لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80135 نقاط : 713946 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: سيرة مناضلة / سيرة حياة أملي القضماني الإثنين 1 سبتمبر 2014 - 14:48 | |
| سيرة مناضلة / سيرة حياة أملي القضماني بداية، لابد من الإشارة أن كتابة سيره ذاتية أمر فيه من الصعوبة بالنسبة لي ما يكفي للإحجام عنه، ولكني سأحاول قدر المستطاع أن أكون مقتضبة، فالحديث عن الذات، أمر لم أتعود عليه ، وربما هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها شيئا من"سيرتي الذاتية"*****
الورقة الأولى .....ولدت في أسرة تمتهن الزراعة ، (لكنها من عائلة وجيهة بالبلد) أي من اللذين يقررون في شؤون أهل قريتهم، لكن أبوي كانا متواضعين، صادقين، فتربيت في أجواء أسرية دافئة ، أساسها المحبة المتبادلة بين أفرادها، و احترام الآخرين.(فكانا رحمة الله عليهما) مثالا يحتذي في السلوك الحسن، والقدوة للآخرين،في الإخلاص والتواضع وصدق اللسان، غرسا فينا أنا وإخوتي الإيمان بالله ، وأنه سبحانه و تعالى ، أنعم على الإنسان بالخيرات وملذات هذه الأرض، لكنه أوصى بعدم المبالغة، ونهى عن الإساءة أو الاعتداء على حقوق الغير. كان والدي يردد دائما : إنه يتوجب على الفرد منا أن لا يتردد أبدا في نصرة الضعفاء، والدفاع عن حقوق المظلومين، كما لا يتردد قيد أنملة على تقديم النفس برضاء وسعادة إذا نادت الأوطان مستغيثة ،من ظلم الأعداء والمغتصبين.. { وهو ما فعله حقا حيث انضمَّ لصفوف الثوار وشارك جنبا إلى جنب مع رفاقه وإخوته الأبطال،في تحرير بلادنا من الاستعمار الفرنسي ...وقد أصيب إصابة بالغة : اخترقت رصاصة حنجرته ، ونجا من الموت بأعجوبة، حتى أنه سجل بين الشهداء لأنه كان ميتا فعلا، لكن قدرة الله كانت معه ...لهذا كان يردد دائماً: ولدت ولادة ثانية..هكذا ترعرعت على حب الوطن وعشقه، بين أب مناضل، وإخوة عشقوا الوطن. وبذلوا في سبيله الغالي والنفيس،وهكذا وجدت البيت الذي انتقلت إليه بعد زواجي، والد زوجي ، العم (أحمد علي القضماني) من الثوار أيضا ًوقد شرَّفه الله برصاصة اخترقت صدره بعيداً عن القلب قليلا في إحدى معارك المواجهة بالقرب من قلعة راشيا اللبنانية.ومنذ أول يوم للاحتلال الإسرائيلي الغاشم ولم تمض أيام قليلة ، حتى بادر زوجي أحمد علي القضماني ومجموعة من رفاقه الأبطال ، بتنظيم خلايا للمقاومة السّرية ، وكنت نصيرة وداعمة لهم، أخذت على عاتقي مهمات لا مجال لذكرها هنا، وقد باشروا على الفور بترتيب العلاقات مع الجهات المعنية داخل وطننا الغالي لتدارس الخطوات القادمة وتحديد إستراتيجية وتكتيك العمل النضالي الجولاني ، ومقاومة المحتل الصهيوني .. وتمكنت سلطات الاحتلال من الكشف عن تلك المجموعة بعد سنوات وألقت القبض على أفرادها، وألقتهم داخل السجون،فوجدت نفسي أقف أمام مسؤولية نوعية جديدة وهي مواصلة طريق النضال، وإكمال المهمة، وكان بالفعل الحمل ثقيلا...بالإضافة لذلك كان عليَّ تربية أولادي وتأمين لقمة العيش لهم ، وتعليمهم ،وزرع روح المقاومة لديهم ،وحب الوطن، ليكملوا مشوارنا الذي بدأناه ، حاولت قدر المستطاع تأمين حياة مقبولة لهم كي لا يشعروا بالنقص في ظل غياب والدهم، و من أجل أن تستمر الحياة كما تقتضي ... كنت أزور زوجي بالسجن وبرفقتي أحد أبنائي ،وكان ذلك متعباً ومرهقاً جدا، و تعمدت مرافقتهم حتى يروا بأم أعينهم أين هو أبوهم، ومن المسئول عن ذلك، ولكي يبقوا على تواصل معه ويفخرون بما قام به،وفعلا كبروا وكبرت معهم مشاعرهم الوطنية فأصبحت جزءاً من كيانهم الرّوحي،وكان لهم دور فاعل ومميز في المدارس وبين رفاقهم الطلبة، ولم يتأخروا عن المشاركة، بل أحياناً كثيرة كانوا المبادرين لإقامة الفعاليات والنشاطات الوطنية .. فكانت عيون العدو لهم بالمرصاد.. فاعتقلوا ابني البكر، وهو في سن (14) وزجوا به في المعتقل, ولم تكن مرة واحدة فقد تكررت اعتقالاته, وما لبث أن شبَّ أخوه الصغير وسلك مسلكه ، بل تخطاه فقام ببناء تنظيمات طلابية شبابية سرية بهدف مقاومة الاحتلال, وتمَّ القبض عليه ، وعلى رفاقه الصغار الكبار.. وحكمت عليهم المحاكم الإسرائيلية بالسجن الفعلي عدة سنوات.. وكنت فخورة بما ربيت..