الحقائق المتحكمة بالصراع في وحول العراق / ٣ شبكة ذي قـارصلاح المختار
صَفحْنا عَنْ بَنِي ذُهْلٍ ... وَقُلْنا الْقَوْمُ إخْوَانُ
وعَسَى الأَيَّامُ أنْ يَرْجعْنَ ... قَوْمًا كَالَّذِي كَانُوا
فلَمَّا صَرَّحَ الشَّر ... فَأَمْسَى وَهْوَ عُرْيانُ
وَلَمْ يَبَقَ سِوَى العُدْوَانِ ... دِنَاهُمْ كَمَا دَانُوا
مَشَيْنا مِشْيَةَ اللَّيْثِ ... غَدَا واللَّيْثُ غَضْبَانُ
بِضَرْبٍ فِيهِ تَوْهِينٌ ... وَتَخْضِيعُ وإقْرَانُ
وَطَعْنٍ كَفَمِ الزِّقِّ ... غَذَا وَالزِّقُّ مَلاْنُ
وَبَعْضُ الْحِلْمِ عِنْدَ الْجَهْلِ ... لِلذِّلَّةِ إذْعَانُ
وفِي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِينَ ... لاَ يُنْجِيكَ إِحْسَانُ
الشاعر الفند الزماني ( قبل الإسلام ) ما الذي يترتب على ماسبق التذكير به من حقائق الصراع ؟
ان اخذ كل ما سبقت الاشارة اليه من وقائع وحقائق وظواهر في الوطن العربي عموما والعراق خصوصا وما تتبناه القوى الدولية والاقليمية من ستراتيجيات تصب كلها في نهر العداء للعرب ولو بدرجات مختلفة ، يفرض على كل انسان عربي ( وطني وقومي واسلامي وليبرالي ) يريد العيش بكرامة في وطن محترم ومحصن بقوة ابناءه وليس بقوة الاجنبي عدة التزامات ومواقف اذا لم تتخذ او يلتزم بها فان امتنا العربية تواجه حالة التفكك والزوال ، لهذا فان الموقف المطلوب يتجاوز الاحزاب والكتل والخصومات والثأرات السابقة مادام الجميع ينتظرون دورهم في الذبح الكامل من الوريد الى الوريد ومن يستثنى الان سيذبح حتما غدا هو وقطره وعائلته وهويته فما هي اهم الالتزامات الواجبة بحتمية لامفر منها ؟
1 - ان تقسيم وتقاسم العراق – وبقية الاقطار العربية - هو الهدف الستراتيجي الاعظم لكل من امريكا واسرائيل الشرقية ، وبينهما وفوقهما وتحتهما وفي قلبهما اسرائيل الغربية ، ولذلك وبسببه فان التعاون بكافة اشكاله بينهما لم يتوقف ولن يتوقف مهما احتج البعض من العراقيين والعرب .
2 - العملية السياسية التي فرضتها امريكا بالتعاون مع اسرائيل الشرقية لن تتغير ابدا الا بقرار من هذين الطرفين وهذا مستبعد جدا لانهما ليسا مثل بعض الحكام العرب ينسون ما قرروه بالامس ، لذلك فالخيار الاساس لتدمير العملية السياسية رهن بالقوة المسلحة للمقاومة العراقية ، واي مراهنة على تغيير من داخل العملية السياسية وهم خطير جدا اذا اعتمد بلا تحفظ او شروط واضحة جدا.
