ما ينتظر الغرب في حربه على داعش: مقاتلون عقائديون ومتمرسون خبراء عسكريون يؤكدون أن مواجهة 'داعش' لن تكون نزهة لعسكريو التحالف كما يتوقعونها مشيرين إلى أن الخيار العسكري لا يكفي للقضاء على الإرهاب. العرب
[نُشر في 24/09/2014، العدد: 9689، ص(13)]
مقابل الهجمة الدولية المنتظرة تنظم الدولة الإسلامية صفوفها
القاهرة- رغم الخبرة العسكرية لـ“التحالف الدولي المفترض” الذي سيقوم بضرب عناصر الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، فإن المعركة المنتظرة على المستوى الميداني لا تنبئ بأنها سهلة أو سريعة كما تتوقع الأجهزة الاستخباراتية الغربية، رغم تحذير خبراء مصريين من هذا الاعتقاد.
حذر خبراء عسكريون مصريون من خطورة عدم وجود إستراتيجية دولية واضحة، حول مواجهة التحالف العسكري الدولي لميليشيات الدولة الإسلامية المعروفة باسم “داعش” في العراق وسوريا، واصفين المعركة بأنها لن تكون نزهة سهلة للقوات الدولية، نظرا إلى أن التنظيم يجيد حرب العصابات، وأصبح يمثل أزمة إقليمية متعددة الطبقات جغرافيا وسياسيا وعسكريا.
وكان ممثلون من نحو ثلاثين دولة حول العالم اجتمعوا في العاصمة الفرنسية باريس، وأجمعوا على تدمير تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا، حيث أعلنت عشر دول عربية الانضمام إلى التحالف، أبرزها دول الخليج ومصر ولبنان والأردن والعراق، حيث تنوّعت أشكال المشاركة العربية بين الدعم الاستخباراتي أو المالي أو تسهيل مرور المعدات العسكرية وتقديم التسهيلات اللوجيستية لقوات التحالف، وهناك تقارير تشير إلى إمكانية موافقة دول عربية على المشاركة في عمل عسكري مباشر ضد تنظيم داعش، ولكن حسب الخبراء العسكريين يُنظر إلى مشاركة الدول العربية على أنها رمزية في الغالب، لمواجهة ما يُسمى التدخل الغربي في الشرق الأوسط.
ليست نزهة - اقتباس :
- يرى بعض المراقبين أن الحرب على داعش سوف تعطي فرصة لهذا التنظيم في الانتشار والذهاب إلى أماكن أبعد من العراق وسوريا
“مواجهة تنظيم داعش لن تكون نزهة لقوات التحالف الدولي العسكري وطموح القضاء على هذا التنظيم تقابله عدة صعوبات” هكذا وضح اللواء حمدي بخيت الخبير العسكري المصري، إذ أن الهجوم البري على عناصر تنظيم داعش ليس بالمهمة السهلة، فالقوات الغربية بشكل عام والأميركية خاصة غير قادرة على تحمل الوضع الميداني لأمد طويل، فالمعوقات عديدة، لعل أبرزها المناطق الجغرافية الصعبة والمساحات الصحراوية الشاسعة التي تتحرك فيها ميليشيات التنظيم بسهولة، مما يضع عبئا إضافيا على القوات المشاركة غير المجهزة معرفيا بجغرافيا المكان، ناهيك عن التعامل مع حرارة الشمس في العراق وسوريا، فأميركا لم تستطع القضاء على تنظيم القاعدة إبان غزو أفغانستان تحت ستار الحرب على الإرهاب، بسبب الحرارة والمناطق الجغرافية الوعرة.
وعن مشاركة عدد من الدول العربية فإنها تعتبر أمرا ضروريا وطبيعيا وفق الإستراتيجية الأمنية العربية الشاملة ضد التنظيمات الإرهابية التي أعربت عن توخيها مجموعة من الدول المركزية العربية مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن، لأنها الأقرب إلى قذائف وتمدد داعش على حدودها، بالإضافة إلى أن مشاركة العرب تمثل ضمانا لمتابعة سير العملية العسكرية الدولية في العراق وسوريا نظرا إلى أن ساحة المعركة هي ساحة عربية بالأساس. ويشدد العديد من الخبراء على صعوبة المواجهة العسكرية مع داعش، نظرا إلى أن التنظيم يمتلك مرتزقة محترفين في فنون القتال من جنسيات مختلفة حول العالم.
