ترانيم الجمال في أعمال الحاج الياسيني ، بقلم :أبو الحب
تاريخ النشر : 2010-01-22القراءة : 33
داء و دواء
يصح القول :
و داوني بالتي كانت هي الداء ..
فهذا ما انطبق علي اليوم ، و حيث أنكم أهلي و أحبائي في = دنيا الوطن= و انتم ( علتي و دوائي) ، أو كما وردت عنكم في قصيدة عامية سابقه :
يــــــا أهــل القـلم يا تقـبروني
منكم شفـت بالمنبر رعــــــايي
وقبل ما تسألوني و تحرجوي
انتــو عـــــلتي و فـيكم دوايي
بقصايـــــدكم يا أهلي كفنوني
إذا بوصل للحظــــات النهايي
الخ .. الخ ..
يبدو أن المثل الشعبي انطبق علي ( عمر الشقي بقي )، و لم تدق ساعة المؤقت ، و بقيت الروح في الجسد رهينه.. لذلك لجأت الى قصائدكم لصرف التفكير عن الألم الذي يصر على "زياراته الكريهة " لي ساعة يشاء و بدون استئذان أو مقدمات ، فغصت في أعماق قصائدكم و توقفت في مضافة الحاج المفضال الشاعر لطفي الياسيني كمقدمة لمقالات في أشعاركم كلما لاحت بارقة طيف و هذا ما كان .. مغتنماً فرصة الاضطرار للبقاء في المنزل ..
الشاعر الحاج لطفي الياسيني
امتلك ناصية الشعر فامتاز بقوة التراكيب وجذالة الألفاظ وبساطة العبارات... وازداد أصالة بالتزامه بخط الفكر الوطني و القومي العربي المتقدم، فكانت أعماله ترانيم جمال تـُمَوسِق الكلمات وتؤنسنها لتخلد وليتناقلها الناس بشغف.. ولتبقى في الأذهان راسخة، وهي المرتبطة أساسا بوجود الإنسان المادي فوق أرضه ، ارتباطها بقضايا الأمة من خلال رؤية فكرية تعبر عن الانتماء العظيم للشعب وللوطن...
اختار الحاج لطفي طريقه ووضع امكاناته كلها بتصرف أهله و الناس الذين أحبهم أراد خدمة بلاده من خلالها، ولم ينسَ نفسه وتوقه الى الشعر والكتابة، فتوفر يكتب ويصنف ويصدر الأعمال الشعرية اليومية التي ترضي ذوقه وتبرزه في عالم الأدب
اذكر و لا شك
في أوائل السبعينات صدرت في بيروت صحيفة يومية شعرية و استمرت خمس سنوات الى أن = قصفت الحرب الأهلية عمرها =، أسسها الراحل فاضل سعيد عقل و تولى رئاسة تحريرها الشاعر طانيوس الحملاوي و أسرة التحرير شعراء..(احتفظ الوالد بنسخ منها في مكتبته) و كانت صحيفة يومية سياسية اجتماعية تختلف عن باقي الصحف ، فكلها شعر ، حدث و خبر، المقال قصيدة، و التحقيق مسرحية شعرية . و هنا أعادنا الحاج لطفي في يومياته اليها..
شعبي و قريض
الحاج الطيب ليس غريبا عن الأدب الشعبي والفن الشعري بنوعية (شعبي و قريض) ، فهو صاحب حس فني متميز، يعشق الشعر والأدب كما نراه .. حافظ على رونق الكلمة في كل كتاباته وخواطره عامية و فصحى ، وحاز ثقة الوطن و أهله في فلسطين والوطن العربي، وقد وضح ذلك من خلال شهادات حق من القراء ، مدونة في صفحاته في منبر = دنيا الوطن = الذي اختار له أن يكون جريدة شعر يومية ، فتراه يقرا الخبر و ينقله إلينا بقصيدة شعر وهي تعبر عن حب وصدق ما يجيش في نفس كل من قرأ له ، وكانت خير دليل على قوة ومتانة موقعه الشعبي و الثقافي وقيمة أعماله الأدبية و الشعرية ، وهو الحصيف، المستحكم العقل و السديد الرأي...
قلمه حالم يسامر لعبة الخيال على حافة ليل خافت بين الصحو والاستغراق دون جنوح ، فائق من جلبة اللون، يتحدى الضوء برعشة من سنان ريشته الذهبية...
تعابيره بين الحب و الحسرة
تعابيره ومضات تجنح الى بوابات من الحب تعتصرها حسرة حارة في القدس ونهدة قلب تأصلت فنا وتأبطت ذراع حلم، نام هانئا بين الألوان القزحية الساحرة التي ينظر إليها من زاوية الإيمان المطلق، حيث يتمثل السحر والجمال والسمو، وحيث تبرز قوة إبداع الخالق الذي رسم الكون مداره وجعل فلسطين أرض رسله ، و فردوسه الأجمل والأروع في هذا الوجود اللامتناهي...
الدخول الى الذات
الدخول الى الذات يتطلب اغماضة عين واستراحة سمع لكل ما هو حي فينا.. تغمض عينيك فيأخذك الحلم اكثر وتنزح الى مطارح الشوق والسعادة لتبقى مع نفسك، تطهرها من بعض ما يعلق بها من ادران السياسة والبشاعة المتمثلة بالكذب والمخادعة واللعب على الحبال.. وتتلمس الشكل الذي لم يكتمل بعد، لكنه ممسوك ومحاصر في جوانيتك...
اعتاد الحاج الفاضل البحث والتنقيب عن الأجمل، وقد ألف هذا الصراع الدائم بين الفكر والعاطفة وبين القلم والقرطاس... بين ما هو ظاهر وما هو عمقي...
إنها حالة وجدانية عند لحظة الهروب من الخارج الى الداخل ، ثم الى الشمس ( الحرية) من جديد ليطير مع سحب السماء الى ما لا نهاية، وهو يحتمي خلف سر مموه ليس مكتوما... انه خيال مسافر فوق هبوب الريح يصب ألوانه في حقيقة لم تطأ قدماها ارض الواقع بعد.، فالوطن تحت الاحتلال ..
الوعي و الثقافة
الوعي الاجتماعي بالنسبة للحاج لطفي ( من قصائده) هو بلوغ الإنسان مستوى حضاريا يليق به وبوضعه، كمخلوق، له حق الحياة الحرة الكريمة في وطن، ينعم الاستقلال و بالحرية التامة، يحترم إرادة بنيه ويؤمن لهم ما يحتاجون إليه وما يقيهم من مصائب الدهر مهما كبرت... وصاحب الرأي المدرك، العاقل والحكيم هو الذي يحرر نفسه من عبودية النفس، والذي يبني البناء الصالح ويجتهد في إرضاء من حوله في كل الوطن المذبوح على خرائط السياسة و المصالح ، ويعمل على كبح جماح الأهواء والنزوات في سبيل خير الوطن وشعبه، ولا يقتصر هذا الوعي على أمر محدد، بل يتناول جميع أمور الحياة الاجتماعية والثقافية التي تعتمد في ثباتها التمسك بالحقوق الوطنية والتقيد بالواجبات، وهذا ما ينادي به الحاج لطفي ويعمل لترسيخه في القلوب والأذهان...
فلنقرأ قصائده في دنيا الوطن..
سلام الله عليك يا حاج ..