الإيزيديات.. السبي على منهاج داعش الناشطة الحقوقية نارين شمّو تنتقد في تصريحات لـ'العرب' الحكومة العراقية لعدم امتلاكها مخططات لتحرير رهائنها الذين تختطفهم داعش. العرب
مصدق عبدالنبي [نُشر في 08/02/2015، العدد: 9822، ص(20)]
إدانة دولية واسعة لجرائم الدولة الإسلامية في حق الإيزيديين
بغداد – تعيش نساء الأقليات العراقية عموما والنساء الإيزيديات خصوصا في وضع معقد منذ استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة من شمال العراق، وبالرغم من تحقيق تقدّم ملحوظ في عمل التحالف الدولي والقوات الكردية على الأرض فإن واقع الأقلية الإيزيدية لا يزال صعبا مع الكشف عن مقابر جماعية تضمّ جثثا لأطفال ونساء في المناطق التي انسحب منها مقاتلو التنظيم.تتحدث تقارير صحافية وميدانية وعدد من النشطاء عن قيام تنظيم داعش المتطرف بارتكاب جرائم بشعة في معظم المناطق التي وقعت تحت سيطرته في كل من سوريا والعراق، ومن بين تلك المناطق الأكثر تضررا منطقة سنجار غرب الموصل بعد سيطرة التنظيم المتطرف على معظم أجزائها والتي تقطنها أغلبية من الكرد الإيزيديين منذ الثالث من أغسطس من العام الماضي.
وقام مسلحو التنظيم المتطرف بقتل الآلاف من الإيزيديين المدنيين وخطفهم إضافة إلى سبي المئات من نساء الأقلية وبيعهن في أسواق أنشئت لهذا الغرض بالموصل وسوريا.
وتؤكد الناشطة الحقوقية والصحافية العراقية نارين شمّو لـ "العرب" أن أكثر من 5000 مختطف من الأقلية الإيزيدية غالبيتهم إناث وأطفال محتجزون لدى داعش، إضافة إلى نحو 300 امرأة شيعية.
وتشير شمّو إلى أن عمليّات السّبي والخطف التي يقوم بها التنظيم الوحشي تستهدف بالأساس النساء الإيزيديات والشيعيات وعددا من المسيحيات اللائي تم الإفراج عن أغلبهن في وقت سابق.
وتذهب تقارير ميدانية إلى أن التنظيم يقوم في الوقت الراهن بتدريب نحو 1500 طفل إيزيدي لإلحاقهم بصفوف مقاتلي التنظيم الإرهابي.
وقالت بشرى العبيدي عضو المفوضية العليا المستقلّة لحقوق الإنسان في العراق مطلع الأسبوع الماضي “إن أعداد الناجيات من النساء الإيزيديات اللاتي اختطفن في أغسطس الماضي في الموصل من جانب “داعش” ارتفع إلى نحو 400 ناجية وغالبيتهن يتواجدن حاليا في إقليم كردستان”.
نارين شمو: الناجيات ككافة عوائلهن يعشن في المخيمات وهياكل البنايات غير المكتملة، ظروفا قاسية ويفتقرن إلى كافة مستلزمات الاندماج والتأهيل
والإيزيديون هم مجموعة دينية يعيش أغلب أفرادها قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق، ويقدر عددهم بنحو 600 ألف نسمة، وتعيش مجموعات أصغر في تركيا وسوريا وإيران وجورجيا وأرمينيا.
وبحسب باحثين تاريخيين، فإن الديانة الإيزيدية من الديانات الكردية القديمة، وتتلى جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينية باللغة الكردية.
إلى ذلك تؤكد شمّو أن عدد من تم تحريرهم بطرق مختلفة سواء بعمليات الشراء أو بالهروب قد تتجاوز 700 وأغلبهم من النساء والأطفال و كبار السن.