ولعل ابرز دليل على ذلك هو انه بعد 12 عاما على الغزو وصدور قانون اجتثاث البعث فان الحكومة الحالية وبقرار امريكي فارسي تعيد طرح ذلك القانون بصيغة اشد فاشية وعداء لشعب العراق مما يجعل اي مصالحة وطنية مستحيلا مادام اكثر من نصف شعب العراق مضطهدا بقوانين العزل والتجريم لعوائل خمسة ملايين انسان انتموا للبعث ، ومع هؤلاء عوائلهم التي جوعت حتى الموت ! ان العدد الوسطي للعائلة العراقية وهو خمسة اشخاص ولهذا فان من سيشملهم القانون الجديد هو اكثر من نصف الشعب العراقي . فهل العمل الحالي بقانون مثل هذا فيه اي اشارة لتغيير ستراتيجية ابادة ملايين العراقيين وتقسيم وطنهم ويدعم رأي من يقول بان المصالحة ممكنة ؟
والاخطر من كل ذلك هو ان القوات الفارسية وبمباركة امريكية واضحة تقوم بعمليات كبرى لتغيير سكان العراق في بغداد ومحيطها وديالى وسامراء فتقوم بتهجير العرب من مناطقهم واسكان اخرين محلهم من بينهم فرس قح جاءوا للزيارة لكن طهران امرتهم بالبقاء في العراق – من بقي يتجاوز عددهم المائة الف فارسي - واخذ قاسم سليماني يسكنهم في ديالى ومناطق بغداد وسامراء في الدور المصادرة ، اذ تصادر دور العراقيين واموالهم ويقتل منهم المئات اسبوعيا خصوصا الشباب في عمل مستنسخ من التجربة الصهيوينة في فلسطين المحتلة لاجل افراغ مدن العراق من العرب السكان الاصليين والشرعيين لتلك المدن والقرى ! فاين فرصة المصالحة الوطنية وتواصل دعم العملية السياسية من قبل من يشتركون فيها ويقولون انهم ضد ما يجري ؟
3 - ان عمليات التهجير المنظمة للسكان العرب الشرعيين والاصليين التي تحدث في العراق وسوريا وستحدث في اليمن قريبا – اذا لم يلجم الحوثي بسرعة - ليست عمليات تغيير مؤقت لمواقع اقامة السكان المهجرين ، كما قد يظن البعض ، بل عمليات ستراتيجية هدفها النهائي تغيير الهوية السكانية للوطن العربي ، او على الاقل لاغلب اقطاره ، لاجل التمهيد للتقسيم وفرض امر واقع ، ويشمل هذا التهجير الملاييني الى خارج تلك الاقطار فالعراقيون والسوريون في الاردن واوربا وامريكا واستراليا وغيرها يقتضي المخطط ابقاءهم في مناطقهم الجديدة ودمجهم ومنحهم الجنسيات لاحقا .
ومن اللافت للنظر ان هذا التوجه تشجعه الامم المتحدة التي تنفذ خطة تسميها ( توطين اللاجئين ) العراقيين والسوريين بالضبط مثلما حصل قبل اكثر من نصف قرن للشعب الفلسطيني الذي وطّن في المنافي وبقي مهجرا اكثر من 60 عاما ، والان تجري عملية دولية لالغاء ( حق العودة ) رغم ان قرارات الامم المتحدة دعمته . وواجبنا كعرب هو التمسك بحق العودة لاكثر من اربعة ملايين فلسطيني والرفض التام للتوطين في ( الوطن البديل ) او غرب العراق او منافي بعيدة مثل استراليا وغيرها لان منع الغاء حق العودة الفلسطيني هو ضمانة لمنع توطين ملايين العراقيين والسوريين في المنافي ومنع التهجير الجماعي المتوقع للشعب العربي من اليمن وليبيا وغيرهما لاحقا .
اذن ما يجري الان اخطر من قتل جماعي وتهجير محدود لانه عملية كبرى لتغيير سكان الاقطار العربية خصوصا القريبة من الكيان الصهيوني لضمان امنه من جهة ولتوفير قواعد بشرية بلا هوية تخدم المخططات الامريكية من جهة ثانية . والاهداف متعددة من بينها تغيير الهوية السكانية العربية واحلال هويات فرعية او اجنبية مثل الفرس محلهم بالاضافة لدعم خطط اوربية وامريكية لتحسين الانجاب وايقاف تدهور نسبته الى الحد الذي يهدد بزوال شعوب غربية بعد نصف قرن .
