شهد فجر الثالث عشر من شباط عام1991 قيام مجرم الحرب بوش الأب بحرق ملجأ العامرية المدني في جريمة من أبشع جرائم العصر وان كانت ليست الأولى ولا الأخيرة كان المستهدفون رضعا ونساء وشيوخاً طاعنين في السن صغيرهم رضيع لم يتجاوز عمره السبعة أيام وأكبرهم سناً شيخ في الثالثة والتسعين لم يحرك ضميرهم ضعف طفل ولا عجز شيخ بل قاموا بجريمتهم النكراء بكل صفاقة وحقارة لم يرق إلى مستواها غيرهم ...!!!
... تم إنشاء ملجأ العامرية في منتصف الثمانينات مع عدد كبير من الملاجئ حماية للمدنيين أثناء الغارات الإيرانية أو الصهيونية على البلاد في بغداد على مساحة 550 متر مربع ويتكون من ثلاثة أدوار كل منها بمساحة 500 متر مربع وبجدران سميكة جدا ومصنوعة من الكونكريت ويتخلله عوارض حديدية وسمك كل سقف من السقوف التي تفصل الطوابق الثلاثة بعرض 1/5 أي واحد ونصف متر من الكون كريت المسلح بالعوارض الحديدية وسمك كل عارضة حديدية من 3 إلى 4 سنتمتر.
وهذه الجدران سواء السقوف أو الجدران الفاصلة بين القاعات سواء بالداخل أو الخارج مسقفة بجدران مزدوجة يستطيع الجدار الخارجي أن يمتصَ معظم طاقة الضربة المباشرة..و كذالك كل طاقة الضربة غير المباشرة.. حيث يمكن للجدار الثاني امتصاص ما يتبقى من طاقة الضربة المحتملة الأولى وحتى الثانية وبذلك لا يتأثر المدنيين المحتمين في تلك الملاجئ.. ورُسِمَ على أسطح تلك الأبنية علامات تشير إلى أنها ملاجئ مدنية بحجم كبير جداً بحيث يمكن رؤيتها بالعين المجردة من مسافات عالية من الجو لكي تتعرف عليهِ الطائرات المُعادية بسهولة فلا تقصفه تبعاً للأعراف والقوانين الدولية المتبعة.
كان الملجأ يستوعب حوالي 1500 شخصاً كما وُفرت فيه جميع الخدمات الصحية وأيضا قسم خاص للترفيه عن الأطفال.
لكن أمريكا قامت بجريمتها النكراء عن سابق علم أنه ملجأ مدني ففي تمام الساعة الرابعة والنصف فجراً من يوم 13 /2/ 1991 قصفت طائرتان من نوع أف 117 مزودتان بقنابل صنعت خصيصاً لمثل هذه العمليات من نوع جي بي يو 27 , والقنبلة من عيار ألفي رطل, نصف خارقة مقدمتها كتلة معدنية مخصصة لاختراق الأهداف الخراسانية , موجهة بأشعة الليزر , مع تشكيل من طائرات الحماية والحرب الإلكترونية المتقدمة لتصل إلى الملجأ وتطلق عليه صاروخين من خلال فتحة التهوية الخاصة بالملجأ , ليُحدِث الصاروخ الأول فتحة يمر من خلالها الصاروخ الثاني لإحداث ضغط في الداخل يُغلق الأبواب والمخارج, مما يمنع المحتمين من الهرب كما يمنع المنقذين من مد يد العون .
تم إخراج حوالي سبعمائة جثة محروقة أو بقايا جثث كما ظهرت أثار بقايا جثث محروقة ملتصقة بجدران الملجأ و لم يعثر على جثث الكثير من الذين دخلوا إلى الملجأ و فقدوا تلك الليلة و يعتقد أن الحرارة العالية جدا وشدة العصف أحالت جثثهم إلى غبار .
