تفجير حافلة في سيناء ضربة جديدة لصناعة السياحة في مصر
February 21, 2014
فرانكفورت/ باريس – رويترز: وجه تفجير حافلة تقل سياحا كوريين في شبه جزيرة سيناء الأحد الماضي لطمة قوية لصناعة السياحة في مصر، في وقت تحاول فيه الخروج من الأزمة التي ألمت بها من جراء الإضطرابات السياسية في السنوات الثلاث الأخيرة.
وجاء مقتل سائحين قرب واحد من أكبر المنتجعات الشاطئية في مصر في الهجوم، الذي شنه متشددون إسلاميون، ليقوض التأكيدات الرسمية المصرية أن الأجانب لا يواجهون أي خطر من جراء الإضطرابات التي هزت البلاد منذ الإطاحة بحكم حسني مبارك عام 2011.
وقالت جماعة أنصار بيت المقدس انها نفذت الهجوم، وطلبت من السياح مغادرة مصر، وهددت بمهاجمة من يبقى في البلاد بعد الخميس.
وقال جورج كولسون، رئيس إتحاد ‘سناف’ الفرنسي لشركات السياحة إن الإتحاد ينصح الناس بإختيار وجهات سياحية بديلة. وأضاف ‘الموسم الشتوي مات. والمؤشرات لعيد القيامة أن الناس لا تقاتل من أجل الذهاب إلى مصر’.
وتلقي مثل هذه التحذيرات الرعب في قلوب القائمين على صناعة السياحة، التي تمثل مصدر رزق لملايين المصريين وتعد مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي في البلاد.
وكانت شركات السياحة تأمل تحسن الوضع، بعد موسم سيء في عام 2013 الذي شهد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي ومقتل المئات من أنصاره، مما زج بالقطاع كله في أزمة من جديد. وإنخفضت إيرادات السياحة بنسبة 41 في المئة إلى 5.9 مليار دولار.
وأوقفت شركات السياحة الأوروبية رحلاتها إلى منتجعات البحر الاحمر الشهيرة، مثل الغردقة وشرم الشيخ ومرسى علم، بعد الاشتباكات الدامية التي أعقبت عزل مرسي في يوليو/تموز.
وفي سبتمبر/ايلول خففت السفارات تحذيراتها وعاد كثير من السياح الأوروبيين الباحثين عن دفء الشمس في شهور الشتاء إلى المنتجعات الشاطئية البعيدة عن العنف في القاهرة والإسكندرية.
وبدا لأصحاب الفنادق والمطاعم وللعاملين في السياحة – بمن فيهم مدربو الغطس على ساحل البحر الاحمر – أنهم وجدوا سبيلا للنجاة من الإضطرابات المتواصلة في المدن.
وكان من أسباب هذا التفاؤل وجود نقاط تفتيش لقوى الأمن ودوريات للشرطة تحرس المنتجعات بفنادقها وملاعب الغولف والشواطئ ذات العشب المجزوز والرمال الناعمة.
وعلى النقيض لم يتوافد على المواقع السياحية المشهورة في المدن المصرية، مثل أهرامات الجيزة ووادي الملوك، سوى القليل من السائحين منذ عام 2011 مما شكل أزمة لاصحاب السفن النيلية وبائعي التذكارات السياحية الذين يمثل السياح بالنسبة لهم مصدر قوتهم.
إلا أن المنتجعات الساحلية، التي تتيح للسائح تجربة تختلف عن العطلات الشاطئية في مناطق اُخرى من بربادوس إلى بالي، هي عماد صناعة السياحة في مصر.
وجاء تفجير الحافلة قرب طابا في جنوب سيناء على مسافة قريبة من نقطة عبور حدودية مع اسرائيل يمر عبرها السائحون وأسفر عن مصرع السائحين الكوريين ومصري. وكان أحد أسوأ الهجمات التي إستهدفت السائحين منذ فجر متشددون قنبلة في فندق هيلتون في طابا عام 2004 مما أسفر عن مقتل 34 شخصا.
ومازال الوجود الأمني كبيرا في المنتجع الذي يقع على مسافة ثلاث ساعات ونصف الساعة بالسيارة إلى الشمال من شرم الشيخ.
ورغم أن المتشددين المختبئين في صحراء سيناء وجبالها صعّدوا أنشطتهم منذ الإطاحة بمبارك، فقد تركز نشاطهم في شمال سيناء وإعتبرت الحكومات الغربية طابا آمنة للزوار.
لكن التحذير الذي أطلقته جماعة أنصار بيت المقدس قد يمنع السائحين من زيارة الأماكن التي تقع بعيدا عن قاعدتها الأساسية.