4 - بعض المشاركين في العملية السياسية والذين يعتقدون بانهم تورطوا فيها وانها عملية هدفها تدمير العراق تمهيدا لتقسيمه مطالبون بالعمل الجاد والمنظم من اجل تقليل الهجمات التهجيرية - كحد ادنى - على العراقيين ورفض القوانين الجائرة تحت اي تسمية لانها كلها تصب في واحدا من اهم قوانين الاحتلال وهو اجتثاث البعث ، والذي يعني في الواقع اجتثاث العرب العراقيين – بعثيين وغيرهم - والذيم يشكلون اكثر من 85% من العراق . ان المطالبات الجادة والدائمة بعدم السماح بحرمان اي عراقي من مصدر رزقه هو وعائلته او تهجيره من بيته ومنطقته ومدينته قسرا هو الواجب الاساس لمن يقول انه يريد التعويض عن اخطاءه او انه يريد خدمة العراق . اذا فعل هؤلاء ذلك فهم يعدون من بين العراقيين الذين رفضوا الظلم وتقسيم العراق . وحتى لو اقتصر دور هؤلاء على طرح المواقف واثارة الجدل حولها فهي تخدم هدف تثبيت انه حتى داخل البرلمان في ظل الاحتلال الفارسي الامريكي ارتفعت اصوات ترفض وتكشف سياسات معادية للشعب .
5 - ان فك الارتباط بين امريكا واسرائيل الشرقية مستحيل من دون توجيه ضربات مدمرة لنغول الفرس والوصول الى تحييدهم . بتعبير اخر ان تجريد امريكا من القدرة على استخدام الفرس ونغولهم في العراق هو مفتاح النصر ، فامريكا بدون التدخل الفارسي العسكري المباشر وبدون نغول الفرس لا امكانيات ستراتيجية لها في العراق ، بعكس المقاومة العراقية التي تملك مفاتيح العراق الجماهيرية وغيرها ، ولذلك فمن يريد اقناع امريكا بتغيير موقفها تجاه العراق وفلسطين واليمن وسوريا والبحرين ولبنان وليبيا عليه اولا ان يدعم المقاومة العراقية من اجل تجريد امريكا من اكبر واخطر احتياطياتها الستراتيجية في المنطقة وهي قدرات اسرائيل الشرقية المالية والعسكرية والبشرية وتنظيمات نغول الفرس : قوات فيلق القدس وحزب الدعوة وامثاله في العراق وجمعية الوفاق في البحرين والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان . هذه قوى تشكل خيول طروادة بالغة الخطورة داخل الوطن العربي ويجب انهاءها واعتبار تلك المهمة هي مهمة الوجود العربي كله .
6 - من الضروري تجاوز عقد الثأر والصراعات الثانوية السابقة بين القوى الوطنية العراقية بكافة ايديولوجياتها الوطنية والقومية والاسلامية وعقد تحالف متين هدفه مواجهة العدو الاشد خطورة لجميع العراقيين وهو اسرائيل الشرقية ، اما البقاء اسرى لعقد الخلافات السابقة واستحواذ فكرة الثأر او الاصرار على افشال طرف وطني متمكن لمجرد النكاية به فهو مرض قاتل للعراق اولا ولصاحبه ثانيا لان الدور سيأتي عليه مهما طال الزمن وتجز اسرائيل الشرقية رأسه . المطلوب الان واكثر مما مضى توحد كافة العراقيين افرادا واحزابا ومنظمات وكتل من اجل دحر اسرائيل الشرقية ونغولها فذلك هو مفتاح النصر الاساس وبدونه لا نصر ولا انقاذ .
