إعادة بناء الجيش العراقي تتعثر بنفوذ الميليشيات وزير الدفاع العراقي يقول إن بلاده تعيد بناء جيشها بعد كشف نقط الضعف، وسط غموض المقاييس الجديدة لاختيار المنتسبين. العرب
[نُشر في 07/01/2015، العدد: 9790، ص(1)]
خالد العبيدي: الفساد كان معولا ثقيلا نخر جسد المؤسسة العسكرية
بغداد - تواترت تصريحات المسؤولين العراقيين التي تحث على إعادة بناء الجيش ليكون قادرا على مواجهة التحديات الأمنية خاصة بعد أن فضحت الحرب على داعش تواضع إمكانياته وهشاشة تركيبته.
يأتي هذا في ظل حملة تشكيك في جدوى إصلاح المؤسسة العسكرية بتركيبتها الراهنة بسبب اختراقها من الأحزاب الدينية.
وأعلن وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي أن بلاده تعيد بناء جيشها بعد كشف نقاط الضعف التي كان يعاني منها، وبينها “ضعف الآداء وترهل القيادات وتولي العناصر غير الكفُؤة سلم القيادة، وقلة الانضباط وضعف التدريب وسوء الآداء وانفراط عقد الثقة الشعبية مع القوات الأمنية بشكل عام كانت أسبابا حقيقية للنكسة”.
وأشار العبيدي في كلمة بثتها قناة “العراقية” الحكومية بمناسبة الذكرى الرابعة والتسعين لتأسيس الجيش إلى أنه و”بعد قراءة الأسباب وتدارك عوامل الضعف واستنهاض عوامل القوة الكامنة وهكذا توكلنا (…) عامدين إلى بناء جيش بدءا من قمة الجيش وقيادته، واستبدالها بعناصر وقيادات وطنية كفؤة لم يلطخها الفساد”.
وأضاف أن الفساد كان “معولا ثقيلا نخر جسد المؤسسة العسكرية وبدد الكثير من ثرواته وأهدر فرصها في البناء السليم على شتى المستويات في التسليح والتجهيز كما في التدريب والإدارة والدعم اللوجستي”.
وقضية الفساد بالمؤسسة العسكرية لم تعد خافية على أحد في العراق، ولا تقف عند الصفقات الكبرى المشبوهة، أو الانتداب القائم على القرابة والولاءات الطائفية أو المسنود بالرشى والمحسوبية، فهناك رواتب تدفع إلى آلاف الأسماء الوهمية.
وهو ما سبق أن كشف عنه رئيس الوزراء العبادي نهاية نوفمبر الماضي حين تحدث عن وجود 50 ألف جندي “فضائي”، في إشارة إلى جنود وهميين مدرجة أسماؤهم في السجلات. وقال مايكل نايتس الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن الجيش العراقي “كان يستخدم كأداة للقمع قبل عام 2003، لكن الشيعة الآن ينظرون إليه باعتباره مؤسسة قوية صديقة للشيعة، ويعبثون به كما يشاؤون”.
مايكل نايتس: الشيعة يعبثون بالجيش العراقي كما يشاؤون
ويتكون الجيش العراقي اليوم من 40 لواء يصفها نايتس بالضعف، تشكل معا قوة تصل في مجملها إلى 48 ألف مقاتل، بينما تصل قوات وزارة الداخلية التي بقيت متماسكة إلى حد ما بعد المعارك مع داعش إلى 24 لواء مكونة من 36 ألف جندي.
وبالإضافة إلى قوات الجيش ووزارة الداخلية هناك قوتان رئيستان تتمثلان في: قوات الحشد الشعبي، التي يبدو أنها تضم أكثر من 100 ألف مقاتل، وميليشيا الحرس الوطني.
واستبعد خبراء عسكريون أن تنجح خطة العبيدي، ومن ورائه رئيس الوزراء حيدر العبادي، وهي خطة مدعومة خارجيا خاصة من الولايات المتحدة التي تدفع في اتجاه إعادة تشكيل هذا الجيش ليكون قادرا على حماية العراق وألا تضطر قواتها إلى العودة مجددا للدفاع عنه بعد قرارها بالانسحاب.
ولفت الخبراء إلى أن المشكلة الأولى التي تعترض مهمة الإصلاح هي غياب مؤسسة عسكرية بالمفهوم المتعارف عليه، وأن ما هو موجود هو عملية تجميع تمت بعد حل الجيش في 2003 وما بعدها لمنتسبي الأحزاب الدينية وأنصارها دون مراعاة للكفاءة والخبرة.
واعتبروا أن عملية التجميع اتخذت منحى طائفيا بعد أن بسطت الأحزاب الدينية هيمنتها على الحكومات المتعاقبة في فترة ما بعد الغزو، الأمر الذي انتهى إلى فقدان المؤسسة للعقيدة العسكرية ولمفهوم الولاء للوطن الذي أخذ مكانه الولاء للطائفة وتضخمت درجة الولاء لإيران كحاضنة للمرجعيات على حساب الولاء للعراق.
وانهار العديد من قطعات الجيش العراقي في وجه الهجوم الكاسح الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو وأدى إلى سيطرته على مناطق واسعة في البلاد.
وأجرى رئيس الوزراء حيدر العبادي وهو القائد العام للقوات المسلحة، في الأشهر الماضية تعديلات في الجيش شملت عزل ضباط كبار وإحالة آخرين على التقاعد. ويتساءل الخبراء عن المقاييس التي سيتم من خلالها بناء جيش جديد، وهل سيتم الاستغناء عن مكون طائفي كان مهيمنا لتعويضه بمكون طائفي آخر، وهل تكفي التدريبات الموعودة في الأردن أو في قواعد عراقية محمية أميركيا للقضاء على الاختراقات الطائفية وهل ستنجح في إنهاء النفوذ الإيراني بالمؤسسة العسكرية. ولا يبدي الخبراء والمحللون حماسا لنتائج هذا الجهد ما لم يتم تحييد الدور الإيراني في العراق، خاصة أن طهران لا تخفي دورها في تدريب ميليشيات الحشد الشعبي التي تكوّن جيشا وازنا مع الجيش الحالي، وأن أي محاولة لتغيير المشهد العسكري ستجد هذه الميليشيات كإحدى أبرز العوائق.