لا بد من تحرير جبل المشارف
نداف شرغاي
January 21, 2014
حينما رسم عبد الله التل الاردني وموشيه ديان الاسرائيلي معا في تشرين الثاني 1948 خط الحدود في القدس، وقعت قرية العيسوية بين الدولتين، ويتجادل المؤرخون الى اليوم في مسألة في أي جانب من الحدود كانت القرية. ولم يُحسن ذلك اللقاء الى جبل المشارف الملاصق للعيسوية ايضا، فقد أصبح جيبا اسرائيليا منزوع السلاح في قلب المنطقة الاردنية كان يُسمح بمرور قافلة اسرائيلية اليه مرة في كل اسبوعين. واليوم وقد أصبحت الخريطة واضحة تماما، أصبح جبل المشارف وقرية العيسوية مشمولين في حدود القدس الموحدة عاصمة دولة اسرائيل. لكن الواقع هو الذي أصبح غير واضح وهو غير واضح الى درجة أنه يبدو احيانا أن دولة اسرائيل تتمسك بتلك الخرائط القديمة.
على بعد دقيقة سفر عن المقر القطري للشرطة في القدس، بين الحرمين الجامعيين للجامعة العبرية التي وضع حجرها الأساسي قبل 88 سنة، يحاول جنود ورجال شرطة ومواطنون وطلاب جامعات وسكان أن يشقوا طريقهم للوصول معافين وسليمين وأحياء الى الدراسة أو تأدية الخدمة الاحتياطية أو الى اماكن سكنهم. وهناك محاولات صدم بالسيارات، وزجاجات حارقة، وحجارة وعصي وصخور واطارات مشتعلة وطوب والكثير غير ذلك. إن كل شيء يجري عند شباب قرية العيسوية في الاطار المستمر الذي يعرف ارتفاعا وانخفاضا، لهذه الانتفاضة المحلية المستمرة.
يُخيل إلينا للحظة وليس ذلك خيالا فقط أن أيام 1948 قد عادت وأن القوافل أخذت تصعد في الطريق الى الجبل مرة اخرى. فالجيش الاسرائيلي ولن تصدقوا يستعمل في ساعات الظلام اجراء فتح شارع رئيسي بين قاعدة عوفريت، على مبعدة قصيرة جدا من معهد الفنون بتسلئيل وبين الشارع الرئيس، لاخراج الجنود الى البيت. أجل كما كانت الحال ذات مرة في لبنان أو في نابلس، أصبحت كذلك في قلب العاصمة على مبعدة بصقة عن مستشفى هداسا الذي يُرمى هو ايضا بالحجارة والزجاجات الحارقة. وتعاني طالبات الجامعة اللاتي يردن الخروج من الحرم الجامعي سيرا على الأقدام، يعانين على الدوام العدوان الجنسي. وقد جربن كل شيء الغاز المسيل للدموع ودورات الدفاع عن النفس وكتبن الى قادة الشرطة وعقدن مؤتمرات في الكنيست، لكن ذلك لم يساعدهن. وكانت الاجوبة: سِرن من هنا والتففن هناك وادفعن عن أنفسكن هنا.
هذا هو التصور العام، والخطأ في قول ‘إنتحر بدفاعك عن نفسك’. وقد أصبحت هذه الحياة الراتبة مملة جدا حتى إن وسائل الاعلام لم تعد تهتم بها لأنه كم مرة يمكن كتابة تقارير عن حجر آخر وهجوم آخر ومحاولة صدم بسيارة وحافلة تُرجم بالحجارة. ولا تصرخ العناوين الصحفية إلا حينما يُقتل شخص ما.
تُفيد التقارير من حين الى آخر عن اعتقال خلية أو أفراد يحدثون هذه الرتابة وهذا جيد جميل، لكن الامتحان هو امتحان النتيجة المستمرة، ونتيجة هذا الامتحان فشل مستمر. إن افيغدور همئيري الذي أصبحت أغنيته ‘من فوق قمة جبل المشارف’ قانونا لوح بأغنيته نحو القدس التي مر بها مئة جيل وأقسم قائلا: ‘لن أتزحزح من هنا’، لكن الواقع في الجبل يجعله يحنث في قسمه. في الطريق الى الجبل تجمد حكومة اسرائيل بسبب الضغط الامريكي مرة بعد اخرى خطط بناء ضرورية في منطقة الصديق شمعون يمكن أن تُحدث الاتصال الاسرائيلي الضروري جدا بالجبل وتمنع فصله من جديد.
إعتدنا على ذلك، لكن من يستمر في تعريف ما يحدث في الجبل بأنه امواجهة خافتةب سيحصل إن عاجلا أو آجلا على تلك المواجهة الخافتة.
اسرائيل اليوم 21/1/2014