وفي هذا الاطار فان من بين اهم متطلبات النصر الحاسم كما اثبتت كافة تجارب الشعوب ماضيا وحاضرا هو عدم السماح باي شكل او طريقة بنسيان القاعدة الاولى للنصر وهي تجنب الانجرار الى معارك جانبية حتى مع عدو شارك في الاحتلال لكنه لم يعد يشكل خطر مباشرا على الثورة المسلحة وقد يستطيع اضعاف العدو الرئيس اذا حيد ، فلماذا مواصلة الطرق على رؤوس توقفت عن ممارسة دور خطير لاسباب شتى واثبتت الاحداث انها ليست مع اسرائيل الشرقية ونغولها ؟
الحكمة تفرض استخدام كافة الممكنات المتاحة من اجل دحر العدو الاكثر خطورة في هذه المرحلة الخطيرة ، لهذا فان تواصل الحملات الاعلامية والمماحكات مع اشخاص او كتل معينة لانها دعمت الاحتلال في بدايته ولكنها غيرت موقفها او صمتت وتوقفت عن الهجوم على القوى الوطنية يضر بالثورة ويجبر هؤلاء على التحصن بالعدو الاول وهو اسرائيل الشرقية عندما يجد ان كل الابواب مغلقة بوجهه في معسكر الشعب والثورة . لنتذكر مثلا بان الثورة الصينية قد سمحت لامراء النظام الامبراطوري الذي اسقطته بعد حرب دموية قتل فيها ملايين الصينيين بالانضمام الحزب الشيوعي الصيني وادخلوا دوات اعادة تأهيل لهم . نحن لا نطالب بضم هؤلاء الى صفوف المقاومة بل السماح لهم بلعب دور ولو ضعيف في عملية تدمير النفوذ الفارسي .
7 - ولكي تكون صورة الصراع في مرحلته الحالية واضحة وبلا تشويش لابد من التأكيد على انه تجري عملية كبرى لدفن اسرائيل الشرقية في العراق والنجاح الباهر في جر القيادات الاساسية للفرس المجوس الى العراق مع قوات فارسية هو عمل وفر للمقاومة العراقية الفرصة التاريخية لاغراق اسرائيل الشرقية في مستنقع العراق حتما بعد اكمال عمليات تصفية رجالها في العراق واجبارها على تخصيص موارد مالية مع انها تقف على حافة الانهيار المالي . فتواصل جر جيش الفرس المجوس الى العراق واجباره على خوض معارك مكلفة بشريا وماليا هو احد اهم مفاتيح النصر الذي يدفع اسرائيل الشرقية الى انهيار مدوي وحاسم من حافة قمتها الحالية . وهذه الحالة تصلح لليمن وسوريا فبقدر النجاح في اجبار الفرس ونغولهم على التوسع والغزو نقترب من تصفية الاحلام الامبراطورية لاسرائيل الشرقية .
لا حياة لنا ولا مستقبل الا بتحطيم عرش كسرى فعندما تفاقم خطر كسرى وتحالف مع الروم ضد العرب حطم عرشه في القادسية الاولى وبقي العرب في شبه امان لحوالي 14 قرنا ، ولكن كسرى الجديد ( خميني ) اعاد تجسيد الخطر الفارسي المجوسي بطريقة فاعلة وخطرة وبدأت كوارثنا تترى وتتناسل ، في قادسية صدام كسر انف كسرى واجبره العراق على تجرع سم زعاف وبقي مهزوما عشر سنوات الى ان عاد ملوك الروم ( البوشان الاب والابن واوباما اخر اباطرة الروم ) ، مرة اخرى لتمكين كسرى الجديد ( خامنئي ) من معاودة غزو العراق وتقديمه هدية له على طبق من ذهب .اذا اردنا الخلاص لعدة قرون فيجب تحطيم عرش كسرى مرة اخرى وقبل كل شيء ، اما اذا اردنا ان نعيش بامن وسلام الى الابد فيجب اجتثاث جذور صنع عرش كسرى .
Almukhtar44@gmail.com
٢٩ / كانون الثاني / ٢٠١٥