لقد فرض الاحتلال علينا واقعاً مريراً ، وتحديات ليست بسيطة، كل أم على وجه الدنيا تخاف على أبنائها من "نسمة الريح"كما يقولون فكيف إذا صغارها بين يدي هؤلاء الفاشيين المحتلين، ولكني كنت استمد شجاعتي من مصداقية مواقفنا ، وشرعية مطالبنا، وكنا وما زلنا على العهد باقون..{ هذا وطننا ، فليرحلوا عنا..}كنت مضطرة للقيام بدور الأب والأم معا، فالأب بين اعتقال وبين إقامات إجبارية ، وملاحقات ما كان ليستطيع أن يوفر للعائلة لقمة العيش دائماً..فوجدت نفسي أفتش عن مصدر دخل إضافي عله يساعد { بالرغم من تربيتي المدللة، وطفولتي الهنية} فالتحقت بورشة خياطة واشتغلت أجيرة في محلات تجارية..وبورش عمل في قطاف الثمار ، وحياكة الصوف ، وتعددت الأعمال، من أجل زيادة الدخل.. كلُّ ذلك لم يمنعني من الاهتمام بالأرض التي نملكها والاعتناء بها لتوفر لنا مزيداً من الدخل ، لتأمين احتياجات الأولاد ...{فعلا كانت أيامنا مريرة وصعبة وقاسية جدا} إلى أن كبروا و بدؤوا يحملون معي عبء الحياة..ومع هذا لم انقطع عن ممارسة نشاطي الاجتماعي، وممارسة "شعائري" المفضلة فكنت اقتطع وقتا لا بأس به للقراءة والمطالعة والدراسة وتثقيف نفسي كوني حرمت__مثل أكثرية بنات جيلي من النساء __حرمت من متابعة تحصيلي العلمي .فقرأت كتباً في السياسة، والأدب، والفن، والتربية، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، الخ!!! وهذا جمع عندي تحصيلا ثقافيا لا بأس به، خولني الكتابة في المجلات والجرائد التي تصدر في فلسطين المحتلة, فلم يكن في الجولان بعد لا إصدارات ولا مواقع ولا أي مجلات،وكان لي شرف الحصول على جائزة إبداعية من مؤسسة الا لسوار (عكا) وذلك عن مقالات وخواطر نشرت في العديد من الصحف :الاتحاد حيفا__كل العرب الناصرة___و البيادر السياسي القدس المحتلة__والقدس العربي __ وفلسطين الثورة الخ؟!! وان لم يكن الإنتاج غزيرا لكنه كاف لمن كانت تحمل ثقل الهموم ، وعبء المسؤوليات مثلي،ولعله من المفيد أن أشير إلى أمر ذو أهمية خاصة بالنسبة إلى : الحركة النسوية في الجولان المحتل و أقصد مبادرتنا (مجموعة من النشيطات الواعيات_من الأربع قرى إلى تأسيس لجنة نسائية عام(1982) هدفها الاعتناء بشؤون المرأة الجولانية في تلك القرى المحتلة،أقمنا فعاليات عديدة وأصدرنا مجلة ونظمنا محاضرات ودورات تربوية، وتثقيفية،ومهنية، وأقمنا روضة للأطفال كلُّ ذلك بمجهودنا الشخصي ومن دخلنا الخاص وتبرعات الأهالي الكرام(لم يكن وقتها يوجد روضات في الجولان) لكن للأسف الشديد لم يكتب لها البقاء الطويل بسبب هجوم السلطة المحتلة علينا وملاحقتنا..يسرني أيضا أن أشير أني كنت الرائدة في فتح مجال التعليم العالي للفتيات، فشجعتهنَّ للسفر للخارج لتحصيل العلم(كانت بوقتها سلطات الاحتلال لا تسمح لهنَّ بدخول الجامعات الإسرائيلية إلا لتعلم مواضيع بسيطة) وما كانت تسمح لهنَّ بالذهاب للوطن، وهو الأمر الذي عرضني لحملة ضغوط شديدة وصلت حد المقاطعة الاجتماعية من جهات رجعية، وجهات لا تؤمن بضرورة تعليم الفتاه وخاصة خارج بلدها، (وصمدت وثابرت على موقفي) فكنت أعمل وأوفر لهنَّ ما يحتجن إليه من مصروف لأن زوجي خرج من السجن بوجع كبير في ظهره منعه من العمل..(على فكرة لقد تلقوا تعليمهم في جامعات الاتحاد السوفييتي سابقا) وأنا قد نلت تكريماً من اللجنة النسائية السوفيتية ولا زلت احتفظ بشعارهم إلى اليوم.. وذلك بسبب مواقفي النضالية وبسبب اجتهاد أولادي وسمعتهم الحسنة .. وأشير أيضا: بالرغم من كل ذلك لم أقلع عن التفكير بمتابعة تحصيلي العلمي وما زال الأمل يحدوني أن أتمكن يوما من نيل شهادة جامعية ، وقد انتسبت مؤخرا لدورة تعليم انكليزي ..علني أوفق بالالتحاق بجامعة مفتوحة، أو يفتح لي الوطن بابه للتعليم في جامعاته ..وأخيراً تبقى أمنيتي الأولى والأكبر والأهم والتي من أجلها كانت كل التضحية : أن يأتي ذات يوم ، ونخرج من بيوتنا، لنرى أعلام وطننا ترفرف شامخة فوق ربى الجولان كل الجولان.. وإنه ليوم قريب بإذن الله.... | |
|