حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني لـ’القدس العربي’: شرعيتنا الإنتخابية وعقدنا مع الجمهور انتهى في 2010 وعلينا أن نقدم استقالاتنا ونقدم اعتذارا لشعبنا لأننا فشلنا
وليد عوض
January 27, 2014
رام الله ـ ‘القدس العربي’: طالب الدكتور حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني النواب الفلسطينيين عبر صحيفة ‘القدس العربي’ بتقديم استقالاتهم من مجلس الشعب الفلسطيني الذي انتخبهم عام 2006 لولاية واحدة انتهت وفق القانون الأساسي الفلسطيني في كانون الثاني/يناير عام 2010، إلا أنهم دخلوا الولاية الثانية دون انتخاب لتنتهي كذلك في 26 الشهر الجاري، ليدخلوا الولاية الثالثة لهم بدون انتخابات.
ووجه خريشة إنتقادات حادة لطرفي الإنقسام الفلسطيني الذي ما زال يعطل الحياة البرلمانية في حين يواصل أعضاء التشريعي الذين انتخبوا عام 2006 عضويتهم بالمجلس وكأنهم منتخبون من الشعب الفلسطيني للأبد ويتقاضون رواتبهم البرلمانية على حساب الشعب الفلسطيني وهم جالسون في بيوتهم، بل ويمارسون أعمال أخرى ويتجول بعضهم في دول العالم تحت مسمى وفود برلمانية.
وتابع خريشة قائلا لـ’القدس العربي’، ‘شرعيتنا الإنتخابية وعقدنا مع الجمهور انتهى في 2010′، متابعا ‘الآن ونحن ندخل ولاية ثالثة من عمر هذا المجلس الذي انتخب لولاية واحدة مدتها أربع سنوات لم يتغير شيء، فالسلطة بقيت على حالها وبدأ دورها يتقزم ولم ننتقل الى الدولة ومؤسساتها’، مشيرا الى أن الممول الأجنبي بات هو المقرر فلسطينيا، متابعا’ الممول هو المقرر، وهذا الممول والساعين وراء التمويل فرضوا منظومة قيمية وأخلاقية جديدة غريبة عن مجتمعنا’.
وجاءت أقوال خريشة في حوار مطول أجرته ‘القدس العربي’ معه أمس الإثنين بالتزامن مع دخول التشريعي الفلسطيني عامه التاسع دون انتخابات، بحيث انتقل لدورة ثالثة بعد انقضاء 8 سنوات على انتخابه في كانون الأول من عام 2006، وفيما يلي نص الحوار:
‘ ما الذي تتذكره في هذه الأيام وأنت نائبا ثانيا للمجلس التشريعي الفلسطيني؟
‘ قبل ثماني سنوات وفي مثل هذا اليوم كان للشعب الفلسطيني موعد مع انتخابات عامة انتظرها طويلا، أحلامنا كانت كبيرة وأمنياتنا كانت أكبر، ولكن فجأة صدم الشعب الفلسطيني ومنتخبيه بخيبة أمل من حيث توالي الصدمات، لم يكن أولها عدم اعتراف ما يسمى بالمجتمع الدولي بنتائج هذه الإنتخابات- فازت بها حماس- لأنها لم تأت على مقاس أرجلهم بالرغم من الإشراف الدولي والإعتراف بنزاهتها وهذا ما أكده رئيس سابق لأحدث ديمقراطية (جيمي كارتر)-الرئيس الأمريكي الأسبق الذي كان كبير المراقبين الدوليين على تلك الإنتخابات-، وتمثلت هذه الصدمات بالحصار المالي والإقتصادي والعزل السياسي، وأن الذي فاز لم يستلم ومن خسر لم يُسلم بالاضافة لاختطاف عدد كبير من النواب -إعتقالهم من قبل إسرائيل- لكسر إرادة الشعب الفلسطيني، ودخلنا وأدخلنا في حالة من الشلل التام في كل مرافق الحياة بما يشبه العصيان المدني، توج ذلك بالإنقسام الداخلي وإصرار البعض على إقحام المجلس وأعضائه في صلب مشكله الإنقسام.
‘ وهل تقصد أن أحلامكم وأحلام الشعب الفلسطيني تبددت؟
‘ أحلامنا تبددت لأن الشعارات التي رفعناها جميعا قوى وفصائل وحركة وطنية والتي تمثل مضامين الشراكة والتعددية، فشلت على أرض الواقع، وهنا لا بد أن نقر بحقيقة أننا نجحنا حين كنا بالمجلس بلون واحد مع بعض الرتوش وفشلنا حين امتلكنا التعددية السياسية والمجتمعية وبذلك سقطت المقولات السابقة عن الشفافية، والأقلية والأغلبية والمعارضة والتعددية والشراكة بيننا.
