ساعات فقط كانت تفصل عائلة السركجي في مدينة نابلس عن فرحة اختفت لسنوات, ساعات وتنهمر دمعات الفرح لتمحو قسمات الحزن من عيون عائلة السركجي, ثماني سنوات مضت على اغتيال الاحتلال لرب الأسرة الشهيد القائد القسامي يوسف السركجي, ليطفئ برصاصاته الحاقدة البسمة من وجوه عائلته.
تركهم صغارا, طارق 15 عاما, معاذ 14 عاما, شهد 11 عاما, صفاء 9 أعوام ليعيشوا حياة الفقر ويكابدوا مرارة العيش وصعوبته, وفي أحضان زوجة الشهيد "أم طارق" عاش الأبناء, كبروا وشبوا, ربتهم وحفظت أمانة وضعها زوجها في عنقها, فكانت حقا نعم الأم والأب لهم.
سنوات عناء تكللت بالنجاح
وأخيرا وبعد سنوات العناء والتربية التي خاضتها أم طارق جاء اليوم الذي تتكلل فيه بالحصاد المثمر, فاليوم يحمل ابناها طارق ومعاذ شهادتهم الجامعية من جامعة النجاح الوطنية, طارق 23 عاما الابن البكر للشهيد تخرج من كلية الآداب تخصص صحافة ومعاذ 22 عاما تخرج من كلية الفنون الجميلة, إضافة إلى ترقبهم للفرحة بنجاح صفاء اصغر بنات الشهيد في شهادة الثانوية العامة والتي تستعد لخوض امتحاناتها بعد أيام.
بلهفة للفرحة الضائعة وبحثا عنها, بدأت عائلة السركجي إعداد نفسها لتخرج أبنائها الثلاثة, وقامت الأم بترتيب حجز قاعة أفراح لأولادها, وكانت أولى الحفلات التي ستحضرها عائلة الشهيد السركجي حفل تخرج ابنها معاذ وتحديدا الأربعاء 9/6/2010 ..
وأحيلت الورود إلى قيود
يستطيع كل منا أن يتخيل الليلة التي تسبق تسلمه لشهادته الجامعة, حيث الفرحة واللهفة ممزوجة بالفخر والأمل بالمستقبل, لكننا لن نستطيع أن نفهم الشعور أمام مشهد الجند والقيد وفراق الأهل في ذات الليلة 9/6/2010, ذلك المشهد الذي استيقظت عليه عائلة السركجي في منتصف الليل الساعة الثانية والربع ليبدد فرحتها بتخرج أبنائها.
ولأنه المحتل, فقد قرر أن يبدل ثوب التخرج الذي أعده معاذ بثياب السجن وأن يملأ يديه التي كانت تتلهف لرفع الشهادة عاليا, بالأصفاد.
وتقول أم طارق لمركز احرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان: " لم نتوقع في لحظة اعتقال معاذ وخاصة في خضم تجهيزنا لحفل تخرجه فقد دعونا الأهل والأقرباء وأعددنا أنفسنا لهذا اليوم الذي انتظرناه طويلا".
وتصف شهد شقيقة معاذ مشهد اعتقاله لمركز أحرار قائلة: " داهمت قوات الاحتلال بيتنا في منتصف الليل فاستيقظنا جميعا واقتادوا معاذ معهم بعد أن كبلوا يديه أمامنا وخرج وهو يقول لوالدتي لا تضعفي هذا موقف عزة ".
سيعود بالفرحة ولو بعد حين
اليوم فتح منزل عائلة الشهيد السركجي لا ليستقبل المهنئين والمهنئات بتخرج أبنائها بل للمواساة في مصاب الأسر الذي حل بابنها, ولتنتظر بصبر تحلت به ابنها ليعود بالفرحة التي رحلت مع اعتقاله.
لا ضير أن تحال لحظات الفرحة لألم, فخلف القيد يصنع الرجال وخلف القيد يكمن الانتصار, معادلة فهمها الشعب الفلسطيني بنجاح باهر, فدماء الشهيد يوسف وأعمار أولاده وصبر زوجته لن تضيع سدى ستبقى شاهدا على عظم التضحية وروعة العطاء.
من جهته أشار فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أن الاحتلال يعمد إلى قتل الفرحة في قلوب الفلسطينيين وحرمانهم من أجمل اللحظات وهم بقرار اعتقالهم شاباً قبل يوم واحد من تخرجه بالجامعة يقتلون الفرحة بقلوب الفلسطينيين .
وأضاف الخفش أن سبعة طلاب من جامعة النجاح الوطنية اعتقلوا قبل ليله واحده من تخرجهم في رسالة واضحة ومخطط لها من اجل سرقة البسمة والفرحة من قلوب هؤلاء الطلاب