إرهاب دولي يرى بعض المراقبين أن الحرب على داعش سوف تعطي فرصة لهذا التنظيم في الانتشار والذهاب إلى أماكن أبعد من العراق وسوريا. إذ من المتوقع أن ينفجر غضب التنظيمات الإرهابية حول العالم، خاصة وأن العديد من وكالات الاستخبارات العالمية تؤكد وجود خلايا نائمة في دول عدة خاصة الغربية (أوروبا وأميركا وأستراليا).
ويرى العميد طارق الزيات الخبير الاستراتيجي أن العديد من دول التحالف، فضلا عن غيرها من الدول، تتفق حول أن داعش تشكل مزيجا من التهديد الإقليمي والدولي رغم ما تسميه أميركا الحرب على الإرهاب، وبرر الزيات حديثه بأن تجربة الحرب على الإرهاب التي ابتدعتها أميركا إبان أحداث الحادي عشر من سبتمبر لم تؤتِ ثمارها بعد مرور ثلاثة عشر عاما، ويوضح أن إستراتيجية التحالف العسكري لم يتم وضعها حتى الآن، والحرب لا تزال غامضة في أهدافها الحقيقية والتوقيت الزمني غير المحدد.
وتابع: “هذا لا يمنع من ضرورة تكاتف العالم لمواجهة تهديد داعش، ولكن الحل هو تجفيف منابع الإرهاب ومواجهة الدعم المالي والعسكري القادم من بعض الدول، وأجهزة الاستخبارات لمثل هذه التنظيمات، وخلاف ذلك سوف يذكي التنظيمات المسلحة، وستتنوّع أهدافها وستلحق الأذى الإرهابي بكافة دول العالم”.
أميركا هي المشكل وليست الحل أصبح من شبه الثابت أن الولايات المتحدة الأميركية غير قادرة على ضمان الأمن في العالم باعتبارها “القوة الأكبر” دوليا كما تعتقد. فقد كان احتلالها للعراق سببا رئيسيا لحالة العراق المأسوية اليوم، ويدلل مرور الوقت أن إستراتيجية تعاطيها مع الثورة السورية جعل من هذه الثورة حربا أهلية مشفوعة بتغلغل الإرهاب في كامل المنطقة الآن. ويؤكد اللواء نبيل فؤاد مساعد وزير الدفاع المصري الأسبق أن “احتلال أميركا للعراق كان وراء استفحال التنظيمات الإرهابية داخل حدود هذه الدول، حتى وصل الحال إلى حرب جديدة لمحاربة ما يسمى بداعش”.
- اقتباس :
- أميركا قادرة بمفردها على إزالة تهديد هذا التنظيم إذا أرادت ذلك لكنها خلقت داعش من أجل الهيمنة على الشرق الأوسط
ويوضح مساعد وزير الدفاع المصري الأسبق أن الرأي العام العالمي يتساءل حول رغبة أميركا في قيام تحالف دولي لمواجهة تنظيم مسلح؟، وهل سيكون قادرا عسكريا على إلحاق هزيمة ساحقة ضد داعش؟
وقد كانت الإجابة أن أميركا قادرة بمفردها على إزالة تهديد هذا التنظيم “إذا أرادت ذلك، لكنها خلقت داعش من رحم تنظيم القاعدة، من أجل الهيمنة على الشرق الأوسط، وتحقيق رغبتها القديمة في ضرب سوريا، خاصةً بعد أن تورطت روسيا عسكرياً في أوكرانيا”. وبالتالي فقد وضعت واشنطن العالم أمام خيار وحيد، وهو الموافقة على التعاون معها عسكريا لمواجهة التهديد المسلح، وإلا سيكون البديل ترك الإرهاب على حدود الدول العربية، وهذا دليل آخر على أن الإسلام السياسي بشكل عام وخاصة التنظيمات المصنفة إرهابية هي حجة الغرب لتقسيم العالم إلى محاور وإخضاع كل القوى لرغبة الولايات المتحدة الأميركية. وفي سياق متصل يرى خبراء أن التحالف العسكري الذي شكلته أميركا انشغل بمواجهة العرض بدلا من مناقشة أسباب الأزمة التي يعيشها العالم جراء وحشية تنظيم داعش. إذ يبدو الأمر وكأن المسؤولين الغربيين يتصرفون على أنه ليست هناك مشاكل أخرى في العراق، أبرزها التدخلات الأميركية والإيرانية في بغداد سياسيا وعسكريا، والتي ستستمر بشكل أو بآخر خلال العقود القادمة، نظرا إلى غياب الجيش الوطني العراقي غير الطائفي، والذي يمكنه هزيمة المتطرفين والمسلحين مثل داعش.