الكرة المتدحرجة وخطاب الرئيس
كتب غازي مرتجى
مخرجات زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى البيت الأبيض بدأت عملياً على الأرض , فقبيل مغادرة نتنياهو من واشنطن فجّر قضية سفينة الأسلحة المزعومة واتهّم إيران وغزة بها على الرغم من أنها كانت متجهة لحوثيي اليمن ! , قيل يومها أنّ نتنياهو يضغط على أوباما لفشله في الحصول على إجابات أمريكية واضحة حول "النووي الإيراني" , لكن سرعان ما تبددت تلك التحليلات لتكتمل "فسيفساء" التطرف الإسرائيلي لتصل رسالة مُشتركة إلى أبو مازن من جهة وحماس والجهاد الإسلامي من جهة أخرى .
يبدو أن الرئيس الأمريكي بالفعل ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي على الرغم من تبجّح نتنياهو قبل يومين بأنّ أوباما لم يضغط عليه بل كان متساهلاً ما أثار حالة من الاستغراب لدى المراقب الفلسطيني وخلق حالة من "التوتر" عند المفاوض الفلسطيني , لكن تصرفات جيش نتنياهو على الأرض تؤكد أن أوباما وجّه لنتنياهو تحذيرات وربما "قرص دانه" !.
إسرائيل تُتقن تماماً لعبة الهروب للأمام وخلط الأوراق , وما اغتيال شهداء الضفة وغزة إلا دليلاً واضحاً على بدء تدحرج الكرة الملتهبة لتصل في النهاية إلى حالة "الكسر".
لا يستطيع نتنياهو الحصول على الضوء الأخضر من أوباما إلا في حال تمكّن من الحصول على المبررات القويّة وهي في الحالة الحالية إما عملية تفجير في أراضي الـ 48 أو صواريخ بعيدة المدى تتمكن من اصطياد أي هدف أمامها , عندها ستصل الكرة المتدحرجة إلى النهاية وستبدأ إسرائيل اللعب بالنار وحرق الأخضر واليابس .
عمليات الاغتيال والعودة إلى نظام الاستهداف والقتل المباشرين يهدف بالأساس إلى إحراج الرئيس أبو مازن , فلو قرّر الرئيس الانسحاب من المفاوضات سيُحقق نتنياهو الهدف الرئيسي بتصعيده , وبالطبع إحراج الرئيس أبو مازن أمام الفصائل الفلسطينية وإفشال لقائه المرتقب مع أوباما من ضمن أهداف الكرة الإسرائيلية المتدحرجة .. لكن !
الكرة الآن في ملعب فصائل المقاومة الفلسطينية وبشكل خاص حركتي حماس والجهاد الإسلامي , فلو قرّرت حماس الرد طبقاً لتصريح قيادي كبير بالأمس بأن القسام سيضرب من يهاجم حماس , أو قرّرت سرايا القدس الانتقام لعدد من شهدائها الذين سقطوا مراراً في ظل التهدئة التي وصلت مرحلة الشيخوخة بحسب الناطق الرسمي باسم الذراع المسلح للجهاد الاسلامي , لو قرّر أحد الفصيلين الرد فعندها ستستغل إسرائيل أي صاروخ يُطلق من القطاع لتبدأ بتنفيذ مخططها وتستغل ظروف الانقسام والمقاطعة المصرية وحالة اللامبالاة العربية لحرق الأخضر واليابس .
الوضع الفلسطيني يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم , وخطاب الرئيس أبو مازن بالأمس في اجتماع المجلس الثوري يُشبه إلى حد كبير أحاديث الشهيد أبو عمّار قبل اغتياله , ويكشف إلى حد بعيد حجم الضغوطات التي تتعرض لها القيادة الفلسطينية بواسطة الولايات المتحدة وإسرائيل وأطراف مأجورة داخلية .
حالة الإنقسام وتشتيت الجهود التي تُعاني منها القضية الفلسطينية تؤثر بشكل كبير للغاية في الوصول للأهداف المنشودة والمرجوة , وبقاء الأوضاع على ما هي عليه تضع علامات استفهام كبيرة حول المستفيد والمتضرر .
لقد بلغ حجم التآمر على القضية الفلسطينية ذروته , وهذا يوجب على الأقل تشكيل جبهة صيانة الثوابت وتحديد الأولويات من قبل قيادات الشعب الفلسطيني , فلو كان الإنقسام صعب الإنتهاء , فلماذا لا يتم تشكيل جبهة صيانة تُحدّد أولويات وخطوات المرحلة القادمة التي تُشير التوقعات إلى كونها "عملية انتحارية" ستُحدّد معالم القضية الفلسطينية مستقبلاً .