إعادة تزوير التاريخ فلسطينيا
رؤوبين باركو
February 3, 2014
في اثناء مؤتمر ميونيخ في نهاية الاسبوع الماضي حذر وزير الخارجية الامريكي جون كيري اسرائيل من أنه اذا فشل التفاوض فستعاني من مقاطعة دولية. وحينما كان هذا يحذر كان الاتحاد الاوروبي يكف نفسه بصعوبة، فقد اصبح مندوبوه يهددون بفرض مقاطعات على اسرائيل تشبه تلك التي فرضت على جنوب افريقيا اذا رفضت بدلة المجانين الانتحارية التي يحيكها لها أنصار التسوية المفروضة مع الفلسطينيين. وتلخص هذه اللازمة النهائية العلم الاوروبي المعادي للسامية القديم الذي يقول: ‘إضرب اليهودي في جيبه’.
إن اهتمام اوروبا بأمننا مقلق حقا. فبعد أن صدت بنجاح الارهاب والقتل في سوريا والعراق اتجهت كاثرين آشتون ورفاقها الى قضية اسرائيل. لا شك أن انفتاحهم للدعاوى الفلسطينية سيفضي الى انشاء جائزة نوبل جديدة تسمى جائزة ‘الكذب والتلاعب السياسي باعتبارهما طريقة قتال’. وفي هذا الاطار سيمنح الفلسطينيون لاول مرة منذ وُجدوا جائزة نوبل الابداعية هذه (منذ كانت جائزة نوبل للسلام التي أعطيت لعرفات).
إن هذه الجائزة المستقبلية ستجسد الذروة الناجحة للجهد الفلسطيني مع الجهد الاوروبي، لحل المشكلة اليهودية باستعمال مصطلحات اوروبية نبيلة فيها حنين الى الماضي: فهو يسمون الارهاب الفلسطيني الموجه على الاسرائيليين ‘مقاومة’، ويسمون الجدار الذي يمنع تفجير مخربين في حافلات ومقاهي في اسرائيل ‘فصلا عنصريا’، ويسمون استيطان اليهود في ارضهم التي لم تُحتل من الفلسطينيين قط، ‘احتلالا’. مرحى. يبدو هذا حنينا الى الماضي بالانجليزية، حقا. هلم نرى الآن ‘شيلوك’ اليهودي وهو يقتلع مستوطنات ويقرر من أين سيقتطع قطعة اللحم من لحمه الحي من اجل السلام.
إن الابداع الفلسطيني يستحق في الحقيقة جائزة الأثر القديم. يقول المثل العربي: ‘عذر أقبح من ذنب’. إن كل اسرائيلي لو سمع صائب عريقات، الممثل الفلسطيني في التفاوض برعاية وزير الخارجية الامريكي جون كيري، وهو يعلل في ميونيخ رفض الفلسطينيين الاعتراف بالدولة اليهودية، كان سيمنحه فورا صفة فكاهة العام والخيال المبدع. إن هذا الرجل (وهو في أصله بدوي من الاردن) قال في حماسة على مسامع مندوبي الأمم إن الرواية الفلسطينية تقول إنهم من نسل الكنعانيين، ولهذا سبقوا اليهود في البلاد التي هي للفلسطينيين في الحقيقة. ولم يحتج على ذلك أحد في اوروبا ولم تسخر تسيبي لفني منه.
اعتقد عريقات ‘المؤرخ’ أن الاعتراف بيهودية اسرائيل مس بالرواية الكنعانية التي تمنح الفلسطينيين الذين سبقوا اليهود ملكية ارض اسرائيل. وعريقات بتلويحه بـ ‘شهادة الميلاد’ الجديدة هذه زاد في علامات السؤال المتعلقة بآباء الفلسطينيين المجموعين من الدول العربية. وبين عريقات في حماقة ليس لها نظير أن سبب الرفض الفلسطيني للاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية ينبع من أن ملكيتهم تسبق ملكية اليهود لأنهم من نسل الكنعانيين ولهذا لا ينوون التخلي. وقد أعلن عريقات في ميونيخ انشاء دولة ‘فلسطين الكنعانية’ في ارض اسرائيل كلها، فصفقوا له.
وجد في ستينيات القرن الماضي ساخرون زعموا أن أصل الفلسطينيين أم يهودية (الصهيونية) وأب انجليزي (الانتداب)، وأصيب عريقات ‘الكنعاني’ بالبلبلة قليلا ونسي أنه حينما بحث عرفات (الذي ولد في مصر) عن أب زعم أن الفلسطينيين هم من نسل ‘اليبوسيين’. وحدث هذا ايضا لاحمد الطيبي ‘الفلسطيني’، الذي تبين أن أصله من سوريا. زعم كثيرون من موجدي الرواية الفلسطينية على مر السنين أنهم من نسل ‘الفلسطينيين’ (الذين جاؤوا من البحر). بينما زعم فلسطينيون آخرون متعطشون الى النسب أنهم من نسل محاربي الاسلام في فترة محمد وصلاح الدين بعده الذين احتلوا البلاد. فلو سمع هؤلاء أنهم من نسل عبدة أوثان لكان ذلك اهانة وسببا يدعو الى القتل.
أوجد الفلسطينيون لاثبات سبقهم لليهود في ارضنا ورفض شروط السلام، أوجدوا أبا جديدا وهم الكنعانيون عبدة الأوثان. وبحسب الكتاب المقدس والقرآن بادت هذه الشعوب ‘قوما جبارين’ وورث اليهود ارضهم. ولهذا فان كلام عريقات هو ‘هدف ذاتي’. ومن الطبيعي أن يوجد كل ابن زنا شهادة ميلاد وأن ينسب نفسه الى أب جليل، لكن لماذا يحتاج الفلسطينيون الى آباء مريبين كهؤلاء ومتى نفهم طبيعة من نُعامل؟.
اسرائيل اليوم 3/2/2014