصبر ..
ـ 3 ـ
الدولة تحسن تأليف الكلمات
و تجيد النصب .. تجيد الكسر ..
تجيد الجر ..
تجيد استعراض العضلات
و لا يوجد شعر أردأ من شعر الدولة
لا يوجد كذب أذكى من كذب الدولة ...
صحف ، أخبار، تعليقات
خُوذٌ لامعة تحت الشمس
نجوم تبرق في الأكتاف ،
بنادق كاذبة الطلقات ..
و طن مشنوق فوق حبال الأنتينات
و طن لا يعرف من تقنية الحرب سوى الكلمات
و طن ما زال يذيع نشيد النصر على الأموات
ـ 4 ـ
الدولة منذ بِدَايَةِ هذا القرن تعيد تقاسيم الطبلة
(( العدل أساس الملك ))
(( الشورى ـ بين الناس ـ أساس الملك ))
((الشعب ـ كما نص الدستور ـ أساس الملك ))
يا رب الكون شبعنا من ضرب الطبلة ..
لا أحد يرقص بالكلمات سوى الدولة ..
لا أحد يزني بالكلمات ،
سوى الدولة ! !
(( القمع أساس الملك ))
(( شنق الإنسان أساس الملك ))
(( حكم البوليس أساس الملك ))
(( تأْلِيهُ الشخص أساس الملك .. ))
(( تجديد البيعة للحكام أساس الملك ))
(( وضع الكلمات على الخَازُوقِ
أساس الملك ... ))
طبلة .. طبلة ..
و السلطة تعرض فتنتها
و حلاها في سوق الجملة ..
و لا عُرْيٌ أقبح من عري الدولة ...
ـ 5 ـ
طبلة .. طبلة ..
و طن عربي تجمعه من يوم ولادته طبلة
و تفرق بين قبائله طبلة ..
و أفراد الجوقة ، و العلماء ، و أهل الفكر ،
و أهل الذكر ، و قاضي البلدة
يرتعشون على وقع الطبلة ..
الطرب الرسمي يجيء كساعات الغفلة
من كل مكان
و الطرب النفطي يحاول تسويق الإنسان
سعر البرميل الواحد أغلى من سعر الإنسان
الطرب الرسمي يعاد كأغنية الشيطان
و علينا أن نهتز إذا غنى الشيطان
و تصيح ـ أمام رجال الشرطة ـ آهْ ...
آهٍ .. يا آهْ
آهٍ .. يا آهْ
طرب مفروض بالإكراه
آهٍ .. يا آهْ
هل صار غناء الحاكم قُدْسِياًً
كغناء الله ؟ ؟ .
نزار قباني