‘ والآن ما الذي يجري؟
‘ الآن ونحن ندخل ولاية ثالثة من عمر هذا المجلس الذي انتخب لولاية واحدة مدتها أربع سنوات لم يتغير شيء السلطة بقيت على حالها وبدأ دورها يتقزم ولم ننتقل الى الدولة ومؤسساتها. فغياب وتغييب المجلس فتح الباب واسعا أمام فردية الحكم والقرار وانتهاكات واضحة لحقوق الإنسان وتعاقب الكثيرين لاستلاب دور المجلس التشريعي وأصبح الجميع هم المشرعون إلا المجلس نفسه صاحب الولاية، وانتشرت مؤسسات الرقابة من ديوان الرقابة المالية والادارية، وهيئة مكافحة الفساد الذي تغير حتى اسم قانونها من الكسب غير المشروع الى هيئة مكافحة الفساد وغيرها العديد من المؤسسات وذلك في خطوة واسعة لأخذ صلاحيات المجلس بالرقابة.
‘ أين المجلس التشريعي الفلسطيني الآن؟
‘ استعيض عن المجلس كوحدة واحدة يجتمع بنصاب قانوني في إطار عدد من الأعضاء يجتمعون في غزة باسم المجلس وآخرين في رام الله باسم لجان العمل وفي الحالتين يجتمع عدد من النواب الذين ينتمون لطرفي الإنقسام ومن لف لفهم. وللأمانة قد تكون هذه مبادرات طيبة وإيجابية لكنها قطعا تعبر عن العجز في أن يقوم المجلس بنوابه جميعا بحالة اختراق لتحقيق وحدة شعبنا وأن يكون خيمة لحوار وطني من أجل إنهاء الإنقسام.
هل التشريعي الفلسطيني بات مجرد شاهد زور؟
للأسف نعم، فالموازنات لا تقر بالمجلس وكذلك المساءلات، والحكومات تشكل بعيدا عن هذا المجلس وكل هذه الأمور تأتي مخالفة للقانون الأساسي الذي كثيرا ما يستخدم لتبرير فعل هذا أو ذاك.
‘ ما هو الواقع القائم فلسطينيا في المرحلة الحالية؟
‘ واقع اليوم هو انقسام عمودي وما بينهما من قوى وشخصيات اختاروا أن ينحازوا لهذا الطرف أو ذاك وفقا لمصالحهم وتنظيماتهم وامتيازاتهم، وإما تبعا لمواقف سياسية وغيرها، فمفاوضات تجري بعيدا عن المؤسسات الفلسطينية والغالبية العظمى تعيش حالة قلق وخوف على مصير القضية بشكل عام، وأجهزة امنية بقياداتها ما زالت تقود رغم أن القانون واضح ويدعو لتغييرهم كل أربع سنوات، ضرائب تفرض بعيدا عن المجلس، محاكم لا تُحترم قراراتها، وقضاء يأخذ أموالا من الممولين، وتوظيف يحرم منه من لا يوالي هذا الطرف أو ذاك في شطري الوطن، ومنظمات ‘الأنجزة’ – المنظمات غير الحكومية الممولة غربيا الـ NGOS – تتكاثر بشكل يومي وفق أجندة الممول، ومؤسسات مجتمع مدني تتباكى على المجلس لكنها تحمل مشاريع لقوانين وتقف على أبواب الرئاسة الفلسطينية للمصادقة عليها وهي تعلم أن دورها الحقيقي هو في كشف ورصد الإنتهاكات وللأسف هي أصبحت شريكا للحكومات والمتنفذين والمستفيدين من الإنقسام بالقفز على المجلس التشريعي المنتخب.