وتضيف شمّو أن “المنظمات والنشطاء العاملون في مجال تحرير المخطوفين لا يتلقّون دعما رسميا من الدولة باستثناء تخصيص حكومة إقليم كردستان العراق مكتباً لدعم عمليات التحرير، كما أن المبالغ التي يتم دفعها مأتاها في الغالب من متطوّعين محليين.
ويقوم عدد من النشطاء الإيزيديين بتحرير المخطوفين بدفع فدى أو أموال يطلبها وسطاء بينهم و بين التنظيم. وتؤكد شمّو عدم تلقيهم أي دعم خارجي في هذا المضمار.
ولم تخف شمو خشيتها على حياة بقية المخطوفات لدى التنظيم الإرهابي عند القيام بعمليات تحرير لبعضهن، وحمّلت الدولة مسؤولية تحرير مواطنيها وعدم إلقاء العبء على نشطاء مستقلين.
وفي نهاية شهر يناير الماضي كشفت مصادر رسمية وأخرى عسكرية في قضاء سنجار عن العثور على مقبرة جماعية تحوي رفات 25 شخصا بينهم نساء وأطفال من الطائفية الإيزيدية قضوا على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”.كما عثر مؤخرا على مقبرة ثانية في منطقة حردان، الواقعة في سنجار، ومقبرة ثالثة وسط القضاء الذي ما يزال قسم منه تحت سيطرة المتطرفين.
وفرض التنظيم المتطرف سيطرته على قضاء سنجار، المعقل الرئيسي للإيزيديين حيث يعيش حوالي 300 ألف نسمة، بعد هجمات متلاحقة أعقبت سيطرته على مدينة الموصل في 10 يونيو 2014.
وتؤكد شمّو أن الوضع الأمني لا يزال على حاله رغم رحيل حكومة نوري المالكي على أن أجزاء واسعة من مناطق الأقليات العراقية مازالت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي.
وقد سيطرت “الدولة الإسلامية” على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه ووسطه، بينها تلك التي تشكل معاقل تاريخية للأقلية الإيزيدية.
تعاني الإيزيديات الناجيات من سجون التنظيم المتطرف من عدم قدرتهن على إعادة التأقلم والتكيف مع وضعهن الجديد
والإيزيدية، هي ديانة قديمة نشأت في بلاد ما بين النهرين منذ أكثر من أربعة ألاف عام. ويقول أتباعها إنها أقدم ديانة في العالم وتجد جذورها في الزردشتية. وقد اختلطت على مرّ الزمان بالمسيحية والإسلام واليهودية وغيرها من الأديان.
ووفقا لتقارير منظمات حقوقية دولية تتعرض المخطوفات الإيزيديات لمختلف أصناف التعذيب على يد مسلحي داعش بما في ذلك الاغتصاب وغيره من أشكال العنف.
ويعتبر تنظيم “الدولة الإسلامية” أن استعباد الأعداء وإجبار نسائهم على الزواج من مقاتليهم تطبيق لأحكام الشريعة، وذلك بحسب بيانات تتناقلها مواقع جهادية على شبكة الإنترنت.
وتشير التقارير إلى أن عناصر التنظيم يجبرون المختطفات على الزواج كرها بعد القيام ببيعهن أو تقديمهن كهدايا لقادة التنظيم وأمرائه، وقد قام العديد منهن بالانتحار للهروب من واقعهن الجديد.
وتؤكد منظمات حقوقية عراقية أن “تنظيم داعش الإرهابي يقوم بتشغيل الفتيات الكبيرات كخادمات في بيوت أمراء التنظيم، أما الصغيرات فكن يوزّعن بين قادته وأمرائه ومقاتليه كسبايا”.
ولا تقتصر هذه الأعمال الوحشية، وفقا للتقارير نفسها، على البالغات فحسب بل تتعدّاها إلى صغيرات السن والمراهقات وتصنّف هذه الجرائم وفقا لقوانين دولية على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويقوم التنظيم بتخيير الرجال الإيزيديين، ما بين اعتناق الإسلام أو الإعدام وقد تم بث أشرطة فيديو كثيرة في هذا الغرض.
