إنْ نِمْتُ ليلي/ للاستاذ الشاعر الفلسطيني الكبير الزميل سعود الأسدي
--------------------------
إنْ نِمْتُ ليلي من الأَحْزانِ لم أُفِقِ
وإنْ أَفَقْتُ فما أغْفُو من الأرَقِ
وإنْ حُرُوفُ كلامي صادَقَتْ وَرَقاً...
جَرَتْ دموعي تُباريها على الوَرَقِ
والحِبْرُ إنْ جَفَّ ظَلَّ الدّمعُ مُنْسَكِبًا
حتى غَدَا وَرَقي يشكو من الغَرَقِ
يا ويلَ حالي !
أسَالَ الزّهرُ حُرْقتَهُ
دمعاً يُخالطُ دَمْعي لاذعَ الحُرَقِ
فلم أجِدْ ما يُواسيني سِوَى اُفُقٍ
غَطّتْ غيومُ دُجَاهُ أنجمَ الأُفُقِ
وحُمْرةُ الفَجْرِ قد جاءَتْ تُحَمِّلُني
هَمَّاً كما حمّلتني حُمْرةُ الشّفَقِ
كأنَّما الحُزْنُ أنْفاقُ الثَّرَى فإذا
قُلْتُ : انتهى نَفَقٌ أفضَى إلي نَفَقِ
أو أنّهُ مْثُلُ أطْباقِ الدُّجَى فإذا
عَبَرْتُ من طَبَقٍ غامَرْتُ في طَبَقِ
يا بَهْجَةَ الأُنْسِ !
يا مَنْ قد حَلَمْتُ بها !
ألم يَئِنْ أن تُزيلي وَحْشَةَ الغَسَقِ ؟
مُرّي بباليَ كما حُلْمٍ فَرُبَّتَما
حُلْمٌ يصيرُ جَمالاً غيرَ مُسْتَبَقِ
وَصَعِّري خَدّكِ الوَرْدِيَّ أَحْسَبُهُ
قِنْديلَ نارٍ مضيئًا مَيْلةَ العُنُق
والعِقْدُ في عُنْقِكِ العاجيِّ مُؤْتلِفٌ
مع التألُّقِ في إشراقةِ الحَلَقَ
وإنّ عَيْنيَّ من جُوْعٍ ومن ظَمَأٍ
لَبَّاهُما أَلَقٌ يَحْنُو على أَلَقِ
نَطَرْتُ حتى أراكِ الدّرْبَ عابرةً
وقد طَلَعْتِ طُلوعَ الليلِ بالفَلَقِ
مَرَرْتِ ليلاً ففاحَ العِطرُ من عَبَقٍ
وليس من عَبَقٍ يخلو من الشَّبَقِ
فإنْ مَرَرْتِ ولم تُلقِ السّلامَ على
مَنْ باتَ مُنْتَظِرًا لُقياكِ في الطُّرُقِ
فأنتِ تدرينَ أنّ الحُبَّ يعرِفُني
إنْ ضاقَ صبري فإني واسِعُ الخُلُقِ
وَأنَّ بي نَهْضَةً بالحُبِّ تَحْمِلُني
إليكِ حتى وإنْ لم يبقَ بي رَمَقي!