ماذا بعد الثأر وبحور الدم وبوابات الجحيم ؟
د. عمران الكبيسي
البلاد البحرينية -الجمعة 15 أغسطس 2014-العدد2131
كتبت المقالة قبل أيام من تكليف السيد حيدر العبادي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة خلفا للسيد المالكي، وسأنشرها اليوم كما هي دون تغيير. يقول المثل"من جرب المجرّبَ حلت عليه الندامة، وقد قطعنا مع السيد المالكي ثمان سنوات وخضنا فيها تجاربه المميتة من صولة الفرسان، إلى ثأر الحسين، فبحور الدم، حتى وقفنا على بوابات الجحيم" التي توعد بفتحها على العراقيين إذا لم ينتخب رئيسا للوزراء دورة ثالثة، هو يفرض نفسه متفضلا بدلال "دلعوني مالكم غيري، بيعوا العراق واشتروا لي علكة" فأي تفاؤل بالمستقبل مع رئيس يُمنى شعبه بوعود كهذه، أيحسب المالكي أن أبواب جهنم لم تفتح بعد؟ ولم يذق العراقيون طعم الموت بالكواتم، ولا تنسموا رائحة شواء البشر بالتفجيرات، ولم نتجرع الاختناق تحت أنقاض البراميل المتفجرة، ولم نعرف الفتن الطائفية، ولا مداهمات المليشيات والاختطافات والمساومات، ولا الرشوة والسرقات، ولا القهر والتهميش، ولا الخلافات والأزمات، ولا الصراعات الطائفية والعنصرية المميتة، ولا الجوع والعطش، ولا الظلام والمرض، فما الذي بقي لم يشاهده العراقيون على زمن المالكي؟ صار المواطن الواعي ينادي بأعلى صوته، "عليّ وعلى المالكي يا داعش" ولا يدفعك إلى المر إلا الأمر منه".
نعرف المالكي إذا وعد بالخير أخلف وتنكر، وإن وعد بالشر خاصم وفجر، يحكى أن بدويا يمتلك معزة أراد بيعها في سوق الهيتاويين، فسأله احدهم عما إذا كانت غزيرة الحليب، فأجابه "بالحليب لا أمتدحها لك، ولكن بالنطاح يا سلام" والمالكي في الشطح والنطح فنان ممارس، ففي لسنة الأولى لولايته أطلق عام 2007 خطة "فرض القانون"، (الفوضى والتدمير) بدأها بعملية صولة الفرسان الانتقامية لتصفية وترهيب وتطويع وتركيع المعارضين من حلفائه في البصرة والناصرية والسماوة والديوانية وبغداد قبل الآخرين، وعرفناه في مجزرة الزرقة ببساتين النجف حيث سقط نتيجتها 200 قتيل من قبيلتي الحواتمة والخزاعلة العربيتين، وقالوا هؤلاء "جند السماء" متطرفون كالقاعدة، والله يشهد انهم زوار عزاء الحسين، لكنهم عقدوا صلحا مع إخوانهم في المنطقة بحضور هيئة علماء المسلمين فانتقم منهم بثأر الحسين، وكل الشواهد موجودة في اليوتب على الانترنيت لمن يريد الاطلاع. وحتى اليوم لم تعلن نتائج التحقيق الذي وعدنا به.
أما عمليات أم الربيعين فاستهدفت العرب المناهضين له في الموصل بحجة تفكيك تنظيم القاعدة، وليزيد النار حطبا وقع على إعدام الرئيس السابق صدام حسين خارج صلاحياته ونفذ الحكم بسرعة ليلة عيد الأضحى خلافا للقوانين ليلهب الحساسيات والحزازات الطائفية بلعبة قذرة، ولا اعتقد نحتاج إلى مزيد من الحديث عن مجزرة فك اعتصام الحويجة السلمي المتضامن مع المحافظات المنتفضة ضده في ابريل 2013م وسقط فيها نحو 150 شهيدا وجريحا من عشائر وقبائل الجبور والعبيد وشمر والدليم العربية فجرائم أخينا المالكي لم تستثن أحدا من المدن أو القبائل أو الطوائف. ومن ينسى اختطاف مليشياته 150موظفا بمديرية البعثات بوزارة التعليم العالي 2006 وقتلهم بمدينة الصدر ورمي جثثهم على المزابل، واختطاف 50 رياضيا أعضاء اللجنة الأولمبية المجتمعين في الكرادة، ولم تعلن نتائج تحقيقاتها هذه الحوادث المأساوية حتى الآن، ولا نستبعد ضلوعه شخصيا في تفجيرات الأحد الدامي والأربعاء المأساوي والجمعة الحزينة والسبت الأسود وهلم جرا،
أما الملفات الأمنية التي يعدها لمعارضيه ممن عاهدهم وشاركوه في العملية السياسية ومنها ملف النائب محمد الدايني مكتشف السجون السرية، المتهم بقتل 120 شخصا وحُكم بالإعدام لولا تحقيقات البرلمان الأوروبي التي برأته، وملفات الحكم على طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية بالإعدام أربع مرات، رفض الانتربول الدولي القبض عليه، والنائب عبد الناصر الجنابي، وعدنان الدليمي، العلواني، وزير المالية العيساوي وغيرهم، في الوقت الذي يغطى فيه جرانم أعوانه وسرقاتهم وفساد الوزراء من حوله كوزراء التجارة الكهرباء وآخرين كثر.
ونفذ المالكي وعوده لأهل الأنبار ببحور الدم حين فك اعتصام الحويجة ثم الفلوجة والرمادي، وحاصرهما ومنذ ثمانية أشهر والفلوجة ومدن الانبار تحت قصف المدفعية والبراميل المتفجرة ليسقط نحو 700 شهيد وألفي جريح ومليوني مهجر، فلا نستبعد ولا نستغرب ما هو أقسى من أبواب الجحيم، فقد احتكر لنفسه مسبقا وزارات الدفاع والداخلية والأمن، وقيادات القوات المسلحة والمليشيات، وكأني به أعد نفسه لهذا اليوم فجرائم عصائب الحق ومنظمة بدر وجيش المختار وقوات النخبة وسوات فاقت جرائم الموساد في الدهم والقتل والسلب ونهب وتهجير واغتيال المعارضين في بغداد والنجف وديالى وبابل والبصرة والناصرية والعمارة وما كان ليكون لولا غطاء السلطة التي يرأسها السيد المالكي وتجهيزاتها، لكن الله أكبر من كل كبير، وبإذنه تعالى سيفتح باب جهنم على نفسه ويحترق بناره ويرجع كيده إلى نحره أو يقتل نفسه بيديه. }وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ.{