وفي الغردقة البعيدة عن سيناء أبدى ناصر مازن الذي يدير منتجعا يقوم نشاطه على الرحلات البحرية والسياحة الشاطئية شعوره بالقلق. وقال ‘في الوقت الحالي نحن لا نعمل إلا بخمسة وعشرين في المئة من الطاقة التي نعمل بها في العادة في فبراير/شباط. نرجو أن تتوقف هذه الهجمات. فالسياح… يرون ما يحدث في مصر في وسائل الإعلام ويرجئون سفرهم للعام القادم أو ما بعده’.
وقالت شركة ‘كلوب ميد’ التي تدير منتجع ‘سينا باي’ في طابا انها ستُبقي القرية السياحية مفتوحة لكنها شددت الأمن ونصحت النزلاء بعدم المغامرة بالخروج من القرية وحدهم.
وقالت متحدثة بإسم الشركة ان التهديدات الجديدة في مصر ‘وضع يمثل مصدر قلق لنا’. وأضافت أن بعض العملاء ألغوا رحلاتهم وان الشركة تعرض رد أموال الحجز أو فرصة الحجز لوجهات اُخرى.
وشددت فنادق ‘ماريوت’ و’هيلتون’ و’أكور’ في سيناء اجراءات الأمن.
وحذرت حكومات أجنبية رعاياها من زيارة المدن الكبرى في مصر منذ عام 2011 لكن الإحساس بالخطر تزايد بعد هجوم الأحد الماضي. كما نصحت السفارة البريطانية في مصر البريطانيين بعدم السفر إلى معظم مناطق جنوب سيناء إلا للضرورة القصوى. ولا يسري هذا التحذير على شرم الشيخ أكبر المنتجعات السياحية في المنطقة.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي ‘في السياق المصري والإقليمي يجب على كل المسافرين أن يدركوا أن هناك تهديدا إرهابيا. الوضع في سيناء مقلق’.
وزار مصر في العام الماضي نحو 100 ألف سائح فرنسي يمثلون نحو سدس عدد الفرنسيين الذين زاروها عام 2010.
وبعد أيام من تفجير حافلة طابا قالت رابطة السياحة الروسية ان ثمة إنخفاضا في الحجوزات، كما أن رابطة السياحة الألمانية تتوقع أنباء سيئة.
وقال يورغن بوشي رئيس الرابطة ‘السفر من ألمانيا لم ينتعش منذ الربيع العربي وأي زعزعة اُخرى للإستقرار تزيد من قلق السياح’.
وقال المكتب السياحي المصري في فرانكفورت ان عدد الألمان الذين زاروا مصر في العام الماضي بلغ 975 ألفا بإنخفاض 15 في المئة عن عام 2012 بالمقارنة مع 1.3 مليون سائح عام 2010.
وأكبر مصادر للسياحة من الخارج في مصر هي روسيا وألمانيا وبريطانيا. وقد قلصت شركات سياحية كبرى مثل ‘توي ترافل’ و’توماس كوك’ رحلاتها إلى الوجهات المصرية خلال السنوات الثلاث الماضية.
وتعاني شركات السياحة الأوروبية من الضعف الإقتصادي في أسواقها المحلية، ومن الإضطرابات التي تشهدها مصر. وأصبحت الآن تواجه مشاكل إضافية. وقالت شركة ‘توي إيه.جي’ الشركة الاُم لـ’توي ترافل’ الاُسبوع الماضي ان إنخفاض نشاطها في مصر قلص أرباح الربع الاول بمبلغ 19 مليون يورو.
وحتى الآن فإن شركات السياحة ليست ملزمة بعرض إلغاءات مجانية على العملاء، أو تغيير حجوزاتهم أو إعادة المسافرين إلى بلادهم مبكرا.
وقالت شركات ورابطات سياحية ان السائحين يقضون وقتا ممتعا في منتجعات البحر الأحمر في شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم دون أن تزعجهم فيما يبدو الأنباء الأخيرة.
وقال ممثلون لشركات ألمانية وإيطالية انه يجري إطلاع العملاء على أحدث الأخبار ونشرات السفر أولا بأول، لكن لم يطلب أي منهم العودة قبل نهاية الرحلة. لكن كثيرين ألغوا رحلات نهارية لمواقع بعيدة في سيناء مثل دير سانت كاترين.
وقال كولسون من إتحاد ‘سناف’ الفرنسي ‘لا نستطيع منع العملاء من السفر إلى مصر لكن دورنا هو تحذيرهم من الخطر’.