ويتحدر معظم هؤلاء النساء المخطوفات من منطقة سنجار شمال غرب العراق وتم استهدافه سكانها في ما يشبه موجة التطهير العرقي بهدف القضاء على وجود الأقليات الدينية والعرقية الموجودة هناك منذ آلاف السنين.
وتعاني الإيزيديات الناجيات من سجون مسلحي التنظيم المتطرف من عدم قدرتهن على إعادة التأقلم والتكيف مع وضعهن الجديد بعد مرورهن برحلة شاقة من المصاعب.
وتقول شمّو في هذا الصدد إن “الناجيات ككافة عوائلهن يعشن في المخيمات وهياكل البنايات غير المكتملة، في ظروف قاسية ويفتقرن لكافة مستلزمات الاندماج والتأهيل”، مؤكدة وجود جهود لفتح مراكز معايشة وتأهيل.كما أن الناجيات من ضحايا العنف الجنسي لا زلن غير قادرات على الحصول على مساعدة كافية على الرغم من شدة حاجتهن لها.
- اقتباس :
- 5000 مختطف من الأقلية الإيزيدية من بينهم 150 طفلا يتلقون تدريبات إرهابية لدى تنظيم الدولة الإسلامية
ويطالب النشطاء الإيزيديون في المنطقة حكومة إقليم كردستان والمنظمات الأممية ببذل جهود أكبر لمساندة الضحايا الناجيات من قبضة التنظيم وذلك بتوفير أدنى المقوّمات الصحية والنفسية لمساعدتهن على إعادة الاندماج في مجتمعهن. وتشير شمّو في هذا الإطار إلى غياب أيّ خطط رسمية من قبل الدولة لتحرير مخطوفيها لدى التنظيم وذلك من خلال زيارة أدّتها الناشطة الحقوقية رفقة زملاء لها في مبادرة “إيزيديون عبر العالم” إلى جهات رسمية عليا في الدولة.
وهاجم التنظيم المتطرف مناطق تواجد الإيزيديين في شمال العراق، لا سيما منطقة سنجار القريبة من الحدود السورية، في أغسطس 2014، ما دفع الآلاف منهم للجوء إلى جبل سنجار بعدما تعرض المئات من أقرانهم لعمليات قتل وخطف، واتخذت النـساء والفـتيات “سـبايا” و”غنائم حــرب”.
وأقر التنظيم بعد نحو شهرين بأنه منح النساء والأطفال الإيزيديين الذين أسرهم إلى مقاتليه.
وقوبلت المعاناة التي تعرض لها الإيزيديون بإدانة عالمية، وشكلت أحد الأسباب المعلنة لتشكيل الولايات المتحدة تحالفا دوليا يشن منذ أشهر ضربات جوية ضد مناطق سيطرة التنظيم في سوريا والعراق.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في أكتوبر الماضي إن التنظيم “يفخر حاليا بالخطف والاستعباد والاغتصاب والتزويج القسري وبيع آلاف من النساء والفتيات، بعضهن لا تتجاوز أعمارهن 12 عاما”.
وتتصدى قوات البيشمركة الكردية لتنظيم الدولة الإسلامية في مواجهات شملت مناطق واسعة في شمال العراق بعد انسحاب مفاجئ للقوات العراقية، وهي تلعب دورا أساسيا في الهجوم المضاد على التنظيم الذي أتاح بدعم من الضربات الجوية للائتلاف الدولي صد هجمات الجهاديين واستعادة العديد من المنــاطق.
ويشنّ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة حملة جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية بدأها في الثامن من أغسطس مع اقترابه من حدود إقليم كردستان ووسّع نطاقها في سبتمبر لتشمل مناطق سيطرته في سوريا المجاورة.
وقوبلت الهجمات الوحشية التي يديرها مقاتلو الدولة الإسلامية ضد الأقليات العراقية بإدانة دولية واسعة.