‘ والمواطن أين؟
‘ كل هذا والمواطن يعيش حالة من الفقر والبطالة والإنشغال بأموره الحياتية اليومية من خلال توفير الطعام لأبنائه وتعليمهم في الجامعات والتي بدأت تبتلع كل المدخرات وتراكم ديونا على أولياء الأمور، والغريب أن الموظفين بشكل عام أصبحوا يأنون من ديونهم في البنوك. والشعار الذي أصبح سيد الموقف هو أن الممول هو المقرر وهذا الممول والساعين وراء التمويل فرضوا منظومة قيمية وأخلاقية جديدة غريبة عن مجتمعنا، في حين أن الفقراء يزدادون فقرا والعاطلين عن العمل يزدادون عددا والمتنفذين يتضخمون يوميا ويستجلبون جيشا من المرافقين والتابعين، وأصحاب دكاكين الـ- ‘NGOS’ يزدادون غناً والقطط السمان تتكاثر، أي بمعنى إما أن تكون فقيرا أو تكون متخما والفئة الوسطى تآكلت وذهبت بالإتجاه الأول، والغريب أن كل من يستلم سلطة ويستند عليها يتحدث عن أزمة مالية وهو يدرك كيفية الخروج لكنه لم يفعل بل يجلب المحاسيب والأقارب ويستحدث تقنيات جديدة ومراكز مالية جديدة.
‘ في ظل ذلك الواقع الذي تصفه، ألا تعتقد بأن عقدكم انتهى كنواب لذلك المواطن الفلسطيني؟
‘ عقدنا معهم انتهى في 26/1/2010 ، وأنا كنائب وابن التجربتين الأولى والثانية – الأولى استمرت عشر سنوات والثانية دخلت العام التاسع – في الأولى حرص المجلس وأعضائه وأنا واحد منهم على إضافه بند في القانون الأساسي يؤكد على أن ولاية المجلس ممتدة لحين تسلم مجلس تشريعي آخر ولن ندخل في ملابسات وظروف هكذا توجه، لكن هذا لا يلغي أن شرعيتنا الإنتخابية وعقدنا مع الجمهور قد انتهى في 2010 ولكننا مستمرون بحكم استمرار الإنقسام وغياب الإنتخابات التشريعية والعودة للشارع.
‘ هل هذه أزمة؟
‘ نحن نعيش كشعب فلسطيني في ظل السلطة والإنقسام الداخلي في أزمة، أزمة مالية و أزمة حكم وأزمة قيادة و أزمة تنظيمات وأزمة مجتمعية وأزمة أخلاق وأزمة مفاوضات.
‘ كونك ذكرت الأزمة المالية، لماذا تتقاضون رواتبكم كنواب للشعب الفلسطيني وأنتم انتهى عقدكم وجالسون في بيوتكم؟
‘ أنا من الذين يؤمنون أن الراتب حق مكتسب لكل النواب لكن ما يتم تقاضيه من نثريات ومصاريف مكاتب ليست حقا للنائب الا إذا كانت المؤسسة تعمل. النائب لا يحق له أن يمارس عملا يأخذ من ورائه راتبا، لكننا نرى أن عددا من النواب يعملون أطباء في عياداتهم ويتقاضون كشفيات من المواطنين وهم ليسوا ندرة وآخرون عادوا للتدريس في الجامعات الفلسطينية وآخرون خرجوا من فلسطين للدراسة أو العمل، ووفود كثيرة تحت اسم البرلمان الفلسطيني تجوب دول العالم وتكلف الخزينة الفلسطينية أموالا طائلة، والبعض يعمل مستشارا وقبلها أحدهم كان سفير وآخرين أصحاب الـ NGOS، وكثيرة هي الأمور التي لو دقق فيها لكنا جميعا قلنا أن النقد والمطالبات الموجهة للمجلس ونوابه هي صحيحة 100′، ومن هنا وجب لزاما علينا أن نقدم اعتذارا لشعبنا، لأننا فشلنا وربما أفشلنا، وآن الأوان لاتخاذ خطوة جريئة باتجاه تقديم هذا المجلس استقالته للشعب الفلسطيني وليس لغيره، أي كان هذا الغير لأنه لا أحد فوضنا للأبد، وأن نناضل مع كل الطيبين والمنتمين لضرورة الذهاب مرة أخرى لانتخابات عامة وأن يكون عنوانها الحفاظ على دورية الإنتخابات مهما كانت الظروف والأزمات التي نعيش.
‘ هل هذا ممكن برأيك؟
‘ انا من الذين يدركون تماما أن هذا قد لا يكون ممكنا للقطبين الأكبر ـ حماس وفتح ـ لكن ممكن لمن هم بين المنقسمين الكبار، تعالوا نترك هذا المجلس وليتحمل المنقسمين تبعات بقائهم وحدهم يحملون اسم أعضاء المجلس الغائبين والمغيبين، تعالوا لنفعلها وبذلك نكون قوة ضغط حقيقية على طريق إنهاء الإنقسام واستعادة وحدة شعبنا وادواته وبذلك يستعيد المواطن ثقته بصوته وثقته بمن يمثله.