الجاااااااار ولو جاااااااااااااار
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن؟ فقال أبو هريرة: فقلت أنا يا رسول الله فأخذ بيده وعد خمسًا وقال: اتق المحارم تكن أعبد الناس وارض بما قسم الله تكن أغنى الناس وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ] رواه الترمذي.
وعن أبي شريح الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره........ ] رواه مسلم.
إن الجار أحد ثلاثة: إما أن يكون جاراً غير مسلم فهذا له حق الجوار فقط وإما أن يكون جاراً مسلمًا فهذا له حق الجوار وحق أخوة الإسلام، وإما أن يكون جاراً مسلمًا قريبًا فهذا له حق الجوار وحق أخوة الإسلام وحق صلة الرحم.
فعلى المسلم أن يحسن إلى جاره ويعامله معاملة طيبة وأن يتجنب أذاه وألا ينظر إلى نسائه فقد ورد في ذلك نهي شديد فيما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك، قال قلت له: إن ذلك لعظيم قال قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قال قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تزاني حليلة جارك)). رواه مسلم.
فأنزل الله تعالى: ((وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً)). سورة الفرقان الآية [68].
وما أجمل ما قال الشاعر:
أغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
وللجار على الجار حقوق كثيرة منها:
1- إذا استعانك أعنته، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)) رواه مسلم.
فخير الناس أنفعهم للناس وخير الناس من كان في عون الناس لأن الناس لا يستغني بعضهم عن بعض كما قال أحدهم:
الناس للناس من بدو وحاضرة
بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
ويقول علقمة بن لبيد يوصي ولده: (( يا بني إن احتجت إلى صحبة الرجال فاصحب من إن صحبته زانك وإن أصابتك خصاصة أعانك وإن قلت سدد قولك وإن صلت قوى صولتك وإن بدت منك ثلمة سدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن سألته أعطاك وإن نزلت بك إحدى المهمات واساك من لا تأتيك منه البوائق ولا تختلف عليك منه الطرائق)).
2- إذا استقرضك أقرضته: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبًا: الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر فقلت لجبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة)) رواه ابن ماجة. والقرض الحسن هو الذي لا يكون فيه منٌّ ولا أذى وبعيداً عن شبهة الحرام كالربا وغيره لأن ما ينبت من حرام فلا مصيه له إلا النار.
3- إذا افتقر عدت إليه: أي أحسنت إليه وتعاونت معه تأكيداً للمعنى الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).رواه مسلم.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عز وجل خلقًا خلقهم لحوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله)) رواه الطبراني.
وعلى المسلم أن يعلم أن المال مال الله وما هو إلا حارس عليه ومن زرع حصد، قال الله تعالى: ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه)) سورة الزلزلة الآيتان [8،7].
4- إذا مرض عدته: عن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن عاده عشية إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان له خريف في الجنة)). رواه الترمذي.
وزيارة المرضى تقرب الناس من بعضهم لبعض وترفع معنويات المريض وتجعل بينهم صلات قوية ليس هذا فحسب بل هي موعظة بليغة للزائر إذ يرى أن الإنسان مهما تكبر وتعنت فيمكن لقليل من المرض أن يرقد على السرير ومن ثم يبتعد عن المعاصي حتى لا يناله انتقام الجبار المتكبر الذي ربما يبتليه بمرض يودي بحياته.
ومن السنة أن يقول الزائر للمريض: لا بأس عليك طهور إن شاء الله شفاك الله وعافاك، وأن يطمعه في الحياة وقرب الشفاء إلى غير ذلك من الكلمات الطيبة التي يكون لها أثر عظيم في نفس المريض.
5- إذا أصابه خير هنأه: فعلى الجار أن يظهر الفرحة بخير أصاب جاره حتى يشعر بحبه له وسعادته بما هو سعيد به فإذا رأيت جارك أو صاحبك قد لبس ثوبًا جديداً فقل له قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على عمر قميصًا أبيضًا فقال: (( ثوبك هذا غسيل أم جديد؟ قال بل غسيل قال: البس جديداً وعش حميداً ومتَّ شهيداً )) رواه ابن ماجة.
وإذا قدم جارك من سفر فقل له: ((الحمد لله الذي سلمك أو الحمد لله الذي جمع الشمل بك)). وإذا أراد أن يحج فقل له مودعًا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للغلام الذي أراد الحج: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء غلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أريد هذه الناحية للحج قال: فمشى معه وقال: ((يا غلام زودك الله التقوى ووجهك الخير وكفاك الهم، فلما رجع سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إليه فقال: يا غلام قبل الله حجتك وكفر ذنبك وأخلف نفقتك)). رواه الطبراني.
وإذا أراد الزواج فقل له بعد عقد النكاح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير)) رواه الترمذي.
وإذا رزق بمولود فقل له: (( بارك الله لك بالموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره)).
ومن حقوقه أيضًا: أن تعزيه في مصيبته وأن تتبع جنازته إذا مات وألا تستطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهد له وتبدأه بالسلام ولا تطيل معه الكلام وغض بصرك عن نسائه ولا تتبع النظر فيما يحمله إلى داره إلى غير ذلك من الحقوق الطيبة.
والسلام عليكم ورخمة الله وبركاته