لم يُحدد عدد الضحايا بشكل دقيق لكن الروايات اتفقت على أنها تفوق الأربعمائة شهيد بينما يؤكد الباحث وشاهد العيان في نفس الوقت عبد الوهاب الدليمي أنه كان في أحد أيام الخفر في الملجأ كان لدينا سجل ندون فيه عدد الداخلين إلى الملجأ لذلك اليوم وقد دونت أكثر من 1200 شخص وهو ما يمثل 411 عائلة وهو الرقم الذي أخذ على أساس عدد الضحايا والصحيح هو أن هذا العدد يمثل عدد العوائل في داخل الملجأ "دورية العراق"
والدة الطفلة غيداء كان زوجها وأبناءها التسعة ضحايا محرقة الحرية الأمريكية في ملجأ العامرية
إن جريمة محرقة ملجأ العامرية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية ليست الأولى ولم تكن الأخيرة وليتذكر المتغنون بديمقراطية الغرب جريمة أمريكا و بريطانيا في تدمير مدينة "درسدن" الألمانية بتاريخ 13 فبراير 1945 فبينما استسلمت معظم القوات الألمانية المقاتلة في القارة الأوروبية والحرب تلفظ أخر أنفاسها شن الطيران الحربي الأمريكي والطيران الملكي البريطاني غارة جوية" مستخدمين ما يربو على الـ 1,300 طائرة مقاتلة وقاذفة على مدار يومين لإحراق المدينة وخلال يومين أحالت الطائرات المعادية مدينة "درسدن" إلى قطعة من الجحيم حيث استخدمت القيادتين الأمريكية والبريطانية قنابل النابالم والقنابل الحارقة "Incendiaries" المحرمة الاستخدام بالإضافة إلى ما يربو على الـ 3,300 طن من المتفجرات، نتج عنها احتراق مركز المدينة بشكل تام واحتراق الآلاف من الأبرياء نتيجة الحرارة التي وصلت إلى 1800 درجة فهرنهايت ، كما أدى الى امتصاص الأوكسجين الموجود في الهواء وهو ما أدى بدوره إلى اختناق آلاف أخرى من البشر.ولم يكتفوا بذلك بل فعلوا ما نراه يحدث كل يوم في فلسطين والعراق منعوا أجهزة الإنقاذ من مساعدة الضحايا فألقوا القنابل على عربات الإطفاء والإسعاف.وكان الختام متابعة المدنيين الفارين بالطائرات وقتلهم بالرشاشات الثقيلة وكل ذلك لنشر الخوف والذعر بين الناس إظهاراً لجبروتهم وقوتهم لا غير ؟؟!!! وما فعلوه في فيتنام وكوريا وفي مدينتي ناجازاكي وهيروشيما اليابانيتين وتدميرهما بعد إعلان استسلام اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية يؤكد ما ذكرناه سابقاُ.
ولعل اختيار اسم الصدمة والرعب لعملية غزو العراق في عام 2003م يدل على مدى انحطاطهم العقلي والخلقي فهم يرمزون إلى قتل الجميع مدنيين وعسكريين وكما قال المخطط الاستراتيجي للبحرية الأمريكية ومفكر الدفاع للبيت الأبيض والبنتاغون "هارلان أولمان " لقناة الـ CBS (سندمر كل شيء ونجعل الحياة غير ممكنة في بغداد).وهذا ما أكده مراسل ال بي بي سي جيرمي بوينغ" بأن كل ما شاهده هو جثث محروقة لنساء و أطفال و لم يشاهد عسكريا واحدا يخرج من الملجأ المحروق بعد ادعاء المصادر الأمريكية أنها قصفت مقراً للقيادة العسكرية العراقية.
وبالفعل قتلوا الجنود العراقيين الأبرياء أثناء انسحابهم من الكويت وقاموا"بتجربة ما سميت بأم القنابل أثناء الغزو" ، واستخدموا أسلحة تذيب البشر في موقعة المطار والقائمة تطول وتتوالى الصور والذكريات فمن صورة امرأة احترقت وهي ترضع طفلها على صدرها في ملجأ العامرية إلى جريمة إحراق الفلوجة وتحويل ملعب الكرة في المدرسة إلى مقبرة جماعية إلى صورة رسمها صاروخ الحرية الأمريكية بأشلاء امرأة حامل وجنينها على جدار ملجأ العامرية وتتلاحق الصور والذكريات والوقائع إلى جرائم يشيب من هولها الأطفال فتظهر الطفلة عبير التي يغتصبها الجنود الأمريكان ويقتلون والدها ووالدتها وأختها الطفلة ثم يقتلون عبير ويحرقونها ...
وتزاحم الصور فنرى مجزرة دير ياسين و قصف الأطفال في مدرسة بحر البقر بمصر إلى قانا في لبنان ... أي قوم أولئك أي بشر هم ومن أية عجينة خلقوا ؟؟؟!!! ولا زال مسلسل جرائمهم يمتد ويطول بطول امتداد تأثير إشعاعات اليوارنيوم المخصب الذي ضخوه على أرضنا ليمتد تأثيره من الصين إلى المغرب للقضاء على أمتنا العربية والإسلامية وآخر أفعالهم إثارة الفتنة الطائفية والعرقية في العراق ولبنان ومحاصرة غزة وتجويع أهلها وحادثة تفجير المنازل على سكانها في حي الزنجيل و محاصرة الموصل الحدباء رغبة في صدمة وترويع آخر. ونقول إن إعادة الأمريكان بعد الاحتلال الغاشم تدمير ما تبقى من ملجأ العامرية الذي حوله الحكم الوطني في العراق إلى مسجد ومتحف يرتاده أهالي الضحايا وغيرهم ومساعدة حكومة الاحتلال على نهب محتوياته لن يمحو أثار ما فعلوا فالتاريخ حي ويقظ ولن يرحم الطغاة والخونة.
ترى متى نفيق كأمة حُرة أبية ، ومتى ننهض إن لم يستفزنا ما يحدث فمتى .....؟؟؟!!
الثلاثاء / ١٩ صفر ١٤٢٩ هـ الموافق ٢٦ / شبـــاط / ٢٠٠٨ م |