أبو مازن نسي أن الكارثة تمت بمساعدة فلسطينية
مردخاي كيدار
May 1, 2014
بمرور سبعين سنة على إبادة نحو نصف مليون يهودي في هنغاريا، قررت حكومة اسرائيل بان ابادتهم ستكون في بؤرة احتفالات الذكرى للعام 2014. ابتداء من ايار 1944 ارسل يهود هنغاريا بقطارات البقر الى اوشفتس بركناو وهناك ابيدوا. وتطرق الرئيس بيرس الى ابادة يهود هنغاريا في خطابه في يد واسم عشية يوم الكارثة، ووصف بتفصيل تقشعر له الابدان بعض الصور من تلك الفترة الظلماء اياها.
قبل بضعة ايام من يوم الذكرى لكارثة الشعب اليهودي في اوروبا، التقى أبو مازن بحاخام من الولايات المتحدة، مارك شناير. وقد جمع الحاخام شناير تجربة جمة في الحوار مع المسلمين. وعلى مسمعه أعلن أبو مازن بان ‘الكارثة كانت الجريمة الابشع في تاريخ الانسانية’. وكذا: ‘الشعب الفلسطيني، الذي يعاني من الظلم والقمع هو أول من يطالب بوقف العنصرية ضد الشعوب الاخرى’.
أقوال عباس تكاد تكون صريحة: ما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين يشبه ما فعله النازيون باليهود. فهل تقتاد اسرائيل الفلسطينيين بالقطارات وكأنهم حيوانات؟ هل تبيد اسرائيل الفلسطينيين في حجرات الغاز التي تشبه الحمامات؟ هل تحرق اسرائيل جثث الفلسطينيين في المحارق؟ هل تشغل اسرائيل الفلسطينيين في معسكرات الاكراه؟
غير أن هذه الاقوال الخطيرة هي لا شيء مقابل ما لا يقوله: عباس ينسى أو يحاول أن ينسى، بان ابادة يهود هنغاريا تمت ايضا بفضل المساعدة التي قدمها مؤسس الحركة الوطنية الفلسطينية، مفتي القدس، الحج أمين الحسيني لالة الابادة النازية.
بعد أن فر الى برلين في العام 1941 عني المفتي بمساعدة النازيين من خلال تجنيد جنود مسلمين من البوسنه لجهاز الـ اس.اس . في العام 1944 كانت مهمتهم حراسة جسور القطارات التي نقلت اكثر من نصف مليون يهودي هنغاري الى الابادة في اوشفتس، كي لا يفجر الانصار الجسور. كما أنه ساعد في اقامة ‘الفيلق العربي الحر’ الذي عمل في اطار الفرمخت، ودفع له النازيون أجرا شهريا مضاعفا على أجر فيلد مارشل في جيش الرايخ.
قبل بضع سنوات شاركت في نقاش اعلامي في احدى وسائل الاعلام العربية بمشاركة ناطق بلسان السلطة الفلسطينية. طرحت موضوع مشاركة المفتي في ابادة يهود اوروبا، وادعى الناطق الفلسطيني بان عمله هذا كان مبررا ‘كي لا يصل اولئك اليهود الى فلسطين’. سألته ‘قد يصلون الى أمريكا؟ فهل يستحقون عقوبة الموت ايضا؟’ على هذا السؤال لم يجب الفلسطيني.
وسائل الاعلام العربية لن تتحدث ابدا عن دور المفتي الفلسطيني في ابادة يهود هنغاريا. وعشية يوم الكارثة اجري معي لقاء هاتفي في اذاعة الـ بي.بي.سي بالعربية عن تصريح عباس الذي وصف الكارثة بانها ‘الجريمة الابشع في تاريخ الانسانية’. انتقدت انه لم يشجب نشاط المفتي. وقد بثت المقابلة، ومقطع الحج أمين قص منها.
كنت سأسأل الحاخام شناير، هل عندما شجب عباس ابادة اليهود لم يحاول هو الحاخام المحترم تذكيره بان المفتي الفلسطيني كان جزء من آلة الابادة النازية. غير ان الذاكرة الانتقائية هي على ما يبدو اسم اللعبة في الحوارات بين الاديان التي يديرها الحاخام مع كارهي اسرائيل.
ان اسرائيل ملزمة بان تذكر جيرانها بما فعله الزعيم الفلسطيني كي يبيدنا. غير أن قسما من الناطقين بلساننا يميلون الى نسيان هذه الحقيقة. وكرس الرئيس بيرس دقائق طويلة لابادة يهود هنغاريا وهو ايضا ‘نسي’ ذكر دور المفتي الفلسطيني في هذه الجريمة. ولم يكن شطب دور المفتي من خطب بيرس صدفة: فهو يؤمن بان الفلسطينيين هم شركاؤنا في السلام، فلماذا نذكرهم بالجريمة الفظيعة التي ارتكبها زعيمهم؟
كيف يمكننا ان نطلب من العالم ان يتذكر الكارثة اذا كان رئيس دولة اسرائيل ‘ينسى’ الاشارة الى هذا التفصيل الهام فقط لانه لا يريد أن يحرج صديقه عباس. يتبين أن الذاكرة الانتقائية ليست من نصيب اعدائنا فقط؛ رئيس اسرائيل ايضا يستخدم ذكرى الكارثة بشكل انتقائي، حسب أجندة شخصية وسياسية.
معاريف/الموقع 1/5/2014